مهلةٌ جديدةٌ لسلاح الأسد

من موقع freakingnews.com 

مهلةٌ جديدةٌ لسلاح الأسد...
ومستقبلٌ لم يتّفقِ الغربُ على رسمه بعد

لم يكن تمسّك النظام السوري بمبادرةٍ جديدةٍ، تنجيه مرحلياً من أي كارثة، غريباً، كما أن عدم ثقة الأطراف الدولية بمدى التزامه بأي اتفاقية لم يتغير. إلا أن القرار الأمريكي، الذي لم يتخذ حتى الآن صورةً حتميةً، كان أميل إلى القبول بمزيدٍ من الوقت تحت صيغة أية مبادرة. وهذا الوقت الجديد الممنوح للأسد لا يعدو كونه جزءاً من التروي الغربي، وطلباً للشرعية والجماهيرية التي تحاول القيادات الغربية الحصول عليها من أجل التدخل في سورية. ويبدو أن هذا القرار، الذي تعتبره البرلمانات الغربية مصيرياً، سيجد في التأجيل مساحةً جيدةً لمزيدٍ من الأخذ والرد.

ولم تلق المبادرة الروسية بتسليم السلاح الكيميائي السوري معارضةً حقيقيةً من أي قيادةٍ سياسيةٍ ذات أثر، ولكن تأييدها من قبل الأطراف الغربية بقي مشوباً بالحذر. ورغم ذلك وجد الحليف الروسي نقطة قوةٍ جديدةٍ يعوّض بها عن تخليه السابق عن نظام الأسد إن تعرض لضربة عسكرية. فعاد بوتين ليؤكّد تمسكه بالنظام السوري، واتهامه للمعارضة باستخدام السلاح الكيماوي، وأن الضربة العسكرية التي أراد الغرب توجيهها للنظام السوري هي خرقٌ لوجود الأمم المتحدة، التي استمعت أخيراً إلى تقرير خبرائها الذي اثبت استخدام السلاح الكيماوي في غوطة دمشق.

 

ما خلف الشاشات

لم يتوقف المحللون السياسيون والدبلوماسيون السابقون عن البحث عن تفاصيل مفقودةٍ في القضية، فالتراخي الغربي تجاه توجيه الضربة العسكرية لم يتم بالطبع بسبب قناعة الغرب بمبادرة تسليم السلاح الكيماوي. كما أن هذه المبادرة وحدها ليس حلاً لممارساتٍ جديدةٍ قد يرتكبها النظام في العمل العسكري الإجرامي على الأرض، لأن سحب نوعٍ واحدٍ من السلاح لن يلغي القدرة على صناعة الموت بالأنواع الأخرى، وربما منها ما هو محرم دولياً أيضاً. أما الزاوية التي حشرت فيها روسيا الغرب، بأن مشكلته الوحيدة هي مع السلاح الكيماوي، وأن زوال هذا السلاح سيلغي مبرر الضربة؛ فهي قضية لن تمرّ على القيادة الأمريكية والــــــــــــــبريطانية والفرنســــــية بطبيعة الحــــــــــــــــال.. ولكــــــن السؤال هو ما الذي يعيد ترتيب أطراف المعادلــــــــة ويعطــــــــي الأسد مهلة جديدة، ويحــــــــــــــــاول خــــــلق دورٍ جـــــديدٍ للأمم المتحـــــدة والأخضــــــر الإبراهيمــــــــي، بعــــــد فشلٍ واضح؟
يشــــــــــــــير البعض إلى محاولة خلـــــــــــق توازن قوى جديــــــــدٍ على الأرض وإدامــــــــــة الصـــــــراع، بينما تتجه التيارات السياسية الأكثر كــــــــــلاسيــــــــــــكية إلى القــــــــول إن صياغة الشكل السياسي البديل في سورية لم تتمّ بشكلٍ يرضى عنه الغرب بكافة اتجاهاته. وإن روسيا وأمريكا متفقتان على هذا التوجه، بحيث يستمر الوضع الراهن بنظامٍ يرتكب جرائم يرد عليها الغرب إعلامياً... وثورة مستمرة.

 

المبادرة والنظام

لم يخف ِنظام الأسد من جديدٍ التبعية المطلقة للقرار الروسي، برضوخه بسرعةٍ لكل ما تطلبه روسيا، من كشف مواقع الأسلحة والمعامل والاستعداد لتسليم السلاح. إلا أن الأسد يحاول تجميل الصورة قليلاً ـ أمام مؤيّديه على الأقل ـ بأن قبوله للمبادرة كان عن قناعةٍ بها وبإخلاص روسيا لدوره الإقليمي، وليس خوفاً من توجيه ضربةٍ عسكرية... ويتناسى اعترافه الضمني بامتلاكه واستخدامه للكيماوي. ويبحث عن أساليب جديدةٍ لمزيدٍ من الوقت، فيثير قضيةً تلهب الرأي العام بجملة من
الدعايات، مثل قضية "معلولا". ثم يتجه بها نحو الرأي العام العالمي، في محاولةٍ لتحريض رفض البرلمانات الغربية لمواقف عسكرية قد تتخذها القيادات.
وأمام صورةٍ غايةٍ في الفوضى، وتخبّط مجمل الأطراف، يحاول الائتلاف الوطني من جديد البحث عن حالةٍ سياسيةٍ أكثر استقراراً، خصوصاً بعد أن تبيّنت هامشية دوره في اتخاذ القرار الدولي بتوجيه الضربة للنظام السوري،
وعدم قدرته على أن يكون لاعباً مؤثراً في سياق أطراف دوليّة لا تعيره انتباهها كما يكفي. وقد بدا الاستقرار المنشود من خلال انتخاب "أحمد طعمة الخضر" رئيساً للحكومة الانتقالية، وهو المعروف بتوجهه الديمقراطي مع خلفية إسلامية حداثية متسامحة. ويبدو أن طعمة يحظى بقبولٍ واسعٍ على الصعيدين الشعبي والسياسي، إضافةً إلى توافق معظم الأطراف الدولية والإقليمية على انتخابه.