الشهابي فارس صناعيٌّ ليس كغيره

م. أحمد عبدو

تعود أصول عائلة الشهابي إلى مدينة الباب الواقعة إلى الشرق من حلب (35 كم)، والتي اقـترن اسمها منذ انقلاب حافظ الأسد (1970) باسم حكمت الشهابي، رئيس المخابرات العسكرية لثلاثة أعوام 1971-1974، ثم رئيس الأركان وأحد أبرز المسؤولين عن الملف اللبنانيّ، حتى تقاعده في نهاية تسعينيات القرن الماضي.

منصب الشهابي وقربه من الأسد فتحا الباب واسعاً أمام أبناء الجيل الثاني من عائلته في المنح التعليمية خارج البلاد والفوز بما يشاؤون من فرصٍ في التجارة والصناعة. ومن أفضال النظام على العائلة، أو أفضال الخال حكمت، إيفاد ابن شقيقته فارس لدراسة الهندسة الصناعية على نفقة الدولة في جامعة أوهايو الأمريكية.

في التسعينيات بدأ مشوار الحدّ من القيود الاقتصادية في سورية لصالح الطبقة الجديدة الصاعدة والباحثة عن الثروة نتيجة العلاقات العائلية والطائفية. واكتمل هذا المسار مع وراثة الابن بشار الحكم، في صيف (2000)، تحت أسماء مختلفةٍ كاقتصاد السوق الاجتماعيّ وغيره. أسّس فارس شركة ألفا للأدوية في المنصورة (ريف حلب الغربيّ) في العام (1990). وهي شركةٌ تقع على مساحة (63000) م2 لإنتاج مختلف صنوف الأدوية، لتصبح من أهمّ الشركات الدوائية في سورية، بإدارة والده أحمد الشهابي وعضوية أخويه أيمن وحسام في مجلس الإدارة. كما كان الإخوة الثلاثة من مؤسّسي شركة شام القابضة (2006)، التي يملك رامي مخلوف أكثر من 51% من أسهمها، ويرئسها مع مجموعةٍ من كبار رجال الصناعة والمال في سورية، بينهم فارس كعضو مجلس إدارة، برأسمالٍ أوليٍّ قدره (350) مليون دولار، وبمشاريع تتجاوز المليار دولار في مختلف قطاعات الصناعة والاستثمار. إضافةً إلى أن فارس ووالده من مؤسّسي فرنسبنك (2009) برأسمالٍ قدره (5250000000) ل.س، أي ما يعادل وقتها حوالي (100) مليون دولار، مع مجموعةٍ من الشخصيات الصناعية والسلطوية أهمّها علي وهيب مرعي (تاجر الحديد المرعب في الساحل السوريّ ومستورده الوحيد). ناهيك عن الشركة السورية العربية للتأمين (2005) التي كان رأسمالها مليار ليرةٍ، بما يعادل (20) مليون دولار. أضف إلى ذلك نشاطاته المشبوهة مع أمثاله من تجار الأدوية (محمد السخني مثلاً)، فتحت هذا البند من الصناعة كانت تتمّ التجارة بالمخدرات بحجة استخدامها في بعض الأدوية. كما يملك فارس معملاً لتنقية زيت الزيتون في المدينة الصناعية (حالياً مدرسة)، وغيره من شركات الاستيراد والتصدير. وبالرغم من الحديث عن أسهمٍ للشهابي في بنك الشرق لكنه لم يُذكر بين المساهمين وفق صفحة البنك الرسمية.

انتخب الشهابي رئيساً لغرفة صناعة حلب في دورة (2009-2013)، وفي الدورة التالية (2014-2018)، كأصغر رئيسٍ للغرفة في سورية، وفي العام (2014) رئيساً لاتحاد غرف الصناعة السورية. ولم يكن اختياره لأنه واحدٌ من أغنى (100) شخصيةٍ في البلاد، وإنما بسبب قربه من أجهزة السلطة، وخاصّةً المخابرات الجوية التي تعود علاقته بها إلى أكثر من عشر سنين أيام اللواء محمد بكور أوّل رئيسٍ لفرع حلب. وخلال الثورة كان فارس واحداً من رعاة وممولي الشبّيحة في حلب.

يمضي الشهابي على طريق رامي مخلوف في نشاطه عبر الجمعيات الخيرية، فيقوم بتوزيع بعض المواد الغذائية وألبسة الأطفال ورعاية بعض النشاطات ليروّج من خلالها لسياسة القتل التي ينتهجها النظام. إذ لا تخلو مناسبةٌ وحديثٌ له إلا ويدعو إلى إبادة و"تطهير" بعض المناطق والأحياء التي ثارت مبكراً، واصفاً مدينة عندان بـ"المزبلة" التي يجب تدميرها وتسويتها بالأرض لتبنى مكانها مزارع للصناعيين والتجار، وكذلك الأمر مع "مستوطنة" حيّ بني زيد، كما يدعوها، أما حيّ بستان القصر فيسمّيه "بستان العهر"، متغنياً بالبراميل المدمِّرة التي يلقيها أسياده بأنها "نغمات مطربة" يحب السهر على أصواتها وهي تدك وتسحق "المتآمرين".

فارس الشهابي واحدٌ من الشخصيات التي نمت ضمن العلاقة التي وصفها الباحث ياسين الحاج صالح بـ"مخلوف أو مخالف". فكان مع مخلوف تابعاً وشريكاً ليضمن لنفسه الحماية من تجاوزات رجال السلطة وقوانينها التي تطبّقها وقتما تشاء وعلى من تريد، ثم لمع اسمه خلال سنوات الثورة لا كصناعيٍّ ومدافعٍ عن الصناعيين، بل كشخصيةٍ حلبيةٍ ناطقةٍ باسم أجهزة القمع والتدمير إلى درجة التطرّف، مبرّراً كافة أشكال القتل وداعياً إلى الإبادة الجماعية للثوّار ولمناطقهم.