موالو النظام في الساحل يطالبونه برد الدين وتوفير الخدمات لهم مقابل تضحياتهم لأجله

يعتبر موالو النظام من الطائفة العلوية في الساحل أنفسهم أصحاب الفضل في بقائه، لذلك فمن واجبه أن يكون وفياً لموقفهم هذا، عدا عن تفضيلهم في كل ما يمكن أن يستحصله من (الدولة) لهم؛ يظهر ذلك في العديد من السلوكيات والظواهر والأحاديث اليومية والشعارات.

فهم يعترضون على انقطاع الكهرباء في مدن الساحل لأنهم يعتبرون أنه من الطبيعي حرمان أي محافظة أخرى من الكهرباء بهدف بقائها بشكل متواصل لديهم، “فمن المعيب أن تنام أسر القتلى والجرحى في الظلام، بينما تنعم بالكهرباء الأسر التي لم تقدم أي شيء، بل وجميع أبنائها انضموا إلى صفوف المعارضين للنظام في حلب أو دمشق".

يتضح الأمر كذلك عند الحديث عن المنتجات الزراعية التي تنتجها قرى الساحل من خضار وفواكه أو حمضيات، فبيعها بأسعار زهيدة والعجز عن تصريفها يعتبر أمراً مهيناً بحق أبناء ومزارعي هذه القرى، ويتوجب على "الجهات المسؤولة في الحكومة" أن تردّ الدين لهم من خلال هذه الأمور، فضلاً عن الدعم المستمر والدائم الذي يتوجب أن يتوفر لتعويض أسر القتلى والمصابين ومنح أبنائهم ميزات كبيرة وصلاحيات مطلقة، هذه الأمور تتفاقم وتظهر للعلن مع أي موقف أو مشكلة تواجه هذه الفئة من السكان، من نقص الخدمات أو ارتفاع الأسعار إلى صعوبة العيش وغياب فرص العمل.

تتحدث منى العبد (إحدى طالبات جامعة تشرين) لعين المدينة عن الظواهر التي تشاهدها في الجامعة من الموالين، ففي حال تم الإعلان عن أي وظيفة أو شاغر تتوافد النساء إليها وتعريفهن عن أنفسهن بأنهن "أخت القتيل فلان" أو "زوجة الضابط الذي قضى في معارك ريف اللاذقية فلان"، في ظل غياب كامل لأي مؤهلات علمية أو مواصفات من الممكن أن تتيح لهن الفرصة للعمل في المجال المطلوب.

تنسحب تلك الحالة -بحسب العبد- على الطلاب الذين يعترضون بشكل دائم على المدرسين وعلى نتائج المواد والقرارات الصادرة، ويطالبون باتخاذ إجراءات تتيح لهم النجاح والانتقال من عام دراسي إلى الذي يليه حتى ولو رسبوا في كافة المواد، معتبرين أنه يكفي ما حل بهم من حزن وما قدموه، فأغلب الشبان الموالين في الجامعة متطوعين في صفوف الكتائب والميليشيات، فضلاً عن وجود فئة ممن أصيبوا يتابعون دراستهم أيضاً.

ومن غرائب القصص التي عاينتها في الجامعة تتحدث عن واحدة حصلت عندما توجهت إحدى الطالبات نحو عميد كلية الآداب في الجامعة، وصرخت مطالبة إياه بإعادة امتحان إحدى المواد لها لأنها لم تستطع تقديم الامتحان بسبب مقتل أخيها في اليوم ذاته، مما أجبرها على ترك الامتحان والبقاء لحضور التشييع والجنازة، معتبرة أن روح أخيها ذهبت فداء للوطن الذي يجب أن يقدر ظروفها ويساعدها على متابعة تحصيلها العلمي، وهذه الحادثة وجدت تعاطفاً كبيراً من قبل الطلاب والمدرسين الموالين الذين عمدوا إلى تهدئة الطالبة، مع وعود بإتاحة الفرصة لها خلال الدورة الصيفية ومساعدتها للنجاح عندها.

هناك ثقة كبيرة عند الحديث وغياب للخوف من نظام أمني كنظام الأسد، حيث باتوا يفضلون أنفسهم عن الوزراء وكافة المسؤولين لدى النظام عدا بشار الأسد الذي يسعى لمحاربة فساد مسؤوليه وتحسين الوضع، فهم أكثر محبة ووفاء من كافة أركان النظام والمسؤولين لأنهم قدموا للأسد ما عجز عنه هؤلاء، ويطالبون مع أي نقد أن يرسل الوزراء أبناءهم للقتال على خطوط الجبهات، وكون أبنائهم في الخطوط الأولى فإن ذلك يمنحهم مساحة للتعبير عن غضبهم وظروفهم الصعبة، خصوصاً عند احتدام المعارك ووصول القتلى والجرحى بشكل يومي إلى مدن الساحل.

يتحدث محمود عثمان (أحد سكان بلدة بانياس) لعين المدينة عن أنه لا توجد عائلة إلا وفقدت أحد أقاربها، والحرب لاتزال مستمرة والنظام بحاجة لتجنيد المزيد من أبناء الطائفة في صفوفه لذلك هو مجبر على السكوت عن كافة الاعتراضات والنقد الذي يوجهونه لحكومته، فضلاً عن أن تجنيد الشباب دفع لقلة اليد العاملة ونقص الخدمات في كافة مجالات الحياة، والاعتراضات دائماً موجودة سواء فيما يتعلق بأمور النظافة أو الشوارع أو إعادة ترميم أو إصلاح أي منطقة.

أضاف محمود أن البعض من الموالين يعتبر وجود مشاكل وعدم توفر الخدمات في الساحل هو أمر مقصود، متسائلين "هل يجب علينا أن نقدم أكثر من ذلك لكي تُؤمن لنا مطالبنا ولنعيش في وطن يوفر حقوقنا؟"، معتبراً أن النظام يعمل على تجديد ولائهم له بين الحين والآخر بعد حدوث أي موجة من الغضب والاعتراض على الوضع أو المطالبة بالحقوق، من خلال التفجيرات التي يحدثها أو نشر إشاعات عن وجود سيارات مفخخة تعمل دوريات الأمن على إيهام الأهالي بإلقاء القبض عليها.

يُذكر أن الصفحات الموالية للنظام تنشر الكثير من التعليقات والمنشورات التي تتحدث عن موضوع ضرورة مكافأة أهالي المناطق الموالية ورد المعروف والجميل لهم، وضمن ذلك نشرت صفحة حمص عين على الحدث مؤخراً صوراً لبعض الأحياء في المدينة تظهر سوء الطرقات وانتشار الحفر بكثافة، وجاء التعليق عليها أن إعادة الإعمار يجب أن تبدأ من هذه الأحياء التي "هب شبانها وفقراؤها للدفاع عن وطنهم"، و "على كل جدار وعند كل شارع توجد صورة لشهيد تروي الكثير من قصص التضحيات".