«سواعد الخير» حسبة «تحرير الشام» في إدلب

من صفحة سواعد الخير على الفيسبوك

تسعى هيئة تحرير الشام في إدلب إلى فرض سطوتها والتدخل في شؤون المشافي والمدارس والجامعات عبر جهاز (سواعد الخير) أو ما يُعرف بـ "الحسبة" أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي بات يسيطر على دائرة الأوقاف في المدينة، ويضمّ رجالاً ونساء من جنسيات عربية ومنها سورية متخصصة في مجال الدعوة الدينية والإصلاح الاجتماعي، وتتجوّل في الشوارع بدعم من كتائب أمنية تابعة لتحرير الشام لفرض قوانينها قسراً والسيطرة على كامل تفاصيل الحياة، كمتابعة الحجاب واللباس الشرعي ومحلات التدخين والأغاني والاختلاط وغير ذلك.

أبو الحسن من مدينة إدلب (أحد عناصر هيئة تحرير الشام) أعادَ سبب تشكيل جهاز سواعد الخير إلى حاجة الناس بشكل دائم إلى نظام يسيرون عليه، وسلطة لتنفيذ هذا النظام، لذلك "تم تشكيل جهاز سواعد الخير الذي يعمل وفق أحكام الشريعة بهدف الرقابة الشرعية على كافة مفاصل الحياة، لتوعية الناس وضبطهم وردّهم إلى ما فيه صلاحهم من خلال الحملات والندوات ومراقبة كافة المؤسسات التعليمية والطبية".

بالمقابل يشتكي معظم أهالي إدلب وريفها (لهيئة تحرير الشام نفوذ كبير داخلها) من ممارسات المجموعة وقوانينها المتشددة والخانقة التي تُشارك ظروف الحرب في التضييق عليهم.

سليم من ريف إدلب (انشق عن هيئة تحرير الشام بسبب خلافاتها واقتتالها المتكرر مع بقية الفصائل) تحدّث لـ عين المدينة عن ممارسات سواعد الخير مطالباً عدم الكشف عن اسمه الحقيقي قائلاً: تقوم سواعد الخير بجولات متكررة على المدارس والجامعات للتدخل بشؤون الطلاب والمدرسين من خلال فرض اللباس الشرعي وفصل الذكور عن الإناث، وتعتقل الكثير من المواطنين والناشطين بتهمة الانتهاكات غير الشرعية، كمحاولة اقتحام مدرسة العروبة للبنات في إدلب بعد تهديد ووعيد من إحدى الداعيات للمعلمات والطالبات، واقتحام معهد فيثاغورث (معهد تعليمي خاص للشهادة الإعدادية والثانوية في إدلب المدينة) بحجة التفتيش على الاختلاط بين الذكور والإناث، حيث تم الاعتداء بالضرب على أحد المدرسين بحجة تدريس طلاب وطالبات في غرفة واحدة ضمن المعهد، وإجبار الإدارة للتوقيع على تعهد ودفع غرامة مالية على خلفية الاتهام بوجود مخالفة شرعية، مما سبب حالة رعب كبيرة لدى الطلاب، وقامت سواعد الخير مؤخراً بإغلاق جامعة إيبلا الخاصة بالقرب من مدينة سراقب واعتقال مديرها بسبب فيديو لحفل تخرج طلاب الجامعة، بتهمة انتشار الموسيقا والاختلاط بين الذكور والإناث.

أم وليد من مدينة إدلب اضطرت لمنع ابنتها من الذهاب إلى المدرسة معللة ذلك بـ "إساءة عناصر سواعد الخير للأهالي بغلظتهم غير المبررة، والتضييق على العنصر النسائي بشكل خاص، إذ يفرضون زيّاًّ معيناً على النساء والفتيات، كما قامت الداعيات بمحاولة لاقتحام مدرسة ابنتها بمساعدة عناصر من هيئة تحرير الشام الذين قاموا بإطلاق الرصاص وإثارة الهلع والخوف بين الطالبات".

كذلك أبو محمد من مدينة إدلب يشكو من إيقاف سواعد الخير لعمل باصات النقل الداخلي المجانية التي كانت تُقلّهم وتخفّف عن كاهلهم بعض الأعباء "كانت (باصات الخير) تُسيّر رحلات داخلية مجانية على مدار الساعة لإيصال الطلاب والموظفين إلى أماكن عملهم مجاناً، لكن مجموعة سواعد الخير أوقفت عملهم في العاشر من شباط 2018، واعتقلت السائقين بذريعة محاربة الاختلاط بين النساء والرجال في مكان واحد".

فاطمة من مدينة سرمين بريف إدلب عبّرت عن معاناتها بالقول: "كنت مع زوجي في طريقنا إلى مدينة إدلب لزيارة أقاربنا حين استوقفنا حاجز تابع لهيئة تحرير الشام، وبدؤوا بتوبيخ زوجي وحدثت بينهم مشاجرة كلامية بسبب عدم ارتدائي للنقاب الذين يعتبرونه فريضة واجبة، ومنذ ذلك اليوم أصبحت مضطرة لارتدائه خوفاً من ظلمهم وجبروتهم".

لم تسلم المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب وريفها على خدمة الأهالي من التدخل في شؤونها من قبل (سواعد الخير) لفرض سلطتها المطلقة على المدينة، إضافة إلى رغبتها بالسيطرة على تمويل ومصاريف هذه المنشآت، وتحسين وضع هيئة تحرير الشام اقتصادياً، الأمر الذي دفع تحالف المنظمات السورية غير الحكومية إلى إصدار بيان يرفض تدخل أي جهة عسكرية أو سياسية أو شرعية بعمل المنشآت المدنية، مُحمّلاً هذه الجهة المسؤولية الكاملة عن توقّف تقديم الخدمة للمدنيين.

كما قامت مجموعة سواعد الخير مؤخراً بإطلاق مشروع (إدلب الخير) الذي سيُلزم المواطنين بقانون ونظام شرعي عام في محافظة إدلب، لذلك أصدرت المجموعة بياناً تدعو فيه العلماء والدعاة وحكومة الإنقاذ وجميع المؤسسات العامة لدعم المشروع، معتبراً أن المدينة تحررت لتحكم بشرع الله ولإقامة مجتمع إسلامي، يظهر فيه المعروف ويختفي المنكر.

أبو عدنان من مدينة إدلب يمتلك متجراً لبيع المواد الغذائية يستنكر ممارسات جهاز سواعد الخير متحدثاً عن معاناة الباعة منها بالقول: "تقوم سواعد الخير بشكل يومي بالتجول في المدينة ضمن الأسواق والأحياء السكنية عبر سيارات خاصة أو من خلال فرق جوالة لمتابعة بيع الدخان، ويطلبون تغطية رؤوس دمى عرض الألبسة في المحلات والبسطات، إضافة لمراقبة الجوالات ومحلّات الحلاقة، وحتى المدنيين في الشوارع لا يسلمون من مضايقاتهم، وكل ذلك لفرض الإتاوات والمخالفات التي تُرهقنا وتُشكّل عبئاً إضافياً يُثقل كاهلنا، لتمتلئ صناديقهم من جيوبنا ولقمة عيشنا".