إغلاق عشرة مراكز صحية سورية في تركيا و«الحبل عالجرار»

الصورة تعبيرية

أنهت تركيا، في السابع من نيسان الجاري، الجدل حول سياسة السماح للمراكز الصحية السورية بالعمل داخل أراضيها دون التبعية لوزارة الصحة التركية. الأمر الذي بدأ على شكل شائعات منذ بداية 2017، ليتحول إلى حقيقة مع إغلاق عشرة مراكز صحية تابعة لمنظمة IMC، تتوزع في خمس ولايات ومدن تركية (كيليس، نيزب، مرعش، مرسين، كرك خان)، بعد أن أغلقت أربعة مراكز في آذار الماضي في إسطنبول وعنتاب.

وللوقوف على ظروف هذا القرار وتبعاته على اللاجئين السوريين أجرت «عين المدينة» هذا التحقيق في ولاية كيليس بعد إغلاق ثلاثة مراكز صحية فيها.

مرضى الحالات المزمنة إلى أين؟

قالت السيدة أم محمد (55 عاماً)، وهي تعاني من مرض السكري: «كان المستوصف يؤمن لي أدويتي، كالأنسولين ومنظم السكر، باستمرار ودون انقطاع منذ ثلاثة سنوات. بعد أن أغلقوه لا أعرف إلى أين سأذهب». وفي حديثها عن المشافي التركية العامة قالت أم محمد إنها عانت كثيراً في السابق منها، وتبدأ المعاناة منذ الدخول إلى المشفى برحلة البحث عن المترجم الذي يرفض مساعدة المرضى إلا بالرشوة، «وأنا لا أملك المال». بالإضافة إلى الساعات الطويلة في انتظار الدور الذي ربما يطول لأكثر من يوم، علاوة على التعقيدات التي تواجه المرضى مع الأطباء أنفسهم.

بينما قال أحمد ناصر، وهو والد أحد الأطفال الذين يعانون من الربو التحسسي، إن المستوصف كان يقدم لهم الأدوية وجلسات الإرذاذ، بينما يضطر إلى الوقوف لساعات في المشفى في كل مرة يحتاج فيها طفله للعلاج، الأمر الذي يضطره إلى التغيب عن عمله أيضاً.

أما غياث الأحمد، القادم منذ شهرين إلى ولاية كيليس، فقال إن المشكلة تكمن في عدم حيازة بعض اللاجئين بطاقة الكيملك إلى الآن، ولا يمكن الدخول إلى المشافي التركية دون الحصول عليها. «كانت المستوصفات «تقدر حالتنا» وتعالجنا دون هذه الهوية. علماً أن دور الحصول على الكيملك يستغرق أكثر من ستة أشهر، فإلى أين سنذهب؟».

ويوضح غياث أن المعاينة المأجورة في المشفى تصل إلى «80 ليرة تركية، أي ما يقارب 25 دولاراً»، علاوة على التحاليل والصور والأدوية غالية الثمن.

ويقول حسام. ر، أحد العاملين في المستوصف السوري، إن هناك ما يقارب 500 من مرضى الحالات المزمنة (الضغط، القلب، السكري) كان يخدمها هذا المستوصف الذي هو أحد المراكز الثلاثة التي أغلقت في كيليس، أما الآن فليس لهم بديل إلا التوجه نحو المشافي التركية.

ووصف حسام قرار الإغلاق بالجائر، وأنه سيزيد من معاناة السوريين، إذ كان المستوصف يقدم المعاينة الطبية لـ5000 مريض شهرياً في مختلف الاختصاصات، بالإضافة إلى 50 حالة لاشمانيا (حبة السنة)، كما كان يقدم -من خلال تعاقد المنظمة مع مشفى أتاتورك- التحاليل الطبية بالمجان، إذ تقوم المنظمة بدفع تكلفتها، بالإضافة إلى الأدوية التي كانت تصرف مجاناً من صيدلية المستوصف. ويقول الصيدلي محمد إن المستوصف كان ينفق ما يقارب 50000 دولار كل ثلاثة أشهر ثمن أدوية، وإن معظم الأدوية الأساسية كانت متوفرة.

الأطباء والعاملون في المستوصفات إلى منازلهم

يقدر عدد العاملين في المستوصفات المغلقة بـ300 موظفاً، جاءهم قرار الإغلاق دون سابق إنذار، بحسب حسام الذي قال إن قرار الإغلاق لم يناقش ولم نسمع به إلا قبل أيام من تنفيذه. وفي بيان لمنظمة IMC الراعية لهذه المستوصفات أوضحت أن القرار جاء نتيجة عدم استكمال الأوراق وتصاريح العمل التي تخص العاملين فيها. وقال أحد أطباء المستوصف، رفض ذكر اسمه، إن مديرية العمل التركية تشترط لترخيص أي مؤسسة أن تكون نسبة الموظفين الأجانب واحد إلى خمسة، أي أنه يجب على المنظمة تشغيل 5 أتراك مقابل كل موظف سوري، وإن المنظمة أخبرتهم بعدم قدرتها على تطبيق هذا الشرط، ما أدى إلى إغلاق المستوصفات.

البدائل التركية

قالت وكالة الأناضول إن الحكومة التركية أطلقت، في منتصف شهر آذار الماضي، بالاشتراك مع الاتحاد الأوروبي، دورات للأطباء والممرضين السوريين مدتها 6 أسابيع لتدريبهم على آلية عمل نظام الصحة في البلاد. وسيتم تعيينهم، عند إنهاء الدورة بنجاح، في مراكز طبية للاجئين سيتم إنشاؤها مستقبلاً، وسيسدد الاتحاد الأوروبي مصاريف استئجارها وتجهيزها ويدفع أجور العاملين فيها.