لم تسقط دير الزور إنما سقطت داعش

لم تكن وحشية النظام وحلفائه مفاجئة في محافظة دير الزور، بل بديهية وفق طبعهم المعروف، وإن جاءت على نحو هستيري غير مسبوق.  كان المفاجئ هو انهيار تنظيم داعش أمامهما. فبعد أيام من «غزوة العدناني» التي ارتدت بها داعش على قوات النظام في البادية جنوب المحافظة، انهزمت فجأة تاركة القرى والمدن والبلدات، أطلالاً ومشاهد خلفية لملتقطي الصور المتباهية من جنود النظام، وتاركة من عجز من الأهالي فيها عن الرحيل، ضحايا وفرائس تلبي رغبات الثأر والقتل لدى المحتل الجديد، الناقم على دير الزور فوق كل نقمة.

أين شرعيو داعش الصياحون على المنابر وفي حفلات الشارع؟ وأين أيمانهم عن القتال حتى الموت دفاعاً عن «دولة الإسلام» وعن بقائها؟ لا أثر لهم بعد عين رأت من غرورهم ما رأت، ولا صوت لهم بعد أذن شبعت من تبجحهم.

خلال أيام قليلة سيطر النظام على الريف الغربي أو نصفه في دير الزور، وخلال أيام قليلة بعدها سيطر على مدينة الميادين، ومعها عدة قرى وبلدات في الريف الشرقي. وبالوتيرة  ذاتها - يتقدم النظام.. تنسحب داعش- ويبدو أننا سنكمل الكابوس حتى آخره.

أحياناً في وقت سبق، كنّا من وجع القلب ومن الحيرة، نتمنى أمنيات غير منطقية، بأن يلتقي الطرفان في أرض قصية بعيداً عن ديارنا، يطحن أولهما الثاني، ثم يطحن الثاني الأول وهكذا لا غالب ومغلوب بينهما حتى يفنيان في آن معاً. لا تتحقق هكذا أمنيات على الأقل في قصة ملحمية مثل قصة ثورتنا، إذ تأبى الأقدار إلا أن تمضي بها وبنا إلى حيث شاءت.

بانهيار داعش أو صورتها قطعنا خطوة، وانتقلنا من معركة لدى البعض منا فيها ريب، إلى معركة أخرى بلا ريب. وهي صفحة تكاد تطوى، صفحة داعش. وصفحة أخرى نفتحها من جديد، بمبتدأ الحكاية مع عدونا الأصلي الذي عاد واحتل الأرض فعادت الروح تتشبث بها مزيداً رغم رحيل الجسد وإلى حين ليس إلا.

لم نهزم نحن، إنما هزمت داعش. ولم تسقط دير الزور إنما سقطت داعش.