- Home
- مقالات
- رادار المدينة
فوبيا سوريا) تظهر في صفقة تبادل الأسرى بين الأسد وإسرائيل)
نفى مصدر إعلامي لوكالة أنباء النظام السوري ما تناقلته وسائل إعلامية عن وجودِ بندٍ سريّ في صفقة تبادلِ الأسرى الأخيرة التي تمّت قبل أيام بين نظام الأسد والاحتلال الإسرائيلي بوساطةٍ روسية. البند الذي يُفترض أنّه سري، يقول إن إسرائيل سوف تزوّدُ النظام بـ(١٠٠) ألف جرعة من لقاح كورونا. وبذلك تكون الصفقة قد اقتصرت على "تحرير" مواطنين سوريّين من سجونِ الاحتلال، مقابل إطلاق سراح فتاة إسرائيلية كانت قد دخلت عن طريق الخطأ إلى الأراضي السورية، وألقت "الجهات المختصّة" القبض عليها.
وكان الاحتلال قد أعلن فجر أمس الأول على لسان رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو أنّ العملية ”تمّت بنجاح، وقد عادت المواطنة الإسرائيلية إلى أهلها سالمة“، وكمبادرة حسن نيّة، وفقًا لنتنياهو، فإنّ إسرائيل أعادت إلى سوريا رعاة أغنام كانوا قد دخلوا إسرائيل. بينما منحت سلطات الاحتلال عفوًا عن نهال المقت، التي كانت تقضي فترة خدمة مجتمعية في إسرائيل عوضًا عن سجنها، وستقتصرُ عقوبتها على ثلاثة أشهر فقط.
اللافتُ في الأمر أنّ وسائل إعلام النّظام تجنّبت الحديث في الأيام الثلاثة الماضية عن الأسير السوريّ لدى قوّاتِ الاحتلال الإسرائيلي "ذياب قهموز" بعد أن ذُكر اسمه، في وسائل الإعلام ذاتها، كواحدٍ من اثنين سيجري تحريرهما مقابل إطلاق سراح الفتاة الإسرائيلية المحتجزة في سوريا.
والسرّ وراء ذلك، أنّ قهموز رفض إطلاق سراحه، إذا كان المُقابل هو إبعاده عن قريته (الغجر) وإعادتهِ إلى "الوطن الأم"، وهو ما تجنّبت وسائل إعلام النظام ذكره.
لا يندرج سلوك الأسير ذياب قهموز ضمن ما يُسمّى ”مُتلازمة ستوكهولم“، فهو لم يرفض إطلاق سراحه، ولم يُبدِ تعاطفًا مع مُحتجزِيه. لم يخرج إلى الإعلام ليُعلنَ تضامنه مع إسرائيل، مثلما فعلَت "باتي هيرست"، وهي ابنة أحد الأثرياء من كاليفورنيا، والتي كان قد اختطفها بعض المسلحين الثوريين عام 1974، لتبدي تعاطفًا مع مختطفيها وتشاركهم في إحدى عمليات السطو، قبل أن ينتهي بها الأمر لأن يتم إلقاء القبض عليها ويحكم عليها بالسجن.
ويُفسّرُ علم النفس التطوري التعاطف والارتباط مع الخاطف في ”متلازمة ستوكهولم“ بأنه "حلٌّ لمشكلة تعايش الضحيةِ مع وضعٍ تكون فيه مسلوبةَ الإرادة ومغلوباً على أمرها، للحفاظ على حياتها وبقائها. وهو أمرٌ شائعٌ منذ أقدم العصور".
لكنّ قهموز لم يفعل هذا، كما أنّهُ لم يقل إنّ مُعتقِليْه أناسٌ طيّبون لأنّهم يسمحون لهُ تناول الطعام. كلّ ما فعلهُ الرجل أنّهُ رفض إخلاء سبيلهِ إذا كان يعني ترحيله عن قريته، وإرسالهِ إلى سوريا.
من بين ما يمكن أن يجده المهتمون بقاموس Urban Dictionary الجماعي الإلكتروني على الإنترنت اصطلاح “سيريا فوبيا”، الذي بات مستخدماً بشكل واسع، وتعبر عنه حالة الأسير دياب قهموز، فالخوف من الإقامة في سوريا أو قضاء بقية حياتك فيها، تحول إلى فوبيا شائعة وفق ما يقول شرح المصطلح في القاموس الالكتروني: "بسبب السنوات الثماني الماضية من التدهور والفساد والدمار. طور جيل الألفية السوري نوعًا فريدًا من القلق الجماعي، والذي تطور تدريجياً إلى فئة رهاب جديدة تُعرف اليوم باسم رهاب سوريا، وتشمل الأعراض العامة القلق الشديد والخوف من عدم القدرة على مغادرة سوريا، وبدء حياة أفضل في مكان آخر، أو الاضطرار إلى العودة لمن غادروا بالفعل".
لعلّ رُهاب سوريا هذا، هو التشخيص البديهيّ لما أصاب ذياب قهموز، حين أعلنت جميعُ الأطراف استعدادها لتحريره وإرسالِهِ إلى وطنه، إلّا هو..