الخدمات في الطبقة بين المنظمات ومشاريع قسد

SDF-Press

لا تقارن نسب الدمار والأضرار اللاحقة بالعمران والبنى التحتية في مدينة الطبقة، بنظيرتها في الرقة، إذ كان من حسن حظ الطبقة أنها تنقلت بين أطراف الصراع المختلفة بمعارك حسمت بسرعة! باستثناء ما تعرضت له الأحياء الأول والثاني والثالث من المدينة الحديثة من دمار نتيجة غارات طيران التحالف الدولي.

خرجت الطبقة من عباءة نظام الأسد في العام 2013 بسيطرة الجيش الحر عليها، ليصب مطار الطبقة بالقرب منها كامل حممه فوقها بشكل يومي، ما تسبب بدمار جزء من المنازل وتضرر في البنية التحتية للمدينة، دأب لاحقاً تنظيم داعش على إصلاحها، بعد أن سيطر عليها بداية العام 2014، وبقيت تحت سيطرته حتى منتصف 2017، ليبسط التحالف الدولي وقوات قسد سيطرتهما عليها.

اهتم تنظيم داعش بالطبقة كواحدة من المدن الرئيسية والمهمة له، حيث كانت تربط مناطق سيطرته من الشمال إلى الشرق السوري، وتربطها كذلك بالمناطق الصحراوية، وتعتبر نقطة انطلاق وتجمع للمقاتلين الأجانب القادمين من الخارج، حتى باتت المدينة أبرز مراكز المقاتلين الشيشان والقوقاز. لكن التنظيم لم يخض فيها سوى معارك صغيرة استمرت عدة أيام فقط، انسحب بعدها، وفق اتفاق مع التحالف أُبرم عبر وسطاء، أحد بنوده تفكيك داعش الألغام وإيضاح أماكن زرعها، وعدم تخريب المراكز والمواقع العامة، وهو ما يفسر لاحقاً سرعة عودة الحياة للمدينة بعد أيام فقط من سيطرة قسد عليها.

صار لاحقاً للطبقة أهمية لدى قسد أيضاً، كونها ترتبط بسد الطبقة، أحد أبرز موارد الطاقة في سوريا، و لقسد تحديداً، التي تخشى من فقد السيطرة عليها مستقبلاً، خاصة أن نظام الأسد يضع نصب عينيه استعادة السيطرة عليها، لذلك تسعى قسد بشتى الوسائل للمحافظة عليها وكسب ساكنيها من خلال الخدمات التي توفرها لهم، فالكهرباء "موفرة للمدينة من السد بمعدل أكثر من 12 ساعة"، و"تتمتع شوارعها بإنارة كاملة"، كما عملت القوى المدنية التابعة لقسد على تنفيذ مشاريع توعية وتدريب مهني وتأهيل للأطفال، ونُفّذت (مشاريع تنظيف المدينة)، وأعادت افتتاح المشفى الوطني فيها، بعد تجهيزه بكافة المعدات، ويخدم اليوم عشرات الآلاف من سكان الطبقة ومحيطها.

تحاول قسد من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الخدمية من كسب ود المدنيين فيها ودعمهم، خاصة أن المدينة (القديمة) تعتبر ذات طابع عشائري بحت، بعد أن هجر موظفو السد متنوعو المشارب المدينة (الحديثة)، كما جاء في تقرير سابق لعين المدينة. فأولت المدينة عناية ظهرت من خلال النشاط الذي تعمل به المنظمات المحلية أو الدولية فيها، والتي تقدم خدمات مختلفة لإعادة إعمار المنازل، كما تفعل منظمة (أبناء الحرب) حيث تشترط على أصحاب المنازل المرممة تأجيرها بشكل مجاني لمدة عام لنازحين من المناطق الأخرى؛ بينما تعمل منظمة (أطباء بلا حدود) على دعم الخدمات الطبية ومشفى الطبقة الوطني والعمل على تنفيذ عمليات توعية صحية؛ أما منظمة (بيتر هوب) فقد نفذت مشروع النظافة للمدينة ومشروع إنارة الشوارع.

تعمل المنظمات الأهلية مثل (أمل أفضل للطبقة) و(تاء مربوطة) و(معاً لأجل الجرنية) و(سيدة سوريا) في مجال الدعم المجتمعي والتعليم ومحو الأمية ومكافحة التطرف، و بدعم من منظمات أوروبية عاملة هناك، ويمكن القول، إن المنظمات الأهلية والدولية التي تعمل في الطبقة قدمت خدمات واسعة للسكان المحليين بشكل بات يفوق بشكل كبير خدمات المجلس المدني التابع لقسد.

بطبيعة الحال فإن معظم موظفي المنظمات السوريين هم من تمت تزكيتهم من قبل قسد، من خلال (مكتب التشغيل) الذي تديره، بحيث لا يمكن الالتحاق بأي وظيفة إلا عن طريقه، وهي أبرز المشاكل التي يعاني منها المدنيون هناك، فلا يمكنهم الحصول على وظيفة إلا بعد موافقة (المكتب)، كما تجد المنظمات والمؤسسات العاملة نفسها مرغمة على العمل ضمن هذه التفاصيل لتنفيذ مهامها.

ومؤخراً أطلقت (الإدارة المدنية لمنطقة الطبقة) التابعة لقسد مشروعاً بهدف إعادة تأهيل خطوط مياه الشرب والصرف الصحي، ويعتبر أهم مشروع يمكن الحديث عنه منذ سيطرة قواتها على المدينة، رغم أن (الإدارة المدنية) التابعة للقوات أعلنت أن خطوط شبكة المياه المستهدفة (تقدر بنسبة 25% من الشبكة، ومدة المشروع 90 يوماً)؛ ورغم أنه تأخر لأكثر من عام، وجاء نتيجة شكاوى المدنيين المستمرة منذ أشهر تطالب بإيصال المياه للمدنينة التي تحتاج شبكتها لإصلاحات بسيطة لا أكثر.