وأخيراً، نال شبّيحة (مبادرة القرداحة عرين الأسد) أمنيتهم، بأن تشرفوا بلقاء أسماء الأسد. هم فتيةٌ من بضع العائلات القرداحية، يقومون منذ أشهرٍ، وبين حينٍ وآخر، بزياراتٍ إلى ذوي القتلى من جنود الأسد في ضيع قريبةٍ مثل بسين؛ عوينة الريحان؛ بكراما؛ بشلاما، يقدّمون خلالها معوناتٍ غذائية، وفي مرّاتٍ قليلةٍ بعض المبالغ النقدية. يشكك شبيحةٌ آخرون في أهداف هؤلاء الفتية، ويعلقون على صور أنشطتهم بعباراتٍ تخدش من كبرياء أيّ شبّيحٍ حتى لو كان سلمياً لم يحمل بندقيةً في حياته، ولم تضغط سبابته على زنادها لإرسال رصاصةٍ إلى قلب أحدهم. فلا تطاق تهمةٌ يطلقها معلقٌ مجهولٌ بأن تلك الأنشطة الخيرية هي تهرّبٌ من الالتحاق بالجيش أو باللجان، وبأن هذه الأعمال الوهمية - بحسب المشككين - لا يُراد منها إلا النهب. فمقابل كل ألف ليرةٍ تقدَّم لزوجة "شهيدٍ" تُسرق عشرة آلاف، كما تكتب شبّيحةٌ تسمي نفسها "الحقيقة الأسدية"، تحت صورة شاحنة سوزوكي صغيرةٍ تقف أمام بيت بائسٍ ليُهدى الى أمّ مقتولٍ صندوقٌ صغيرٌ حُدِّدت عليه المحتويات بالوزن والعدد (حلاوة؛ معكرونة؛ زيت؛ شاي؛ سكر؛ رز؛ متة). تعلق "الحقيقة الأسدية": "مقابيل كل كرتونة معونة بتنعطى لأم شهيد، عشر كراتين بتنسرق"، فيردّ مشرف الصفحة على هذه التهمة بالقول: "لك عيب عليكي يا حقيقة عيب، استحي على حالك واحترمي اسم الأسد اللي لازقة حالك فيه، ما راح رد، أخلاقي الأسدية ما بتسمح لي رد".
وعودةً إلى صورة الشبيحة الخيريين مع أسماء، التي ثُبتت في أعلى صفحتهم على موقع التواصل facebook كدليلٍ يعتزون به على وصولهم الى ذروة النجاح؛ يقف هؤلاء حول ملكتهم بما يشبه وقفة الاستراحة بعد الاستعداد، كأنهم عساكر يلتقطون صورةً تذكاريةً بجانب لواء، رغم ارتدائهم لباساً مدنياً يبدو موحداً وخالياً من الذوق، كما تخلو ابتساماتهم المفتعلة من المرح وتوحي بشيءٍ من الكلبية والبلادة. وتحت الصورة تلقى شبيحة المبادرة القرداحيون عشرات المباركات بتكريمهم هذا، وتمنياتٍ بأن يتشرفوا يوماً ما بلقاء سيدهم الرئيس.