كلية الحقوق.. كلية الحشيش والحبوب المخدرة بدير الزور.. "أأمّن 400 ليرة حق سيجارة الحشيش، كل يوم أدخن سيجارة أنا وصديقتي وكل نهارنا انبساط"

محمود المتراس الثالث من اليسار

تقول (أ) وهي طالبة السنة الثانية في كلية الحقوق بجامعة الفرات بدير الزور، ولا تجد حرجاً في الاستدانة أحياناً لشراء الحشيش المخدر، فالأمر مألوف ويسير جداً، حيث تشتري ما تريد من زميل لها في الكلية: "وقت الحصار تعلمتُ عالتدخين، ومن كم شهر جربتُ الحشيش وعجبني.."

"ماني مدمنة هسع، بس ارتاح معاه كثير" تضيف (أ) التي لا يدل مظهرها الخارجي على أنها صارت -كما تقول- (تميز الصافي من المغشوش بين أنواع الحشيش، وتخلط وتلف بمهارة) مثل أي صاحب مزاج مدمن.

في مدينة دير الزور التي لا يزال كل شيء فيها أسير استباحة وسيطرة لم تفتر للمخابرات وعناصر الميليشيات، صارت الكليات الجامعية سوقاً رئيسية لتجار المخدرات، وصارت كلية الحقوق "مدرسة لتعليم الحشيش وإدمان الحب" كما وصفها أحد الطلاب المتذمرين من "وقاحة التجار والموزعين والمتعاطين" الذين حولوا "الكافتريا" وساحات الكلية إلى صالات بيع وشراء علنية، يقصدها جميع الطلاب الجامعيون المتعاطون، بل ويقصدها أيضاً متعاطون من خارج الجامعة، وفق ما يقول الطالب المتذمر الذي قلص أيام دوامه إلى الحد الأدنى ليتحاشى هذا "الجو الموبوء".

يبلغ عدد طلاب كلية الحقوق (2350) طالباً وطالبة من جميع السنوات، بينهم (220) طالباً منتسباً لميليشيا "الدفاع الوطني" يتركزون في السنتين الأولى والثانية. حيث يبلغ عدد العناصر الطلاب في الأولى (100) تقريباً، ويبلغ العدد في الثانية (95) تقريباً، يتعاطى أغلبيتهم المخدرات.

ويعد محمود المتراس وهو طالب في السنة الثالثة بكلية الحقوق وعنصر بارز في ميليشيا "الدفاع الوطني"، أكبر تجار المخدرات في الجامعة، تربطه علاقات متينة مع التجار الرئيسيين على مستوى المدينة، لا سيما منهم رئيس فرع الهلال الأحمر بدير الزور سفيان المشعلي. يتمتع محمود المتراس بالحماية من جهات متعددة، ميليشيا "الدفاع الوطني" التي ينتسب اليها، وميليشيا "كتائب البعث" التي يترأسها عمه سالم، فضلاً عن حماية المشعلي وشركائه في أجهزة المخابرات والشرطة وفرع مكافحة المخدرات بدير الزور.

في "الكافتريا" في الممرات وفي بعض القاعات الفارغة، لا يجد بعض الطلاب حرجاً في إشعال سيجارة يتناوبون عليها، وتتجنب كثير من الطالبات الحمامات التي صارت حكراً للمتعاطين من الجنسين. يقول أبو سعيد (اسم وهمي) وهو أب لطالبة في السنة الثانية بكلية الحقوق، إنه واقع مع زوجته بحيرة كبيرة "شايلين هم هالبنية.. ما ندري نخليها تداوم ولا لا؟.. آخر شي اتفقنا معاها تروح عالفحص بس.. صارت الدنيا تخوف". خوف يحياه اليوم في دير الزور كل أب وأم على أبنائهم وبناتهم "من هالبلاوي والمصايب اللي قعد نشوفها قدام عيوننا كل يوم" تقول الأم التي لا تطمئن على ابنتها إلا إذا كانت في المنزل، فالخارج سواء في الشارع أو في المدرسة أو الجامعة أو الوظيفة، كله أخطار تدعو الله أن يجنبها ابنتها طالبة الجامعة وابنتها الأخرى طالبة الثانوية وابنها.

     لا يبدي رئيس جامعة الفرات الذي تلاحقه شبهات فساد كبرى راغب العلي، ولا عميد كلية الحقوق المعين بداية العام الدراسي الحالي أحمد عبد الرحيم، ولا أي من مسؤولي الجامعة اهتماماً يذكر بظاهرة المخدرات المستفحلة بالجامعة وب"الحقوق" خاصة. بل ويُتهم بعض أعضاء الهيئة التدريسية مثل وليد عرب بالتواطؤ مع المتراس، كما يقول بعض الطلاب عن أستاذهم الذي "يبيع المادة ويمكن يتوسط بمواد غيره، ببطانية أو كروز دخان أو سيجارة حشيش يمكن يرجع يبيعها عالطلاب"، والطريف في أمر العرب هو تكليفه من قبل رئيس الجامعة بالتحقيق في مظاهر الفساد المستفحل في الكلية إلى حد مُنح فيه طلاب راسبون في السنة الأولى كشوف علامات ومصدقات وشهادات تخرج. وكانت نتيجة تحقيق العرب الإطاحة بالعميد السابق وإيقافه عن التدريس.