عباقرة التحليل.. فطاحلة اللغة... قرّب.. قرّب

 

طالب-ابراهيم

يشكّل طالب إبراهيم وسواه من جهابذة التحليل السياسي والاستراتيجي مادة دسمة لكل من يريد البحث في مناقب الإعلام السوري

لأن هؤلاء المحللين "العباقرة" ـ حسب رأي زوجاتهم ـ يعرفون أكثر مما يعرفه أي شخص آخر في الكون، فهم علماء فلك، فقه، تاريخ، رياضة، فلسفة، علم نفس، باحثون عسكريون، واستراتيجيون، على الرغم من أن  الواحد منهم لا يعرف المعنى والمدلول الاصطلاحي لكلمة استراتيجية، ولا حتى لكلمة بحث. فهم يطلون في أي وقت وفي أي زمان ومكان، لا لساعة واحدة بل ساعتين وربما ثلاث، يستعيذون بالله حين يتطلب الأمر ذلك، ويجدفون إن كان الموقف يستحق التجديف، بضاعتهم ترضي كافة الأذواق، وقرّب، قرّب كما يقول الباعة الصغار في سوق الحميدية، أيام كان مكتظاً بالزبائن، وأما الآن فحالُ التلفزيون السوري وشقيقاته الدنيا أو سما والإخبارية ـ ولاحقاً ستنضم "تلاقي" إلى هؤلاء ـ تشبه حالَ السوق الذي كسدت بضاعته، فقرّر أن يخفض ثمنها، وأن يقدم معها عرضاً بمثابة هدية لترغيب الزبائن ـ على قلتهم ـ بشرائها. جديد محللي التلفزيون الأفاضل أنهم جميعاً باتوا على مذهب عبقري قل نظيره هو رفيق لطف، الذي يبدو أنه سيختط مدرسة مستقلة في الإعلام، بل قد يصبح أكاديمية، وسيضعون له باباً مصمماً على برنامج غرافيك نفذه فني مبتدئ يشبه ذاك الباب الذي صممه لقلعة حلب في ملحمته الوثائقية "حلب القلعة". وإلى أن يتاح الوقت لذلك، بعد انكشاف المؤامرة طبعاً، فإن شادي حلوة المراسل المقدام دخل على الخط، وهو بدوره جلب فيديوهاته الخاصة وبدأ يحلل، وكذا فعل طالب إبراهيم، نعم طالب، هو أيضاً صار لديه فيديوهات، صدقوا أو لا تصدقوا، فيديوهات طالب إبراهيم منتقاة بعناية من اليوتيوب، فتاوى، وخطب، ومعارك، وبيانات، وقرّب قرّب.. إذاً وبعد غياب طويل عاد طالب، وعودته معها عرض تشجيعي، فمن يشتري؟؟

رفيق لطف

رفيق-لطف

قال الراوي يا سادة يا كرام: لدينا حكاية لا تشبه أية حكاية، حكايتنا يا سادتي من بلاد غريبة عجيبة، موجودة على الخريطة، لكن لم يزرها أحد سوى... رفيق لطف، يا خفي الألطاف، نجنا مما نخاف. يطوف هذا الباحث الإعلامي الذي لا يعرف زمان حضوره تحديداً في أكوام وأكوام من المقاطع، فيمحص فيها، ويستقي منها مادة دسمة. وليزيد الأمر تشويقاً فإن شهوده جاهزون، وأجواء التصوير الدرامية التي يبدو أن مخرجاً استثنائياً يشرف عليها، وربما يكون المخرج نفسه الذي يشرف على تصوير بطولات "جيش الوطن" في تنقلاته الاستعراضية في الحارات، وملاحقتهم الحثيثة للجماعات الإرهابية المسلحة، إذاً يجيء رفيق ـ والرفيق وقت الضيق ـ فيجلد متابعي التلفزيون السوري على مدى حلقاته الأسطورية، ليكشف المؤامرة الكونية، ودائماً تجلس قبالته المذيعة رشا الكسار تصغي إليه بدهشة، وقد جحظت عيناها، وهي تهز رأسها موافقة على كل كلمة يقولها، ومؤيدة تحليلاته الاستثنائية بحق، استثنائية، لدرجة أن طفلاً صغيراً لم يتم الرابعة من عمره لا يمكن أن يصدقها، فأرقامه خرافية، وقفزاته نوعية، وجلسته كوميدية، خاصة حين تقترب الكاميرا منه ويلتفت بتلك النظرة "الذكية" ليقول للمتآمرين: وجدتكم، لا على طريقة نيوتن وتفاحته، ولكن على طريقة مازن حين وجد مزماره الذي كان معلقاً في صدره، هل تذكرتم قصة "مازن والمزمار"؟.

