عدسة أحمد | دير الزور
آثر الكثير من سكان الأحياء المحرّرة من مدينة دير الزور البقاء في بيوتهم، رغم القصف اليوميّ. فما سمعوه عن معاناة النازحين ـ الذين عاد الكثير منهم ـ دفعهم إلى تحمّل معاناة البقاء تحت نيران قوات الأسد، وتحمّل آثار الحرب الكارثيّة على مختلف جوانب الحياة، من خدماتٍ وصحةٍ وأمنٍ وتعليم.
والمشكلة اليوم هي انقطاع المياه عن أحياءٍ عدّة، ولأسبابٍ كثيرة. وقد أثارت هذه المشكلة لغطاً كبيراً، لتصبح حديث البلد وشغله الشاغل، ووصلت إلى حدّ قيام بعض الأهالي بالخروج في مظاهرةٍ لمطالبة المجلس المحليّ بحل هذه المشكلة، كما تم تقديم شكاوى من بعض السكان لدى الهيئة الشرعية بهذا الخصوص.
بدأت القضيّة منذ ثلاثة أشهر تقريباً، عندما انفجر أحد خطوط تغذية المياه الرئيسية في المدينة، عند بنك بيمو، لتنقطع المياه عن أحياء أبو عابد والشيخ ياسين والعرضي، والتي يسكنها ـ حسب إحصاءات المنظمات الإغاثية ـ قرابة 790 عائلة. وتلا ذلك بمدةٍ قصيرةٍ انقطاع المياه عن أحياء المطار القديم وكنامات، بسبب كسرٍِ في الأنبوب الرئيسيّ عند منطقة البدران. وبدأت ورشة المكتب الخدميّ في المجلس المحليّ العمل لإصلاح العطل، لكن دون نتائج ملموسة. فترى الأهالي يتجمّعون عند الصنبور يعبّئون المياه في الأواني تارةً، ويوصلون المياه بأنابيب تمتد لعشرات الأمتار تارةً أخرى. اقتداءً بأهالي منطقة مساكن الحزب، حيث المياه مقطوعةٌ منذ أشهرٍ طويلةٍ قبل تشكيل المجلس المحليّ، ولذلك قام السكان هناك بتدبير أمورهم اعتماداً على أنفسهم.
يقول أبو عمر، وهو من سكان حي العرضي: راجعتُ المجلس المحليّ مرّاتٍ عديدة، وفي كل مرّةٍ يتذرّعون بطريقةٍ مختلفة: سوف نقوم بالإصلاح.. الورشة تعاني من نقصٍ في الإمكانيات.. التيار الكهربائيّ مقطوع. وأنا معهم على هذا الحال منذ أشهر. خرجتُ في مظاهرةٍ مع أهالي الحيّ ضد هذا المجلس، وتقدّمنا بعريضةٍ لدى الهيئة. وإلى هذا اليوم لم يستجدّ أيّ شيء!
وحدّثنا المهندس ماهر العاني، مدير المكتب الخدميّ في المجلس المحليّ، مفصلاً عن هذه المشكلة، فقال: حدث الانقطاع بسبب كسرٍ في الشبكة عند بنك بيمو. والكلّ يعلم أن هذه المنطقة مرصودةٌ بقنّاصات النظام، لذلك من المستحيل القيام بأيّ إجراءٍ هناك. ونحن، في المكتب الخدميّ، لا نمتلك الخبرة الكافية لإصلاح شبكات المياه. وهذا ليس تقصيراً من قبلنا. وقد قمنا بالتواصل مع ورشة الإصلاح في مؤسسة المياه لكي يساعدونا على حلّ المشكلة، من خلال تزويدنا بمخططات الشبكة، أو باقتراح حلٍّ آخر، ولم نلقَ أي إجابة. لذلك قرّرنا جرّ المياه بواسطة أنابيب سطحية من منطقة الحميدية باتجاه الشيخ ياسين، ومن ثم حي العرضي، وباشرنا العمل منذ شهرين تقريباً. لكن المواد اللازمة للعمل غير متوافرة في الأسواق، ناهيك عن افتقادنا للآليات الثقيلة. ولحين حلّ المشكلة نقوم بتعبئة المياه للأهالي عن طريق سيارات الإطفاء.
أما رئيس المجلس، السيد مثنى العمر، فيقول إن المجلس ـ ورغم الإمكانيات الضعيفة ـ قام بالإعلان عن طلب تعهدٍ لإصلاح هذه الخطوط، وبعرضٍ مغرٍ، ولكنه لم يلقَ أيّ استجابة. والآن تفاقمت المشكلة لتشمل أحياء المدينة كلها، بسبب الانقطاع العام في التيار الكهربائيّ، إذ توقفت محطات المياه عن الضخ. ونقوم الآن بتشغيل سيارات الإطفاء من الصباح الباكر وحتى منتصف الليل لكي نقوم بتأمين المياه للأهالي.
ويقول أبو عبد الرحمن، وهو سائق إحدى الإطفائيات: نقوم بتعبئة المياه من منطقة الحسينية، لنعود بها إلى المدينة. وصهاريج الإطفائيات ليست بذاك الحجم الكبير، ولذلك علينا أن نخرج إلى الحسينية ونعود منها مراتٍ عديدةً في اليوم.
الجدير ذكره أخيراً، أنه بسبب كسر أنبوب المياه الرئيسي عند بنك بيمو، انقطعت المياه عن سكان حيّي دوار حمود العبد والمتحف، وهي من المناطق التي يسيطر عليها النظام. ولم تحلّ مشكلة المياه هناك حتى الآن أيضاً.