"عين المدينة" تحاور قائد تجمع "فاستقم كما أُمرت"

"عين المدينة" تحاور قائد تجمع "فاستقم كما أُمرت"

حاوره أحمد أبو زيد

مع مرور الأيام، حادت معظم الفصائل العسكرية في سوريا عن الخط الذي بدأت عليه عند تسلّح الثورة، وانجرفت مع التيار الذي حمل صبغة "إسلامية". واندفع الكثير من ثوار الأمس إلى النفور من وصفهم بـ"الجيش الحرّ" أو "الثوّار"، وأصرّوا على أن يُحسبوا "مجاهدين"، يرفضون رفع علم الثورة ويعدّونه علم العلمانية أو الائتلاف، واستبدلوا به راية تنظيم القاعدة أو راياتٍ أخرى تحمل عباراتٍ إسلامية.

ورغم أن الشمال السوريّ كان مُهيئاً أكثر من المناطق الأخرى لهذه الظاهرة، نظراً لقربه من الحدود التركية التي كانت بوابة دخول المقاتلين الأجانب، إلا أن حلب لا تزال على ثورتها الأولى، ولا زالت كبرى فصائلها تتخذ من علم الثورة رايةً لها وتفتخر بانتمائها إلى الجيش السوريّ الحر.

ومن تلك الفصائل تجمع "فاستقم كما أُمرت"، الذي يعدّ أحد أبرز الفصائل العسكرية العاملة في حلب وأقدمها. وفي الذكرى الثالثة لتأسيسه حاور مراسل "عين المدينة" في حلب قائده صقر أبو قتيبة.

بداية حبذا لو نتكلم عن تجمع فاستقم كما أُمرت؛ تاريخ تأسيسه والفصائل التي شكلته وإنجازاته العسكرية والجبهات التي توجد فيها مجموعاته؟

أُسّس التجمع بتاريخ 15/12/2012 من قبل تسعةٍ من كبرى الفصائل العسكرية العاملة في حلب. وانتخبت تلك الفصائل حينها الشيخ توفيق شهاب الدين قائداً لها قبل أن يتعرّض لمحاولة اغتيالٍ أصيب خلالها بجروحٍ وتنحى عن قيادة التجمع وتمّ انتخابي خلفاً له. كان الهدف من تشكيل التجمع هو توحدٌ فصائليٌّ على مستوى الشمال، كتوحدٍ فدراليٍّ وليس انصهاراً كاملاً، لتنسيق عملٍ كبيرٍ بدأ بعد حوالي عشرة أيامٍ من تاريخ التشكيل، استطعنا من خلاله تحقيق إنجازٍ وتقدمٍ على حساب قوّات النظام بالسيطرة على حيّ "الشيخ سعيد" الإستراتيجيّ وقطع طريق إمداد النظام الواصل بين مطار النيرب ومدينة حلب.

تمكنت قوات التجمع آنذاك من تحرير الحيّ بالكامل، وأسر عددٍ كبيرٍ من شبيحة النظام، واغتنام كميةٍ كبيرةٍ من أسلحتهم، بعد معارك استمرّت 12 يوماً. وبعدها واصلنا تقدّمنا وسيطرنا على عدّة نقاطٍ ضمن معركة "رصّ الصفوف"، التي شاركت فيها عدّة فصائل أخرى، ونتج عنها قطع طريق "خناصر" وتحرير تلة عبيدة وحجيرة وقرى أخرى في ريف حلب الجنوبيّ.

ومن أهم معارك التجمع أيضاً معاركه ضد تنظيم الدولة. إذ كان التجمع من أولى الفصائل التي قاتلت التنظيم ووقفت في وجه تجاوزاته بحقّ أهالي مدينة حلب وثوارها، وكان التجمع من ركائز "جيش المجاهدين" الذي تشكل أواخر عام 2013، قبل أيامٍ قليلةٍ من بدء القتال بين الثوار والتنظيم والنجاح في طرده من حلب وريفها خلال مدّةٍ قصيرة.

