- Home
- Articles
- Radar
في مارع.. تتعافى مهن الصناعيين المهجرين
يكافح الصناعيون المهجرون من مختلف المحافظات السورية إلى شمال حلب لاستعادة جزء من نشاطهم السابق، وذلك عبر شراكات مع المضيفين في المنطقة أو بالاستفادة من المعدات التي استطاع قسم منهم نقلها قبل أو أثناء عملية التهجير.
واجه أصحاب المهن اليدوية من العمال وأصحاب الورش الصناعية في سوريا الكثير من التحديات التي منعتهم من متابعة أعمالهم بمختلف أنواعها، لأسباب متعددة لا يمكن حصرها في جانب واحد، لكن السبب الرئيسي الفعلي الذي يقف وراءها هو الوضع الأمني والقصف الذي تبعه نزوح وتهجير، بالإضافة إلى تحديات الحصول على المواد الأولية وتسويق الإنتاج المحصور في منطقة ضيقة ومحدودة.
وعلى الرغم من صعوبة العودة إلى سوق العمل التي واجهت العمال والصناعيين الذين هجروا من محافظات دمشق وحلب وحمص ودرعا إلى مدينة مارع، إلا أنهم بدأوا أولى محاولاتهم في العودة إلى سوق العمل عن طريق مشاركة تجار وعمال محليين قد يؤمنون لهم فرصة في نجاح العمل.
أبو عمر من دوما يعمل في الحدادة منذ عشرات السنوات، وهي المهنة التي ورثها عن والده، تكلم عن ظروفه السيئة منذ نزوحه قبل أن يستعيد عمله في مارع، وتابع: "افتتحت محل حدادة، وبدأت بتصنيع المدافئ البدائية التي تشتعل على الحطب وبقايا المازوت. شاركت بعض الأصدقاء في المدينة لافتتاح الورشة، وعلى الرغم من التحديات حاولت أن أبني شبكة واسعة من الزبائن الذين يفضلون العمل لدي لكون الأسعار مناسبة".
تعتبر مدينة مارع (35 كم شمال مركز محافظة حلب) مكاناً مناسباً نسبياً لمزاولة المهن والحرف التجارية المتنوعة لوفرة الكهرباء التي كانت غائبة عن بعض مدن شمال حلب خلال العام الفائت، بالإضافة إلى انخفاض إيجارات المحال والمنازل.
وبعكس "المهجرين القدامى" من ريف دمشق وغيرها إلى مارع، الذين تركوا ممتلكاتهم وورشهم خلفهم خلال التهجير، "حالف الحظ" من هجروا من ريف إدلب الجنوبي خلال العام 2020 -إضافة إلى صناعيين من مدينة إدلب متبرمين من الظروف الأمنية المتردية فيها- فاستطاعوا نقل معاملهم ومصانعهم الخاصة إلى أماكن إقامتهم الجديدة، بتكاليف عالية ربما، لكن ذلك سهل عودتهم إلى سوق العمل، وإتاحة فرص عمل للكثير من أبناء مدنهم وبلداتهم التي هجروا منها مؤخراً.
الشاب عايد برقومي (35 عاماً مهجر من معرة النعمان) عاد إلى العمل بعد تمكنه من نقل بعض معدات ورشة الخراطة التي كان يملكها في مدينته قبل سيطرة قوات النظام عليها بداية 2020. قال لـ "عين المدينة": "هذا ما استطعت حمله. والآن بدأت العمل لأصحاب المعامل والمنشآت من أهالي ريف معرة النعمان الذين يعملون في صناعة سيف الجلي، لتأمين دخل مادي يؤمن النفقات اليومية لأسرتي، دون انتظار المساعدات في حال توفرت".
ذات الواقع واجهه محمد العلي من معرشورين الذي يملك معمل لصناعة سيف وليف الجلي، مع تحديات أخرى تتعلق بصعوبة تقبل البيئة المضيفة في مارع لنشاطه المهني، وعن ذلك قال: "واجهتنا العديد من التحديات، ومنها عدم تقبل الريف الحلبي لنا ولمنشآتنا الصناعية الغريبة عن المنطقة التي تعتمد في معظم دخلها على الزراعة، لكن خلال فترة قصيرة من العمل كان لزاماً عليهم أن يتقبلوها لما لها من مساهمة في نشاط المنطقة الاقتصادي".
تعتمد مارع في نشاطها الاقتصادي أساساً على تجارة الألبسة والأحذية داخل سوق المدينة، إلى جانب عمل عدة عائلات في زراعة وتجارة المحاصيل وأهمها البطاطا والقمح، باعتبار مارع مركزاً زراعياً على مستوى محافظة حلب، لكن وقوع مئات الهكتارات من أراضيها تحت سيطرة "قسد" والنظام، يحرم المدينة من عائداتها.
مدير السجل المدني في مارع محمد الخطيب، أكد خلال حديثه لـ "عين المدينة" أن عدد سكانها وصل خلال العام الماضي إلى 60 ألف نسمة تشمل النازحين إلى المدينة، قافزاً من عتبة 40 ألفاً قبل عقد من الآن، لكنه استدرك ب "أن العدد انخفض بعد ترحيل عدد من النازحين إلى مراكز إيواء اسمنتية مسبقة الصنع قرب احتيملات".
وعن إمكانية تسويق الإنتاج من السيف والليف قال الصناعي عمر الأحمد، خلال حديثه ل "عين المدينة": "يتم تسويق المنتجات في السوق المحلية بالإضافة إلى تصديرها إلى مناطق سيطرة قسد ومناطق النظام ونحو دول العراق والأردن وغيرها، لكن البيئة المحلية في ريف حلب غير مجهزة صناعياً، لأن غالبية الناس هنا تعتمد على الزراعة فقط".
وأضاف: "المعمل يؤمن فرص عمل لخمس عائلات من معرشورين يعملون من منازلهم مقابل أجور مالية، بينما يعمل خمسة شبان في المعمل".
وعملت غرفة التجارة في مارع على إتاحة المستلزمات الأساسية للتجار، إلى جانب اختيار الطريقة المناسبة لتسويق منتجاتهم قانونياً، بحسب ما أوضح رئيس الغرفة حسن المحمود، خلال حديثه ل "عين المدينة".
وأضاف: "قدمت غرفة التجارة عروضاً جيدة للصناعيين والتجار بما فيها بناء منطقة صناعية في المدينة تخول الذي يفتح منشأة فيها إمكانية الدخول إلى تركيا، وتسويق المنتجات واستيراد المواد الأولية منها".
وبحسب ما أوضح المحمود، فإن عدد التجار والصناعيين خلال العام 2011 لم يتجاوز الـ 100، بينما بلغ عددهم في الوقت الحالي 400 على اختلاف أعمالهم ومهنهم التجارية والصناعية.