البوكمال... إدارة المدينة في زمن الحرب

البوكمال - ساحة الحرية | عدسة نوار | خاص عين المدينة

في جلسات مزادٍ علنيٍ، عرض المجلس المحلي لمدينة البوكمال كمياتٍ كبيرةً من الحنطة التالفة للبيع. كانت هذه الحنطة مخزنةً في صوامع حبوب المدينة، التي حرستها كتائب الجيش الحر من السرقة، ثم سلمتها للمجلس المحلي.
قُدرت كميات الحنطة المخزّنة بحوالي 600 طن، تعرضت للتلف نتيجة قصف الطائرات الأسدية لصوامع الحبوب في المدينة، مما أدى لإفساد عملية التخزين، وبالتالي لانتشار حشرة خنفساء الحنطة، مما اضطر المجلس المحلي لعرضها للبيع كمادة علفية. وتراوحت أسعار المبيع بين (21.5 - 25) ليرة للكيلو غرام الواحد.
يقول همام الزعزوع، عضو المجلس المحلي لمدينة البوكمال: لم يتمكن المجلس المحلي من معالجة الحنطة بما يلزم من المواد الحافظة بعد قصف الطائرات للصوامع، مما أدى لانتشار خنفساء الحنطة، وبالتالي لم تعد الكميات المخزنة صالحة للاستخدام البشري. ولهذا عرض المجلس هذه الكميات للبيع في جلسات مزاد علني. وبثمن هذه الحنطة التالفة اشترى المجلس طحيناً وقام بتوزيعه على أفران المدينة، وهي خمسة أفران تعمل تحت رعاية المجلس المحلي، وتؤمّن الخبز للمواطنين بسعر 25 ليرة للربطة الواحدة.
إذ تحتاج البوكمال إلى 12 طن من الطحين يومياً، يأتي تأمينها في أول مهام المجلس المحلي، بالإضافة إلى المهام والواجبات الخدمية الأخرى. والحمد لله، استطعنا تأمين هذه الكمية طوال التسعة أشهر الماضية من عمر المجلس. علما أن ما وصل إلينا من طحين عن طريق المنظمات الإغاثية المتعددة لا يزيد عن 75 طناً فقط، وهي كمية لا تكفي لتغذية المدينة وتشغيل الأفران لمدة أسبوع. لكننا نبذل جهوداً جبارة في هذا السياق، إذ إننا نعتمد سياسة دعم هذه السلعة الضرورية، فنحن الآن نشتري كيس الطحين من السوق بسعر 2600 ليرة ونبيعه للأفران بسعر 800 ليرة فقط، أي بأقل من ثلث ثمنه الفعلي. واستطعنا بهذه العملية الحفاظ على سعرٍ ثابتٍ لربطة الخبز في مدينة البوكمال. ولا بد من توجيه الشكر إلى أبناء البوكمال المغتربين في الخارج، الذين كانوا الداعم الأول للمجلس في رعاية الأفران وفي أعمال المجلس الأخرى.
أثبت المجلس المحلي للبوكمال قدرته الكبيرة على إدارة المدينة وإعادة تشغيل مؤسساتها الخدمية والاقتصادية المختلفة. وهو بذلك يحتل موقعاً متميزاً على قائمة المجالس والهيئات الشبيهة، على مستوى المناطق والمدن المحررة. وإن تجربته المميزة ربما تدفع مجالس محلية حديثة النشأة، في مناطق أخرى، إلى الاطلاع على تفاصيل عمله وأدائه. ففكرة المجالس المحلية قد قامت بالأصل على تبادل الخبرات والتجارب وتطوير أساليب العمل بديناميكية تناسب إدارة شؤون المناطق المحررة وتأمين احتياجات أهلها المعاشية والإدارية في ظل الأحوال المؤقتة التي تعيشها هذه المناطق، حتى نشوء سلطة مركزية بديلة قادرة على القيام بهذه المهام.