بين فصائل غرفة حوار كلس مثّل "أحرار الشرقية"، الذين يتحدّر معظمهم من محافظة دير الزور، نموذجاً معبّراً عن تميّز المقاتلين من مناطق تحتلها "داعش" عن سواهم في المواجهات مع هذا التنظيم. إذ شكلوا دوماً رأس حربة المعارك ضده، في مجموعات الاقتحام الأولى، وتكبدوا الخسائر الأفدح. فقد بلغ عدد القتلى منهم في معارك ريف حلب الشماليّ (30)، بينهم القائد الميدانيّ للفصيل، فيما زاد عدد الجرحى على (60)، وهي أرقامٌ كبيرةٌ بين (250) مقاتلٍ هو مجموع عدد المسجلين في قوائم هذا الفصيل.
في الشهر الأول من العام الحاليّ أعلن عن تأسيس "أحرار الشرقية"، في واحدٍ من الأمثلة عن أثر الدوافع المحلية في التحولات التي تلحق بأجسام الحركات الرئيسية. إذ انفصل معظم مقاتلي هذا الفصيل الناشئ عن حركة أحرار الشام التي كانوا قد انضموا إليها في أوقاتٍ سابقة، قبل وبعد احتلال "داعش" محافظة دير الزور صيف العام 2014، وبعد أن حملوا السلاح أولاً في كتائب وألوية الجيش الحرّ، مثل ألوية الأحواز ودرع الأنصار والقادسية وغيرها.
ويبدو الملمح السلفيّ الجهاديّ، الذي اكتسبه بعض قادة أحرار الشرقية من حركة أحرار الشام، في طور تراجعٍ واضحٍ، وربما لم يبق منه إلا بعض الشكليات. ويعدّ هؤلاء القادة أنفسهم اليوم، كما المقاتلين، جيشاً حرّاً، يحملون أهداف الثورة، ويتحدثون وفق منطقها، مستفيدين من التجارب التي مرّوا بها خلال خمس سنوات تقريباً من انخراطهم فيها أولاً، ثم في تحولاتها المعقدة.