ليلة النار.. إيران تُلقي مذلّتها العسكرية على أكتاف الأسد

كانت حرباً خاطفة، أكبر بكثير من ضربة عسكرية موضعية اعتادت «إسرائيل» تنفيذها بين حين وآخر ضدّ مفردات الوجود الإيراني في سوريا، وأقلّ من حملة متواصلة لمحو هذا الوجود، وإن كانت الخرائط الإسرائيلية ترسم بوضوح صورة منطقة عازلة سحقت خلال ساعات مشروعاً بَنته إيران فيها عبر سنوات.

سلسلة غارات جوية وضربات صاروخية شنّتها «إسرائيل بسرعة خاطفة» على بنك أهداف مُحدّدٍ مسبقاً، ومُراقَب على مدار الساعة كما يبدو، ردّاً على «ردّ» إيراني –مُزلزلٍ كالعادة- توعّدت به طهران منذ أن قتَلت ضربات «إسرائيلية» نحو17» مستشاراً» من إرهابيي الحرس الثوري في مطار التيفور.

أطلقت إيران –أيّا كان اسم المنفذ من أدواتها- عشرين صاروخاً على مواقع إسرائيلية في الجولان السوري المحتل، أسقطت الدفاعات الإسرائيلية أربعة منها، وسقط الباقي في أراضٍ سورية ولبنانية، لتردّ إسرائيل بضرب 50 موقعاً، وتجعل ليلة 10أيار هي الأعنف منذ حرب لبنان عام 1982، وفي تقديرات أخرى منذ حرب 1973.

تقول إحدى فلسفات الحرب العتيقة، إنّ التوقيت هو نصف المعركة، والتوقيت هنا كان مكشوفاً، إن بسبب سهولة تخمينه، وإن كنتيجة طبيعية ومنطقية لتفوّق أدوات الرصد والتجسس الإسرائيلية. والتوقيت الذي اختاره عباقرة الحرس الثوري كان متاحاً للاستنتاج بسهولة، فهو قد جاء عقب انتهاء الانتخابات اللبنانية، وفوراً بعد إعلان الرئيس الأميركي انسحابه من الاتفاق النووي.

ما بعد الضربة ليس كما قبلها –حسب منطقٍ أثيرٍ لدى شبيحة حزب الله- «إسرائيل» باتت تضرب علناً، وإيران وجدت نفسها إزاء هجوم كاسح لا تملك موارد مقاومته، وفشلت دفاعات نظام الأسد في تحقيق شيء سوى في إذلال سمعة السلاح الروسي، ما دفع موسكو إلى شنّ حملة إعلامية عاجلة لتبييض صفحة «البانتسير» الذي دمّرته الطائرات «الإسرائيلية» في مشهد بدا كما لو أنّه من لعبة فيديو.

ابتعلت إيران؛ التي يترنح اقتصادها على وقع رعب العقوبات الاميركية، مذلّتها التي لم يعد يمكن كتمها بستار الصمت الاسرائيلي المعتاد، واتهمت حليفها الأسد بشن الرد البائس، لتنكفئ آلتها الاعلامية المفضلة وهي خطبة الجمعة في طهران، إلى تكرار اسطوانة التهديد والوعيد بينما كان أهالي القتلى ينتظرون صناديق الجثث القادمة من سوريا بصمت بعد أن منعوا حتى من إعلان موتهم.