آلاف الحالات المؤكّدة للفشل الكلويّ والتهابات الكبد والسرطان سبّبتها الأدوية المستوردة من طهران
افتقرت الصيدليات السورية إلى العديد من الأدوية الفعالة والسليمة، مع لجوء النظام إلى حربٍ خفيةٍ ضدّ الشعب من نوعٍ آخر يختلف عن الكيماويّ والبراميل، تمثل بالاعتماد على أدويةٍ مستوردةٍ عبر خطوط الائتمان الإيرانية. وأوضحت بعض المصادر الطبية المطلعة أن الحرس الثوريّ هو من يقف خلف هذه الصفقات، لامتلاكه عدداً من معامل الأدوية التي لا تحظى بسمعةٍ جيدةٍ داخل إيران (منها معمل في بندر عباس وأصفهان) مما دفعه إلى تصديرها إلى اليمن وسورية. وعمل رئيس حكومة النظام وائل الحلقي ورئيس مجلس إدارة شركة "أبرار" الإيرانية القابضة، محمد تقي حسيني، على تمرير هذه الصفقات في النصف الثاني من 2012. وأشار مصدرٌ مطلعٌ إلى أن وزير صحّة هذه الحكومة آنذاك، سعد النايف، لم يكن راضياً عن هذه الصفقات التي مرّرت رغماً عنه، بتوكيل المهمّة إلى معاونته رجوة جيبلي، مما أدى إلى إقصاء النايف في أول تشكيلٍ وزاريٍّ لاحق.
وتستورد وزارة الصحة حالياً كامل احتياجاتها من أدوية التلاسيما من إيران. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أدوية معالجة التهابات الكبد والتصلب اللويحيّ والأدوية السرطانية وأدوية زراعة الأعضاء. والجدير ذكره أن غالبية هذه الأصناف توزّع بحصصٍ قليلةٍ لا تتجاوز، في كثيرٍ من الأحيان، خمس زجاجاتٍ من أنواعٍ محدّدةٍ للصيدلية الواحدة. وهي لا تفي بالغرض. وقد أصبح مرض الفشل الكلويّ من ضمن الأمراض المزمنة المتزايدة الانتشار التي يعانى منها السوريون، فوصل عدد المصابين به إلى ما يقارب 4200 مريضٍ في جميع المحافظات، وفق تقديرات اختصاصيين.
وكشف الدكتور (س، ب) لـ"عين المدينة" أن الدواء المستورد من إيران أوصل المرضى إلى الفشل الكلويّ، وأنه يقف الآن على علاج عددٍ لا بأس به منهم، بعد أن تقطّعت بهم السبل في المناطق الثائرة. كما أكد الطبيب إصابة العديد من الأطفال، ومن أعمارٍ أقلّ من 15 سنةً، نتيجة الاعتماد على مضادّاتٍ حيويةٍ مستوردةٍ من إيران أيضاً. أما المجموعات الدوائية التي زوّدت بها طهران القطاع الصحيّ في دمشق فهي: الأدوية المثبطة للمناعة immunosuppressive وتسمّى بالأدوية المقاومة للرفض، وهي تعطى للمريض زارع الكلى لتحدّ من عمل جهازه المناعيّ، وتمنعه من مهاجمة الكلية المزروعة، وبالتالي منع إتلافها أو تعرّضها للفشل. وتتكوّن هذه المجموعة من أدويةٍ مختلفةٍ منها: السيكلوسبوين cyclosporine، تاكروليمس tacrolimus، سيروليمس sirolimus، زاثيوبرين azathioprine، مايكوفينوليتmycophenolate ، بالإضافة إلى الكورتيزون ومنه البريدنيزونprednisone . وختم الدكتور بأن تناول الأدوية المستوردة من جهاتٍ غير موثوقةٍ أدّى بزارعي الكلى إلى إخفاق العملية وتدهور حالتهم الصحية، والمعاناة من الفشل الكلويّ من جديدٍ في نهاية المطاف.