الحمّى التيفية (التيفوئيد) شبح يخيم فوق الفرات..

من الأرشيف البصري لمؤسسة بصمة

كثيراً ما تخلّف المعارك والعمليات العسكرية بيئة مناسبة لعودة

ظهور بعض الأمراض المنقرضة أو التي أوشكت على الاختفاء بشكل كلي، كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الصحية في تلك البقعة. ويعد ريف دير الزور من المناطق التي يدق فيها ناقوس خطر عودة هذه الأمراض لما شهده من معارك وقصف متواصل بالطيران والصواريخ.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة تزويد المشافي الميدانية باللقاحات والعلاجات اللازمة لما يُتوقع انتشاره من هذه الأمراض، بعد أن أضيفت المعالجات العامة إلى مهام هذه المشافي، فضلاً عن إسعاف ومداواة الجرحى. أما إذا كانت هذه المشافي تعاني من نقص في عددٍ من الاحتياجات الأساسية، فإن السؤال برسم المكاتب الصحية والطبية في تشكيلات المعارضة وفي المنظمات والهيئات العربية والإسلامية والدولية المعنية بهذا الشأن، كالصليب الأحمر الدولي ومنظمات الهلال الأحمر في دول الجوار وسواها. وهو أقل ما يمكن أن يقدمه داعمو الشعب السوري وأصدقاؤه.
الحمّى التيفية التي تعد من أقدم الأمراض عادت إلى الظهور في معظم أنحاء ريف دير الزور بأعداد مرعبة وفق إحصاءات بعض الأطباء وبعض المشافي الميدانية، كمشفى بقرص الميداني والنقاط الطبية التابعة له،

إذ يستقبل من 7 إلى 10 حالات يومياً، وهو رقم كبير جداً مقارنة مع الحالات التي كانت قد سُجِّلت في السنوات العشر الأخيرة. ويعد العامل الأساسي المسبب للحمى التيفية هو بكتيريا (عصية السالمونيلا التيفية Salmonellae Typhi bacteria)، وهي جراثيم سلبية الغرام، تنتقل مباشرة من شخص إلى آخر عن طريق المياه أو الأطعمة الملوثة ومنتجات الحليب والخضار والفواكه المروية بمياه ملوثة، خاصة بعد إثبات التحاليل ارتفاع نسبة تلوث مياه الفرات ببكتريا السالمونيلا، إضافة إلى الذباب كناقل أساسي لهذه البكتريا.
وتمتد فترة حضانة المرض من أسبوع إلى أسبوعين، تليها فترة الإصابة التى تستمر من 4 وحتى 6 أسابيع تظهر فيها أعراض المرض المتمثلة بارتفاع حروري وحمى يومية مع صداع وإرهاق وآلام عامة في كل الجسد وسعال جاف. وفي بعض الحالات قد يعاني المريض من ضيق أو صعوبة في التنفس وجفاف الفم والشفتين مع فقدانٍ للشهية وفقدانٍ للوزن، إضافة إلى أعراض اخرى تتمثل بالشعور بآلام شديدة في البطن قد يصاحبها إسهال يصاب به الأطفال أو إمساك غالباً ما يكون عند البالغين.
ويتوجب عند ظهور تلك الأعراض عزل المريض وتعقيم الأغطية والملابس التى يستعملها، مع راحة تامة، وتغذيته بوجبات غنية بالسعرات الحرارية والإكثار من السوائل المختلفة والأطعمة المسلوقة والمطحونة الحاوية على الفيتامين والسكريات اللازمة والأطعمة المطبوخة جيداً.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن سبل الوقاية ضرورية جداً لمواجهة هذه الحمى. وهي تتلخص بالتقيد بقواعد النظافة العامة، وخاصة فيما يتعلق بالطعام وبعد الخروج من الحمام، والانتباه الجيد لتعقيم الحليب ومشتقات الألبان وتغطية الصرف الصحي وتحويله عن مجرى النهر ما أمكن، وعزل المرضى المصابين لمنع اختلاطهم بالآخرين ونقل العدوى إليهم، وأخذ اللقاحات المناسبة من النقاط الطبية والمشافي الميدانية..
ومن المؤلم أنه قد صار ضرورياً أن تقدم وسائل إعلام الثورة بعض المعلومات الطبية المتخصصة لتكون في متناول من قد يحتاج إليها ولا يستطيع الوصول إلى المشفى لأسباب مختلفة، أو يوجد في مكان يعاني من نقص في الطواقم الطبية، كما هو حال العديد من البلدات والقرى السورية حالياً.