جمعية النهضة العربية.. تاريخٌ وافدٌ إلى مدينة حمص

لم تتبدّد، منذ سنواتٍ، شبهات الفساد التي تحيط بجمعية النهضة العربية في حمص. ولم يفوّت خصومها مناسبةً دون التشكيك بنزاهة القائمين عليها، بدءاً بطريقة تعيينهم أو انتخابهم في مجلس إدارتها.

على صفحة الجمعية على موقع فيسبوك يكذّب مسؤولوها هذه التهمة، ويؤكدون أنهم مجرّد متطوعين انتخبتهم الهيئة العامة في جلساتٍ رسميةٍ مسجلة. ويكذّبون كذلك تهمة بيع أدويةٍ فاسدةٍ في صيدلية المشفى التابع لهم، بأن النهضة جمعيةٌ خيريةٌ وليست لها مصلحةٌ في بيع هذه الأدوية. لكن مسؤولي الجمعية صمتوا أمام قضيةٍ جديدةٍ أثارها منتسبو «كتيبة الجبلاوي» التابعة لجمعية البستان، تتعلق بمقبرة الفردوس التي تديرها النهضة وتتولى شؤونها. إذ زعم البستانيون أن النهضة طلبت مبلغ 60 مليون ليرةٍ كتكاليف إنشاء سورٍ للمقبرة، قبل أن تنفذه كتيبة الجبلاوي بربع هذا المبلغ. وصمت النهضويون أيضاً أمام استفزازات الكتيبة بطباعة اسمها المقرون بالبستان على بعض المرافق القائمة أصلاً في المقبرة من قبل أن يؤسس رامي مخلوف جمعية البستان كذراعٍ خيريةٍ شكليةٍ له في العام 1999.

ربما كانت الحملات والشائعات ضد جمعية النهضة حصيلة صراع أجيالٍ في مجتمع الطائفة العلوية في حمص بين جيل النهضة المتعقل نوعاً ما، بتاريخٍ من البيروقراطية واحترام القيود الحكومية، وجيل البستان المتعالي على تلك القيود بما يملكه من أسباب قوةٍ ونفوذ، والجاهل بدور النهضة في خدمة هذا المجتمع لأكثر من نصف قرن، منذ تأسست أول الأمر باسم جمعية الزهراء في العام 1959، ثم تغير اسمها إلى النهضة العربية في العام التالي. وحسب صور صفحاتٍ مكتوبةٍ باليد –منشورةٍ على موقع الجمعية على فيسبوك- لمحاضر اجتماعها الأول، أسس الجمعية 13 شخصاً؛ خمسة «سمانين»، وثلاثة مزارعين، وعاملان، وسائقٌ ونجارٌ وصاحب معمل خفان (بلوك). معظمهم من المقيمين في حيّ الزهراء حديث النشأة آنذاك، قبل أن ينمو بتسارعٍ مع موجات الهجرة من ريف المدينة الغربيّ وجبال الساحل. تبرز مهن المؤسسين وأعمارهم -التي تراوحت بين (49-34) عاماً- حاجةً موضوعيةً دفعتهم إلى تأسيسها في مدينةٍ لم يكونوا من نسيجها الطبيعي. لاحقاً قامت النهضة بدورٍ هامٍّ في رعاية المعدمين من أبناء حيّ الزهراء، وأسهمت في بناء مدرسةٍ ابتدائيةٍ فيه ضمن حدود إمكاناتها المتواضعة آنذاك، وقامت أيضاً بتنظيم شؤون الدفن -لمن يتعذر دفنه من أبناء الطائفة في ضيعته الأم- في أرضٍ مجاورةٍ للحيّ، أخذت بعد ذلك اسم مقبرة الفردوس.

منذ 2011 استقبلت المقبرة أول «شهيدٍ» من قوّات الأسد، تولت الجمعية تكفينه ودفنه ومستلزمات عزائه، كما تولت بعد ذلك شأن أكثر من ألفٍ من أقرانه. وفي 2013 توسعت المقبرة ليدفن فيها ألفان آخران، ويطالب مسؤولو النهضة اليوم بتوسعةٍ جديدة.