بعد فترةٍ من تأسيس التجمع أعلنت كتائب أبو عمارة انسحابها منه، وتبعتها في هذا القرار فصائل أخرى؛ ما هي أسباب انسحابهم؟ وهل أثر ذلك على التجمع من حيث القوّة أو التنظيم؟

رفضت كتائب أبو عمارة قتال تنظيم داعش لأسبابٍ خاصةٍ بها، ولذلك انسحبت من التجمع الذي كان -كما ذكرت- من أبرز الفصائل التي قاتلت داعش ضمن "جيش المجاهدين". وهناك فصائل أخرى تمّ فصلها، فبعد انتخابي لقيادة التجمع أصدرت قراراً بفصل بعض الفصائل غير الفاعلة، وهي درع الشهباء ودرع الأمة وأنصار الدين وفصيل ذو النورين، وتمّ ضمّ فصائل جديدة، وأعدنا توزيع الفصائل على شكل أفواج. وضع التجمع الآن أفضل بكثير. وهو موجودٌ على جبهات ريف حلب الجنوبيّ ضد النظام وميليشياته الطائفية، وأيضاً على جبهات قتال داعش في الريف الشماليّ، وعلى نقاط رباطٍ داخل مدينة حلب.

وُجّهت اتهاماتٌ للتجمع بالضلوع في تسليم بعض المطلوبين لتنظيم داعش، منهم القيادي أبو علي صليبة؛ ما هي حقيقة هذه الاتهامات؟

أبو علي صليبة كان أحد قادة كتائب التجمع، ووردت بحقه عدّة شكاوى واتهاماتٌ بالسرقة وتجاوزاتٍ أخرى. قمنا على إثرها بتوقيفه لدينا والتحقيق معه قبل أن نطلق سراحه ونعلن فصله من التجمع نهائياً على خلفية تلك الاتهامات. توجه هو بعدها إلى العمل مع فصيل خالد حياني، وداعش اعتقلته خلال تلك الفترة بتهمة التعامل مع الحياني.

ما هي الجهة القضائية التي يعترف بها التجمع؟ وما المحكمة التي تحيلون إليها المسيئين سواء من العسكريين لديكم أو من المدنيين؟

نحن نعترف بكافة الجهات القضائية التابعة للثورة السورية والمشهود لها بالنزاهة والمصداقية. أما المحكمة التي نحيل إليها قضايا المسيئين للبتّ فيها فهي مجلس القضاء الأعلى في مدينة حلب ومركزه في حيّ الأنصاري.

مؤخراً عادت من جديد ظاهرة الخطف في المناطق المحرّرة من قبل مجهولين، وكافة العمليات التي تمّت في حلب كانت تحمل بصماتٍ تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ بصمات داعش؛ دائماً سيارة لا تحمل لوحاتٍ يستقلها ملثمون يخطفون أحد الناشطين ثم يختفي؛ برأيكم من يقف وراء هذه العمليات؟

الجهة التي تقف وراء عمليات الخطف اليوم تحمل نفس فكر الجهات التي كانت تخطف بالأمس، فهم يعتبرون أنفسهم أصلح أهل الأرض ويحق لهم تكفير هذا ومحاسبة ذاك. أصبح معروفاً لدى الجميع من هي هذه الجهة ولماذا تفعل ذلك، إنهم يخافون من الناشطين والإعلاميين ويحاربون من يعارضهم من باب من ليس معنا فهو ضدنا.

أخيراً، هل وُجّهت إليكم دعوةٌ لحضور مؤتمر الرياض الذي عقد مؤخراً؟

نعم، وُجّهت دعوةٌ عامةٌ لكافة فصائل الشمال، بما فيها نحن كتجمع فاستقم، لحضور مؤتمر الرياض. اجتمعنا في تركيا واتفقنا على اختيار وفدٍ يمثلنا ذهب إلى الرياض ونقل صوتنا الذي كان يعبّر عن رأي الشارع الثوريّ بما لا يتعارض مع ثوابت الثورة السورية وتضحيات الشعب السوريّ.