- Home
- Articles
- Radar
تملك السوريين في تركيا .. جدل القوانين والسياسة والمساهمة في سوق العقارات
بعد شد وجذب وجدل امتد لأسابيع صدر تعميم من إدارة الطابو في الولايات التركية منذ أيام يقضي بإلغاء الموافقات المسبقة على عمليات بيع وشراء العقارات للسوريين الحاصلين على الجنسية التركية، إلا أن بعض الدوائر في إدارات الطابو في قسم من الولايات التركية باتت تتعامل بمزاجية مع التعميم الأخير، ما يعني عرقلة لإجراءات إلغاء قرار الموافقة المسبق، وحسب المصادر فإن البيوع للسوريين من حملة الجنسيات الأوروبية لا تزال تخضع لشرط الموافقة من إدارة الأملاك العامة في أنقرة ولم يلغَ القرار بهذا الصدد.
عزت بعض المصادر قرار التراجع عن شرط الموافقة المسبقة إلى ضغط مارسته بعض الشخصيات والجهات التركية والسورية، وأن الجهود الرامية إلى إلغاء ذلك الشرط تكللت بالنجاح. ويبقى التساؤل هل التحفظ التركي سببه مخاوف وهواجس أمنية وسياسية أم هي إشكالات تشريعية قديمة لا يرغب المشرعون الأتراك بتعديلها أو العمل عليها.
ويشار بالضغوط إلى ما تلا زوبعة من الجدل التي أثارها قرار مديرية الطابو والعقارات التركية حول مسألة تملك السوريين من أصحاب الجنسية التركية للعقارات على الأراضي التركية، وكانت قد اشترطت المديرية ومركزها العاصمة أنقرة موافقتها بشكل مسبق على عملية البيع أو الشراء في حال كان أحد الطرفين سورياً مجنساً، وبالتزامن مع هذا القرار أعرب حقوقيون عن مخاوفهم من التضييق على المجنسين واعتبارهم مواطنين درجة ثانية.
يحق للمواطن السوري شراء عقار أو منزل في تركيا عن طريق أمرين لا ثالث لهما، إما حصوله على الجنسية التركية أو إنشاء شركة استثمارية يستطيع من خلالها شراء عقار ورفده بالشركة خاصته، ولا يحق له امتلاك عقار عن طريق وضع وديعة في البنك أو شراء منزل بمبلغ ضخم مثلاً، في حين يحق لجنسيات أخرى فعل ذلك.
تضع الحكومة التركية السوريين ضمن قائمة الممنوعين من التملك العقاري في تركيا بموجب القانون رقم /1062/ لعام 1927، والذي يقضي بالمعاملة بالمثل بحظر تملك الجنسيات الأجنبية التي تمنع دولها الأتراك من التملك في هذه الدول. ولمعرفة تفاصيل أكثر تحدثت عين المدينة إلى المحامي زياد الخالدي فأوضح أن تركيا في عام 1939 قامت بحظر التملك العقاري في تركيا على السوريين بسبب الخلاف الذي حصل بين الحكومة التركية آنذاك وحكومة الانتداب الفرنسي في سوريا، بعد استفتاء لواء إسكندرون وضمه إلى ولاية هاتاي التركية، الأمر الذي قابلته حكومة الانتداب الفرنسي بحجز أملاك الأتراك في سوريا.
وأشار الخالدي إلى أن الحكومة التركية حظرت تملك السوريين في تركيا للعقارات بموجب القانون رقم /1062 / لعام 1927، والذي يقضي بالمعاملة بالمثل. وتابع "في عام 2012 صدر القانون رقم 6302 الذي عدل القانون رقم 2644 لعام 1939 بموجب المادة 35 من القانون المذكور ورفعت حظر تملك العقارات عن الجنسيات الأجنبية في تركيا، ولكنها أبقت هذا الحظر ليشمل السوريين. ما زال مبدأ المعاملة بالمثل سارياً بحق السوريين المقيمين في تركيا، وحتى للسوريين الذي يمكن أن يحصلوا على عقارات في تركيا عن طريق التوريث، فهم كذلك لا يملكون الحق في التصرف به إلا بالسكن أو التأجير، ولكن لا يمكنهم بيعه".
