بتعيينه قائداً لمعارك بشار الأسد في ريف حماة عاد العقيد فضل الدين ميكائيل إلى صدارة المشهد، بعد غيابٍ لحوالي العامين قضاهما مهمّشاً في قطعٍ عسكريةٍ على أطراف دمشق.

مثل نجم كرة قدمٍ عائدٍ إلى فريقٍ متهالك، احتفى جمهور المؤيدين بقائد دفاعهم الوطنيّ السابق الذي سيجعل من كلّ شيءٍ في هذه المحافظة على ما يرام. إذ سيسحق جموع «الإرهابيين الكفار» في حلفايا وطيبة الإمام وصوران وغيرها، وسيحارب اللصوص وقطاع الطرق وبائعي «الذخيرة والمازوت للمسلحين»، وسيعيد تنظيم «الدفاع الوطني» ويجعل منه حشداً شعبياً يشبه حشد العراق. ولا تتوقف الأمنيات عند هذا الحدّ بل تذهب إلى تشكيل قوّتين هائلتين؛ الأولى بقيادة العقيد سهيل الحسن والثانية بقيادة العقيد ميكائيل الذي أطلقوا عليه لقب «العقاب» تناظراً مع «النمر» سهيل.

قبل أربع سنواتٍ بدأت شهرة ميكائيل عندما قاد حملات تصفيةٍ وقتلٍ وتهجيرٍ على أساسٍ طائفيٍّ في عدّة قرى وبلداتٍ في ريف حماة، كان أشهرها مذبحة قرية قنيز حين قتل أكثر من مئةٍ من أهلها دفعةً واحدة، قضى نصفهم ذبحاً بالسكاكين، واحتفظ بآخرين منهم أحياء ليطوف بهم في الضيع ذات الأغلبيات الموالية للنظام، تمكيناً لذوي المقتولين في جيش الأسد من تنفيس نقمتهم بضرب هؤلاء الأسرى وإهانتهم قبل أن يقتلوا في ساحات تلك الضيع. مكافأةً على ذلك عيّن ميكائيل قائداً لـ«الدفاع الوطنيّ» لتبدأ مرحلةٌ إجراميةٌ أخرى في سيرة هذا الضابط، إذ وسّع عمليات الخطف والاعتقال بذريعةٍ أو دون ذريعة، وحوّل مقرّه في معسكر دير شميل إلى سجنٍ كبير، لا ينجو المعتقل فيه من الموت تحت التعذيب إلا بدفع فديةٍ ماليةٍ كبيرة. وعمل أيضاً على تقليص نفوذ القادة الفرعيين لمجموعات الشبيحة بانتزاع ما يصادرونه من بضائع وسياراتٍ ونقلها إلى مستودعاته ثم بيعها أو إعادتها إلى أصحابها مقابل مبالغ تحدّد حسب قيمة هذه المسروقات. وفي الوقت الذي كان فيه سماسرته يساومون الناس على إطلاق سراح أبنائهم أو إعادة ممتلكاتهم كان ميكائيل يظهر، بين حينٍ وآخر، في مقاطع مصوّرةٍ يقرّع فيها أتباعه على انشغالهم بالنهب والسرقة دون القتال، مما وسّع من دائرة المعجبين به في صفوف مؤيدي النظام. ويبدو أن جشع ميكائيل المنفلت ورغبته في احتكار الخطف ومصادرة البضائع وسرقة السيارات صنعت له أعداءً كثيرين نجحوا في إزاحته ونقله بعيداً عن محافظة حماة، قبل أن يعود إثر الهزائم التي منيت بها قوات الأسد مؤخراً في ريف المحافظة الشماليّ.

في اهتماماته الأخرى يتباهى ميكائيل بانتمائه إلى قرية الربيعة «أم الشهداء» التي قارب عدد القتلى منها في صفوف قوّات الأسد الألف، ويتباهى أيضاً بثقافته الدينية وبنسبه الذي يمرّ بالأمير فضل الدين حاكم مصياف قبل بضعة قرون، ثم بالمعزّ لدين الله الفاطميّ، لينتهي بالحسين بن علي كما يقول.