أطفال صلاح الدين.. في مدرستهم من جديد

عدسة عبد الرحمن | خاص عين المدينة

قصة حي صلاح الدين مع الثورة في حلب قصة قديمة، منذ بداية الحراك السلمي والتظاهر المدني، إذ كانت أكبر مظاهرات المدينة تتم في هذا الحي، قبل أن يتسع الحراك الشعبي وتتمدد البؤر الثورية إلى مناطق كثيرة. أما عندما دخلت حلب الحراك المسلح بشكل فاعل في رمضان الماضي، فقد كان هذا الحي من أوائل الأحياء المحررة التي عانت كثيراً من قصف قوات النظام، ومحاولاته المستميتة لاستعادتها. وقد قدم أبناء هذا الحي الصابرون الكثير من الشهداء والجرحى والمعتقلين في مراحل الثورة المختلفة. ومثلما كان في مقدمة الحراكين السلمي والمسلح، فإنه الآن في مقدمة خطوط الجبهات الساخنة. ورغم ذلك فإن عدداً كبيراً من أبناء هذا الحي لم يهجروه، أو عادوا إليه بعد النزوح. وها هم الآن يشاركون في ريادة أخرى شديدة الأهمية، وهي استعادة الحياة المدنية والخدمية والتعليمية.
وفي هذا الإطار يأتي افتتاح مدرسة "صقور الإسلام" في الحي، بتاريخ 27 نيسان الفائت، من قبل كادر تدريسي من أبناء الحي المنكوب، وبرعاية من ألوية صقور الإسلام.


مديرة-مدرسة-صقور-الاسلام

تقول مديرة المدرسة إن الكادر التعليمي تكوّن أساساً من المتطوعين الذين عملوا في المرحلة الماضية في "مدرسة ميدانية" في أحد المنازل لتدريس عدد محدود من الطلاب. ولكن ازدياد العدد عن طاقة المنزل دفع الكادر إلى التفكير بإعادة افتتاح إحدى المدارس المتوقفة عن العمل والتي سبق أن تعرضت للقصف. وبالفعل، قامت ألوية صقور الإسلام بترميم المدرسة وتجهيزها، بينما قامت المدرسات وعدد من الطلاب بتنظيفها.
ولدى سؤالها عن المنهاج الدراسي المعتمد أجابت المديرة: نحن ندرّس المنهاج المقرر من قبل وزارة التربية، والمعمول به في جميع الأراضي السورية، باستثناء مادتي التربية القومية والتاريخ، لأنهما تحتويان على رسائل النظام الفكرية وتمجيد رموزه. نحن نركز على مادة اللغة الإنكليزية لأنها لغة العصر، واللغة العربية التي يعاني الطلاب من ضعف كبير فيها، والرياضيات، بالإضافة إلى مقرر في التاريخ الإسلامي.
أما لجهة تقبل الأهالي لفكرة إرسال أبنائهم إلى مدرسة على خط الجبهة تقريباً، فقد قالت المديرة إن البعض يتخوّفون بالطبع من تجدد القصف، ولكن اللافت أن عدداً من الطلاب هم من يضغطون على أهاليهم لإقناعهم بالالتحاق بها. وهو ما يشجع على التفكير باستكمال صفوف المرحلة الإعدادية في العام القادم، بعد أن ضمت المدرسة هذا العام جميع صفوف المرحلة الابتدائية من الأول إلى السادس.وقد أبدى أحد الطلاب الذين التقتهم "عين المدينة" فرحته الشديدة بالعودة إلى الدراسة، وهو ما كان يحلم به منذ زمن، أثناء الظروف الصعبة التي مر بها برفقة أهله، متمنياً على الله أن يعجّل بنصرة السوريين.
وترى مدرّسة الصف السادس أن الطلاب متحمسون للعودة إلى الدراسة بالفعل، ولكنهم يعانون من نسيان ما سبق لهم أن تعلموه ـ إن كانوا قد تعلموا شيئاً مفيداً في مدارس النظام ـ بسبب مرحلة الانقطاع الطويلة وأيام القصف والنزوح. وهذا ما يدفع إلى اعتبار المرحلة الحالية مرحلة ترميم لمعلومات الطلاب وإعادة تأسيسهم قبل البدء بدراسة المناهج بشكل فعلي، إذ إن بعضهم بات يعاني من صعوبات حتى في القراءة والكتابة !
وعند سؤالها عن السبب الذي دفعها للالتحاق بالتدريس قالت إنها ترى أن من واجبها تجاه أبناء هذا النشء الوقوف إلى جانبهم، وتعليمهم مما سبق أن تلقته من علم، لا سيما بعد أن توقفت عن متابعة دراستها الجامعية حالياً، إلى أن يسقط النظام. أما السيد وضاح عبد الله، أحد قادة ألوية صقور الإسلام، فقد قال إن الألوية مسؤولة عن المدرسة من كافة الجوانب الأمنية والمادية، فهي تتكفل بدفع رواتب رمزية للمدرسات، بحسب الإمكانات المتوفرة. أما من ناحية الطلاب فالدراسة مجانية بالكامل، وحتى القرطاسية الشخصية للطلاب تم تأمينها، وبإمكان أي طالب استلام حقيبته ودفاتره وأقلامه من المدرسة.