حسين مرتضى.. فلتة زمانــــــــو

حسين-مرتضى

والآن، النجم بلا منازع، الذكي، اللماح، الخاص، حسين مرتضى، صفته كما ورد في تعريفه مدير مكتب قناة العالم الإيرانية في دمشق، وأما عمله الحقيقي فهو راسم خطط قوات الأسد الباسلة، والمطلع على أدق تفاصيلها، والذي يمتلك صوراً وخرائط لا تمتلكها حتى الإدارة السياسية العتيدة التابعة لوزارة الدفاع السورية. وللتفصيل أكثر نذهب إلى الإخبارية السورية، وتحديداً يوم الخميس 4-4-2013  ولنعرف أكثر نصغي إلى حسين مرتضى وهو فهو طاف في البلاد من تونس إلى مصر إلى اليمن متنقلاً ليدافع عن سيده خامنئي وأتباعه بشار وحسن نصر الله، ثم هبط فجأة إلى "داريا" بلا أية مقدمات ولا تمهيد، بعد جولة سياسية، صار يشرح انتصارات "القوات الباسلة" في داريا، نعم، طبعاً ومثل رفيق وطالب وشادي أيضاً فإن حسين جلب صوره الخاصة، جنود يطلقون النيران على الجدران، ويشرح مسترسلاً عن البطولات التي يحققها "البواسل" ويعرض خرائط، ويشرح، يشرح، وربى حالها حال رشا الكسار تصغي بانتباه شديد، وبدهشة لا مثيل لها، ما هذه البطولات! ما هذا يا "بواسل قواتهم المسلحة"! كل هذا التقدم، وهذه العصابات الإرهابية التي تسحقونها، ومع هذا لم يتمكن هؤلاء البواسل من اقتحام مدينة داريا الصغيرة رغم كل الحشد الذي حشدوه، وكل القوات التي زجوا بها... ولا يكتفي حسين بطمأنة ربى، لكنه يؤكد لها بالطبع أن سوريا بخير والأزمة خلصت. طبعاً لا نريد أن نقول لحسين وربى إن داريا ودوما وحرستا وعربين، وسواها من المدن والبلدات السورية المحررة، قد شكلت مجالس محلية، وبدأت تدير أمورها، بل وأجرت انتخابات أيضاً، كي لا نفسد فرحتهما، بل لا نريد أن نقول لهما إن مجرد إشاعة عارضة بثها أبو علي خبية على موقع يوتيوب الشهير جعلت بشارهم يخرج من جحره، ويجري لقاءاً تلفزيونياً...سخيفاً وفاشلاً كالعادة.

بسام أبو عبد الله... بسام-ابو-عبد-الله

وجه الخلاف بين بسام أبو عبدالله وغيره ليس مجرد الفرق في "السي في" أو الشهادات التي يمتلكها أو حتى البوابة التي دخل بها إلى روضة النظام، الخلاف الأوضح هو أنه غير قادر على تقديم الكوميديا غير المقصودة، بمعنى أن لطف وطالب إبراهيم وخالد العبود وسواهم يشكلون حالة كوميديا قد تبدو ممتعة أكثر من أي تحليل منهجي معارض.... بسام "عصبي، متسرع، عبوس، حزين"، يصعّد من لغة الحوار فجأة ويهرب إلى الشتيمة وسؤال الطرف الآخر "من أين لك هذا؟"، ينغاظ أبو عبدالله من رواتب المعارضين، يشك في سعر بذلاتهم وأحذيتهم، يحس أن أمراء الخليج بالفعل أهدوهم إياها، بينما ينتظر هو مكافأته من النظام واستكتابه من تلك الصحيفة وبوناته من التلفزيون السوري ومنصباً جديداً وعدته به القيادة ولم تفِ به حتى الآن. بسام معجب بالقنوات اللبنانية أكثر من القنوات السورية والخليجية، السبب هو قدرته على الحفاظ على هدوئه فيها أكثر بحكم أن الشخصيات المعارضة التي تستفزه غالباً ما تظهر على الجزيرة والعربية وسواهما، وبحكم أنه يحب مبدأ الاتصال وليس الجلوس على كرسي لحلقة قد تمتد على مدار ساعتين في التلفزيون السوري. بسام أيضاً يحب المصطلحات الغربية ذات الدلالة على السيطرة، ويحب دائماً أن يجري جولة في الجغرافية السياسية خلال دقائق ليخرج بنتيجة أنه متعب.

فلاشة الشعيبي

عندما تحررت مدينة الرقة فجأة، كتب أحد ظرفاء الناشطين على الفايسبوك: "الرجاء من الثوار عندما يلقون القبض على علي الشعيبي أن يحافظوا على فلاشته... هي أعراض ناس!" في سخرية من وسيلة الشعيبي الأثيرة في تشويه بعض رموز الثورة بادعاء أن فضائحهم الجنسية (خيانات زوجية، شذوذ) مصورة ومحفوظة في فلاشته العجيبة. ولا ندري سر شغف الدكتور الشعيبي بالفضائح الجنسية، وهو الذي بدأ شبابه في تنظيم إسلامي في الثمانينيات، ويكاد ينهيها الآن أستــــــاذاً في الحوزة! ولا ندري الآن مكان وجود الشعيبي الذي غادر مدينته على عجل، كما غادرها أصـــــدقاؤه من رؤساء الفروع الأمنية، الذين طالما كان الدكتــور "مفتاح" التوسط لديهم. ولا ندري إن كان الخيال الجنسي الفاحش وصداقة رجال مخابرات الأسد هي المؤهلات المناسبة لتكوين "المحلل السياسي" المطلوب لأجهزة الإعلام السوري، ولا سيما في مراحل انحطاطها الأخيرة، حين صارت تستضيف من هب ودب من مدّعي التحليل السياسي والعسكري والاقتصادي. ولا يهم مدى امتلاك الضيف لأي خلفية جادة في هذه الاختصاصات، المهم فقط هو قدرته على ابتداع تفصيل إضافي في هرم الأكاذيب الذي تقدمه هذه "الأجهزة" لجمهورها المذعور الذي يتطلب التطمين الدائم، مهما كان هذا التطمين واهي الأسس، كما هو نمط التطمين الذي يتطلبه الهيسيتيريون دوماً.