شرعيّو داعش: لن نرفع الحصار عن المرتدّين سكان الجورة والقصور وهرابش على حافة الجوع

من صفحة "ملتيميديا الجورة و القصور" على الفيسبوك

منذ أسبوعين أكمل تنظيم "الدولة الإسلامية" حصاره على الأجزاء الواقعة تحت سيطرة النظام من مدينة دير الزور، بإغلاق جميع المعابر ومنع حركة تنقّل الأفراد أو البضائع، مما ينذر بنتائج كارثيةٍ على المدنيين القاطنين أو العالقين في هذه الأجزاء.

طبّقت داعش حصارها على الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام بشكلٍ تدريجيٍّ. اذ بدأت أولاً بقطع الكابل الضوئيّ على طريق دير الزور - دمشق، مما أدّى إلى توقف خدمات الاتصالات بأشكالها المختلفة. وعملت على تقييد حركة الدخول إلى المدينة، قبل أن تمنعها منذ أكثر من شهرٍ، مع السماح بالخروج، إلى أن منعته قبل أسبوعين. ومنعت كذلك الكميات القليلة من المواد الغذائية التي كانت تسمح بعبورها إلى تلك الأحياء، لترتفع الأسعار في الأجزاء المحاصرة إلى مستوياتٍ قياسيةٍ يستحيل معها أن تحظى معظم العائلات بوجبةٍ واحدةٍ في اليوم.
بحسب إحصاءات الهلال الأحمر، يبلغ عدد العوائل النازحة إلى الأحياء المحاصرة اليوم 62 ألف عائلةٍ، يُضافون إلى المقيمين الأصليين الذين يقدّر عددهم بأكثر من 100 ألف نسمة. ونتيجة الحصار وتآكل مخزونات الطحين توقفت جميع الأفران عن العمل، باستثناء فرنٍ واحد. فيما فُقدت بعض المواد الأساسية نهائياً من الأسواق، وبدت موادّ أخرى في طريقها إلى ذلك.
ولم تنجح مناشدات الاستعطاف ودعوات التخفيف من الحصار، أو السماح بالخروج لمن يريد من السكان على الأقلّ، في ثني قادة التنظيم عن قرارهم. وتبدو الأسباب التي يعرضها المقرّبون من داعش للحصار غير مقنعةٍ لأحدٍ، سوى من يصدّق أن "ثلاثمئة ألفٍ من المحاصرين هناك هم مرتدّون عن الإسلام"، كما يصنّفهم شرعيو داعش الذين يؤكّدون، وبشكلٍ قطعيٍّ، أنهم لن يفكّوا الحصار. ويتساءل الناس في دير الزور عن المنافع التي سيجنيها التنظيم من وراء ذلك، أو عن الأضرار التي ستلحق بقوّات الأسد وبمجموعات تابعيه فيما يسمى بـ"الدفاع الوطنيّ" وغيرهم، ممن يحرص النظام، وعبر طائرات الشحن، على تأمين احتياجاتهم كلها، دون اهتمامٍ يذكر بأحوال المدنيين الذين "سيدفعون الثمن؛ ثمن رعونة داعش ونذالة النظام"، بحسب ما يقول مقاتلٌ سابقٌ في الجيش الحرّ، وهم "لا حول لهم ولا قوّة" بحسب المقاتل، بين "عدوّين متوحّشين". ويؤكد طالبٌ جامعيٌّ سابقٌ ترزح عائلته تحت الحصار أن الخيارات المتاحة أمام السكان، وخاصّةً المعارضين منهم، مؤلمةُ حقاً: "يصير الواحد يتمنّى يقدر النظام يفتح الطريق أو ينتصر بمعركة!". ويصف الطالب الواقع بأنه "غريب جداً؛ نكره النظام ونتمناه يسقط، بس اليوم وبكرة، وعشان تنفتح المعابر وما تموت الناس من الجوع، نتمناه ينتصر انتصار صغير وعلى قدّ سيارة خضرة وسيارة طحين".
تتحدّث شائعات الجورة والقصور عن مفاوضاتٍ بين داعش والنظام، تطلب فيها داعش مبالغ كبيرةً مقابل التخفيف من الحصار. وتقول شائعاتٌ أخرى إن النظام سينشئ محطة اتصالاتٍ فضائيةٍ في مدينة تدمر الخاضعة لسلطته ،على بعد 200 كم من دير الزور، لتكون بديلاً عن الكابل الضوئيّ الذي قطعته داعش. وتذهب حكايات المحاصرين إلى اكتشاف طرق تهريبٍ ورشاوى تُدفع لحواجز داعش مقابل غضّ النظر. ومن جانبهم، ينشط تابعو النظام المباشرون في إثارة مشاعر الكراهية نحو أبناء الريف المحيط، إذ يقول جواسيس المخابرات إن "كلّ اللي على حواجز داعش من ولاد الريف، ونحن وأنتم محاصرين هون". ووصلت إلى الدوائر الحكومية تعميماتٌ بطلب الموظفين تحت سنٍّ محدّدةٍ للاحتياط، بذريعة حشد العدد الكافي من المقاتلين لفتح طريق دير الزور - دمشق.
وفي المحيط الواسع للأجزاء المحاصرة، والذي يشكّل معظم محافظة دير الزور، تبرز مشكلة الموظفين الحكوميين الممنوعين من دخول الجورة والقصور لاستلام رواتبهم. ويقدّر عدد هؤلاء بأكثر من 15 ألف موظف، يشكّل الراتب الشهري الدخل الرئيسيّ لمعظمهم. مما أسهم في حرمان أسواق الريف من كتلةٍ ماليةٍ ضخمةٍ، كانت أحد الروافد الأساسية لهذه الأسواق.