نزع الكــيماوي.. ثم جينيف 2... وللأسد حــرية القـتل

نظرت غالبية القوى الدولية إلى قرار مجلس الأمن الصادر منذ أيام، بخصوص نزع السلاح الكيماوي من يد نظام الأسد، على أنه انتصارٌ أممي، كلٌ من وجهة نظره. إلا أن الأوضح، من خلال تصريحات زعماء ووزراء خارجية الدول المؤثرة في الملف السوري، أن هذا الانتصار كان انتصاراً لتوجّه تلك الدول ولدبلوماسيتها. فلافروف، رغم تحفظه على اتهامات الكثير من الأطراف للأسد باستخدام الكيماوي، اعتبر ما وصل إليه مجلس الأمن طريقاً نحو عقد مؤتمر جينيف 2 للسلام في سورية. بينما رأى أوباما أن الحقيقة الأهم فيما حصل في مجلس الأمن أن بلاده توصلت إلى إجبار الأسد على القبول بنزع الكيماوي نتيجة التهديد بالضربة العسكرية.

 

وجوب إزالة السلاح...

بعد جريمة نظام الأسد الكبرى باستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية والغربية، في 21 آب الماضي، توصلت الأطراف الدولية إلى قناعةٍ مفادها أن إزالة هذا السلاح هي الحل، وهي التي تضع الخطوات الأولى نحو اتفاقية سلام. وقضية السلام، وفق المؤتمر المزمع عقده، من وجهة النظر الروسية والأوروبية وحتى الأمريكية، هي تجنّب الحرب وفرض العقوبات العسكرية المباشرة على نظام الأسد، أكثر مما هي تجنيب المدنيين السوريين طغيان النظام. فسحب السلاح الكيماوي من يد النظام السوري لم يلغِ حملاته اليومية بمختلف أنواع الأسلحة على المدنيين، والاستخدام اللاكيماوي اليوم بات ـ من وجهة نظرٍ غربية ـ جزءاً من حربٍ على الأرض السورية أكثر مما هو جريمةٌ يرتكبها النظام تجاه شعبه. والخطاب الأمريكي، الذي تبدّى قبل وخلال وبعد انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي، آخر أيلول الماضي، يُظهر أن المشكلة هي نوعية السلاح المستخدم، وضرورة نزعه، بينما لم يتمّ تناول السلاح الآخر بأكثر من جمل إدانةٍ على لسان بعض المسؤولين، الذين لم ينسوا تسويق دعاية الأسد بحربه ضد الفصائل السلفية المسلحة.

 

كلمة الفصل الروسية

لم تتوانَ القيادة الروسية عن فرض شروطها خلال اجتماع مجلس الأمن، تمهيداً لتلكؤ وعدم جدّية النظام السوري بتسليم السلاح الكيماوي. فوضعت منذ الآن خططاً بديلة، بدأتها بما قاله وزير خارجيتها بأن أي اتهامٍ ضد دمشق يجب أن يتم التحقّق من صحّته بعنايةٍ من جانب مجلس الأمن، وإثباته مئة بالمئة قبل تصويت الأمم المتحدة على أية عقوبات، التي يجب أن تكون متناسبة مع الانتهاكات. ولم يغب عن بال الدبلوماسي الروسي الأقرب إلى نظام الأسد أن يسعى، بكل ما أوتي من قوة، لإعاقة قرار إمكانية فرض عقوباتٍ من مجلس الأمن في حال لم يلتزم نظام الأسد بتسليم السلاح، لكن هذه العقوبات لن تكون تلقائية، ما يتيح لموسكو تعطيل أي قرارٍ لاحقٍ من جديد.

 

الائتلاف الوطني.. القرار المتأنّي

يتخبّط الائتلاف اليوم بين عدة معادلات، يصعب عليه اتخاذ أي قرارٍ حقيقيٍ بشأنها، بدءاً من معادلة الداخل وإشكالية المناطق المحررة مع تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام، ثم تشكل جيش الإسلام، ووصولاً إلى عدم وضوح القرار فيما يتعلق بمؤتمر جينيف 2. فالمشاركة وعدمها يعتبران قرارين كبيرين في ظل التراخي الدولي والميل الأممي نحو نظام الأسد، خاصة بعد اجتماع مجلس الأمن الدولي. فما طلبه الجربا من المؤتمر هو أن يكون "واضح الأهداف"، وأن لا يتحول إلى "حوارٍ لانهائيٍ مع نظام الأسد".
ومن جانبه، لا يخفي بان كيمون، أمين عام الأمم المتحدة، تفاؤله بجينيف2، وعدم قلقه من مسيرة العملية السياسية حول سورية. بينما لا يبتعد محللون عن رؤية واقع المؤتمر من اليوم، حينما سيرفض نظام الأسد محاور محدّدة أو أطرافاً معينة تجلس في مواجهته على طاولةٍ لم يعتد الجلوس إليها أبداً، وسيتعالى عليها، خاصةً بعد ضماناتٍ بالجملة بعدم التدخل العسكري ضده.