مؤسّسة البذار الحرّة: نخطّط لمشاريع بمليوني دولار، وأوقفت الحرب الزراعة في أراضٍ شاسعةٍ في ريف حلب الشماليّ

غلاء المحروقات يعيد استخدام طرق الحراثة القديمة | مارع | عدسة وسام حلبي

بعد رحيل المؤسّسات "الحكومية" المختصّة بتأمين البذار والأسمدة، من الريف الحلبيّ إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وقع الفلاحون في أزمةٍ كبيرةٍ في تأمين مستلزمات العمل الزراعيّ، وصارت البذار والأسمدة من السلع النادرة، وبالتالي تأثر الإنتاج الزراعيّ إلى حدٍّ كبير. مما دفع ببعض المهندسين الزراعيين، وبالتعاون مع مجلس محافظة حلب الحرّة، إلى إنشاء مؤسّسةٍ بديلةٍ تعنى بالشأن الزراعيّ وتعمل على تلبية احتياجات الفلاحين، وخاصةً الأسمدة والبذار.
يقول معن ناصر، مدير المؤسّسة المحدثة: "خلال سبعة أشهرٍ من عمر مؤسّستنا أنجزنا أعمالاً كثيرةً أبرزها تقديم نحو ألفي طنٍّ من بذار القمح للفلاحين، إضافةً إلى كمياتٍ أخرى من بذار بعض الخضروات". ويعدّد ناصر الأعمال التي يقوم بها المهندسـون الزراعيـون الأحـرار، كالجولات الميدانية إلى الحقول الزراعية، وتقديم النصح والإرشاد للفلاحين، وتأمين المبيدات الحشرية اللازمة لمكافحة الآفات. ويلحظ فلاحو ريف حلب الشماليّ فرق الأسعار والجودة بين منتجات المؤسّسة وبين ما هو معروضٌ في سوق المستلزمات الزراعية. ويؤكد أبو عمر، وهو فلاحٌ من مارع، أن لمؤسسة البذار الحرّة دوراً رئيسياً في استمرار زراعته لأرضه: "كنا نتعذب كثير، وخاصةً بتأمين البذار والسماد. واليوم، مع جهود الشباب، صار الوضع أحسن".
كان لخبرات المهندسين الزراعيين دورٌ كبيرٌ في ما حققوه من نتائج إلى الآن، إذ استطاعوا التغلب على العوائق الكثيرة التي تعترض عملهم، وتمكنوا من الحدّ من ظاهرة تدهور العمل الزراعيّ في بعض القرى التي ينشطون فيها "بما يستطيعون"، بحسب ما ينبّه فلاحو الريف الشماليّ.
فـ"بعض المشاكل أكبر من طاقتهم"؛ يعلّق أحد الفلاحين ويستشهد بالمعارك التي تندلع بين حينٍ وآخر في المنطقة. فعلى أطراف بلدتي مارع وتل رفعت خرجت مساحاتٌ شاسعةٌ من الأراضي الزراعية المنتجة عن العمل، بسبب اقتراب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وتحوّل هذه الأراضي إلى خطوط تماسٍّ وساحاتٍ لمعارك شبه يوميةٍ بين مقاتلي التنظيم، الذين لا يتورّعون عن عمليات القنص العشوائية، من طرف، ومقاتلي كتائب الجيش الحرّ من طرفٍ آخر.
ولا يبدو أن هذه المعارك يمكن لها أن توهن من حماس نشطاء الزراعة، بل ربما تزيد من إصرارهم على مواجهة التحديات، بحسب ما يقولون، "فعملهم ومنذ البداية في ظروف حرب". وهم اليوم يخطّطون لقائمة مشاريع بتكلفةٍ إجماليةٍ تتجاوز المليوني دولار؛ مشاريع يمكن لها أن تنجح رغم تهديد المعارك التي لا تتوقف.

تنظيم الدولة يهتمّ بزراعة دير الزور

فراس العمري

على أبواب موسمٍ شتويٍّ جديدٍ ينشغل فلاحو دير الزور بهمومهم الخاصّة، في جوٍّ يميل إلى الاستقرار من الناحية الأمنية، في ظلّ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. وكما في أيّ مكانٍ آخر، تأتي الأسمدة والبذار والمحروقات في أول لائحة المستلزمات الزراعية. وتتفاوت استجابة مسؤولي التنظيم من قريةٍ وبلدةٍ إلى أخرى، ممثلين بمكاتب خدمات المسلمين، وهي هيئات التنظيم التي تقوم مقام المجالس المحلية في المناطق المحرّرة.
وبحسب ما يقول مؤيدو التنظيم، وعد وزير زراعة ولاية الخير –الجزء الأكبر من محافظة دير الزور- بتأمين السماد بأسعارٍ مدعومة. ويرافق وعود "الوزير" اهتمامٌ متزايدٌ من قبل مسؤولي التنظيم بالشأن الزراعيّ، تمكن ملاحظته بإصرارهم على استعادة كافة الآليات والمعدّات والتجهيزات المشغلة سابقاً في مشاريع الريّ الكبرى المنفذة في أجزاء كبيرةٍ من ريف دير الزور الشرقيّ، والتي تعرّضت للنهب من قبل لصوصٍ محليين -كما حدث في قطاعاتٍ أخرى- وكذلك صيانة أقنية الريّ الرئيسية والثانوية في هذه المشاريع. ولكن، حسب ما يقول مهتمّون بالزراعة في دير الزور، المشكلات أكبر من إمكانيات حكام المنطقة الجدد، فهي مشكلاتٌ قديمةٌ مما قبل الثورة. والتركيز على الريّ وحده لن يكفي في ضوء ارتفاع الأسعار، وغياب نظام إقراض الفلاحين، وتملح التربة في مساحاتٍ شاسعةٍ بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وغير ذلك من العوائق التي تستدعي خطةً مدروسةً يضعها خبراء مختصّون. ويشير هؤلاء إلى دورٍ محتملٍ يمكن أن تلعبه منظماتٌ دوليةٌ ذات صلة، كالهلال الأحمر ومنظمة الفاو وغيرها.