ممدوح الأطرش: أنا مناضل.. أنا نجم وموهوب بالوراثة

ممدوح الأطرش من فلم يجسد فيه دور سلطان باشا الأطرش

"أنا الحقيقة.. يا ممدوح، بحبّك وبحترمك ومُعجب فيك" دُريد لحّام.

تنامى ظهور المخرج ممدوح الأطرش في مطالع الألفية الجديدة، مع وصول بشّار الأسد إلى السلطة عام 2000. فعلى الرّغم من تقدّمه في السنّ (ولد في العام 1945)، وبداياته المبكّرة في "عالم الفنّ"، لكن صعوده النسبيّ كمخرج لم يبدأ إلا ضمن ظاهرةٍ أوسع لصعود طبقةٍ جديدة من "الفنانين" تميّزت بافتقارِها للموهبة والكفاءة والكاريزما.

بعد محاولةٍ فاشلة لدراسة الأدب العربي في جامعة دمشق 1966-1967 سافرَ ممدوح الأطرش إلى مصر، وتخرّج من أكاديمية الفنون - المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة 1973. 

لم تنقطع زياراته إلى سوريا خلال دراسته، وكانت بداياته الفنيّة مع مطالع السبعينات، حين شاركَ كممثّلٍ هامشيّ في مجموعة من الأفلام التجارية في سوريا، مثل فيلم "امرأة لا تبيع الحبّ" قصة وسيناريو وحوار وإخراج إغراء. مُنع الفيلم من العرض في سوريا، ومن المُرجّح أنهُ واحدٌ من أعمالٍ كثيرة يحاولُ الأطرش تسويقَ منعها على أنّهُ كان ضمنَ حملات تهميشٍ مُتعمّدة طالت فنّهُ وأعماله، من دون أن نعرفَ سبب هذه الحملات المغرضة!

يستخدم الأطرش اسمِ عائلته العريقة، التي وصلت إلى جبل العرب مع بدايات القرن التاسع عشر واستطاعت بزعامة "إسماعيل الأطرش" جدّ العائلة في السويداء أن تنتزعَ حُكم المنطقة من آل الحمدان، فتوسّع نفوذُها عبر الغزوات، وتزايد عدد أفرادِها جيلاً إثر جيل، وتوزّعوا قرى وبلدات ومدن عدّة في محافظة السويداء. ذلك قبل أن نصلَ مرحلة الثورة السورية ضدّ الفرنسيين والتي قادها سلطان باشا الأطرش، الذي أرسى دعائم العائلة من خلال وقوفه إلى جانب المظلومين.

وعلى الرغم من أنّ المُخرجَ الذي وُلدَ في قرية عرمان جنوب غرب السويداء، ينحدرُ من فرعٍ بعيدٍ عن الفرع الذي ينتمي إليه كلّ من أسمهان وفريد الأطرش، إلّا أنّه يَعتبرُ نفسه قد ورث جينياً مواهبهما الفنّيّة، بل ويعتبرُ أن هذه المواهب المُتوارثة تمتدّ الآن إلى ابنتهِ الممثلة مروى الأطرش، التي تُقدّم نفسها ويُقدّمها الإعلام على أنّها حفيدة أسمهان، وتصفُها في مقابلاتها بـ "ستّي" رغم تباعد القرابة إلى حدٍّ كبيرٍ بينهما داخل عائلة الأطرش التي يُقدّر عدد أفرادها بالآلاف.

وبما أنّ الجينات ليست فنيّة فقط بل نضاليةً أيضاً، فقد حاولَ ممدوح الأطرش خلال سنوات حكم الأسد الابن على وجه التحديد، تعفيشَ اسمَ سلطان باشا الأطرش، إذ لا يني الممثلُ المغمور يذكُرُ سلطان متباهياً بأنّهُ أحدُ أحفادهِ، الأمر الذي لا يُمكنُ اكتشافُ زيفِهِ من قبل بقيّة السوريين والعرب، ولا مُبرّر أصلًا للتقصّي حول صدقيّته. وللمفارقة فقد أصدر ورثة سلطان باشا الأطرش في العام 2013 بياناً يُحذّرُ من تجسيدِ شخصيّة القائد العام في أيّ عملٍ سينمائيّ أو تلفزيونيّ من دون الحصول على موافقة خطيّة منهم.

حدث ذلك في أعقابِ إعلان ممدوح الأطرش أنّهُ سيقومُ بتجسيد شخصيّة الباشا، ما أثارَ سخطاً كبيراً في أوساط الدروز الذين قاد بعضُ نشطائهم حملةً بعنوان: "الوقوف ضدّ تمثيل ممدوح الأطرش لدور سلطان باشا الأطرش".

مثّلت الثورة السورية فرصةً مثاليةً لأصحابِ المواهبِ المحدودة والمكانةِ المُتواضعة كي يجدوا لأنفسِهم مكاناً يجعلهم في صدارة المشهدِ التي حلموا بها طويلًا، فكان ممدوح الأطرش واحداً ممّن انتهزوا تلكَ الفرصة، وسعى من خلال شبكة علاقاتٍ مشبوهةٍ عمادُها الوقوف إلى جانب النظام في حربه ضدّ السوريين إلى اكتسابِ حظوةٍ كان صعباً عليهِ أن يكتسبها من قبل. ولتسهيلِ تحقيقِ هذه الغاية أنشأ ممدوح الأطرش ما سُمّي "بمضافة وطن" في السويداء، بتمويل إيراني حسبما يقال، وكان دورُها المُعلن نقاش القضايا المعيشية في المحافظة وإجراء حوار عام بين كلّ فعاليّاتها التي تدعو إلى العودة إلى حضن الوطن.

وعلى أيّ حال فإنّ علاقةَ أحد أبطال مسلسل "الخربة" بالإيرانيين لم تكن مكتومةً أو سريّة، فقد كانت تلك المضافة من بين الأماكن التي تقصدُها الوفود الإيرانية أو الموالية لإيران في زياراتها للمحافظة. فمن خلال مراجعة سريعة لصفحة ممدوح الأطرش على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أو لصفحة المضافة نفسها، ستظهر صور متكررة تجمعهُ برجالِ دينٍ شيعة من إيران ومن العراق، أو رجالِ دينٍ متشيّعين مثل "السيد" فادي برهان ذي الألقاب الكثيرة، ناهيك عن المشاهد الفلكلورية التي تحفلُ بها "مضافة الوطن" خاصّة المخرجِ التنويري، الذي قيلَ في وقتٍ من الأوقات أنهُ يسعى لتشكيلِ فصيلٍ مسلّح في السويداء. وقد أثمرت مواقفُ وعلاقات المخرج أخيرًا بدخولِ شقيقهِ الدكتور نشأت مجلس الشعب في دورتي 2016-2020.

 في لقاء عُرض مؤخراً على قناة الميادين المقرّبة من حزب الله، ضمن برنامج "بيت القصيد" الذي يُقدّمهُ الإعلامي زاهي وهبي، قال الأطرش: "الفنان هو في رأيي مرآة عاكسة لمجتمعه، لآلام أهله، لآلام ناسه، لمشاكل الحياة، فالفنان كلما كان عاكس لهذه الصور بعطاءاته وبإبداعه كلما اقترب من تحقيق ذاته أكثر".

واعتبرَ أنّ "مضافة وطن" باتت هي مسرحه الجديد: "في هذه الأزمة اللي كنا عايشين فيها، تقريباً حولت مسرحي لبيتي. مضافة الوطن كانت مسرحاً يشمل كل شرائح المجتمع". وكانت المضافة على حدّ تعبيرهِ "مسرح مختلف العطاءات".