تثير النقطة الأخيرة الريبة والشك في نفوس الكثير من السوريين المجنسين، إذ أنه لا يستطيع توريث عقاره وأملاكه لولده السوري او ابنته التي لم تحصل على الجنسية التركية.
"محمد" سوري حاصل على الجنسية التركية منذ عامين تقريباً، ويقيم في ولاية مرسين الساحلية، قال لعين المدينة أنه طُلب منه التوقيع على تعهد يقر فيه ضمنياً بمعرفته وموافقته على القانون التركي الذي يقضي بوضع يد الحكومة على أملاكه في حال لم يكن وريثه مواطناً تركياً أو حاصلاً على الجنسية، وأكد محمد أيضاً في سياق حديثه أنه منذ أكثر من خمسين يوماً أرسل طلباً لإدارة الأملاك في أنقرة للموافقة على عقد الشراء ولم يتلق أي رد إلى هذه اللحظة. ويرى السيد الخالدي وبعض الحقوقيين السوريين الآخرين المقيمين في تركيا، أن هذا التعهد بمثابة حجة قضائية كي لا يتذرع السوري الحاصل على الجنسية التركية ويسعى لشراء عقار بجهالة القانون، ويكون هذا التصريح حجة قضائية من ضمن أوراق معاملة الفراغ كمستند رسمي كونه وقع أمام موظف رسمي ويعتبر له حجية قضائية؛ وذلك لأن حق مصادرة الملكية من قبل الحكومة التركية أمر مركب يرتبط إما بكون مالك العقار سوري حاصل على الجنسية التركية وتوفي ولا يوجد له ورثة يحملون الجنسية التركية، أو سوري حاصل على الجنسية التركية وتم إسقاط الجنسية التركية عنه.
تغيب الإحصاءات والأبحاث الاقتصادية أو الاجتماعية التي تهتم وترصد حجم التأثير السوري على سوق العقارات التركي، ومع غياب تلك الأرقام يذهب البعض إلى القول أن تأثير السوريين المجنسين على حركة الشراء والبيع قد يكون تأثيراً محدوداً لأن القطاع العقاري التركي ضخم ومشبع بالاستثمارات الكبيرة؛ يبدي السيد "أحمد تيناوي" موافقته على جزء من هذا الطرح، ويعارض جزأه الآخر.
رأى تيناوي وهو صاحب شركة عقارات في اسطنبول، أن الإقبال تراجع من قبل المجنسين السوريين على شراء العقارات أو الاستثمار فيها نتيجة إجراءات وصفها بالمعقدة وغير المفهومة، وتوقع أن تؤثر مثل هذه العراقيل ولو بشكل نسبي اقتصادياً على بعض الأحياء في اسطنبول مثلاً، والتي يفضل السوريون العيش فيها وامتلاك بيوتهم الخاصة.
الدكتور في علم الاقتصاد "فراس شعبو" اعتقد بأن الاقتصاد التركي لن يتأثر بتراجع التملك العقاري للسوريين، واعتبر أن القطاع العقاري التركي ضخم وأقوى من أن يتأثر بمجموعة عقارات يشتريها السوريون المجنسون. وأضاف قائلاً لعين المدينة أن "الحالة الاقتصادية المتواضعة للاجئين السوريين بمن فيهم المجنسون، لا تسمح لهم بشراء عقارات ومنازل، وأن الحديث حول هذا الأمر مبالغ فيه" وحسب الدكتور شعبو فإن الجاليات العربية الموجودة في تركيا متملكة للعقارات أكثر من السوريين بكثير.
نصح السيد أحمد تيناوي ختاماً الراغبين بالشراء أو البيع التريث في الوقت الحالي وانتظار أن "تتوضح الصورة بشكل أفضل"، وأمل أن "تتعامل الجهات الحكومية مع الأمر بشفافية" وتسهل على السوريين عمليات الشراء والبيع؛ بينما رأى الدكتور فراس شعبو أن هناك تهويلاً من البعض في مسألة التملك والموافقات المترتبة عليها، واعتبر أن طلب الموافقة المسبقة هو إجراء روتيني لا أكثر، "يهدف إلى معرفة أوضاع الطرف المشتري من الناحية الأمنية والقانونية، ولذلك علينا أن نتجنب ردات الفعل غير المسؤولة في السوشيال ميديا وخاصة في هذه الفترة الحساسة بالنسبة إلى الوجود السوري في تركيا" حسب تعبيره.