روسيا أكثر عناداَ في التشبث بالمنطقة بعد استهداف قواتها تعزيزات
وتعزيزات مضادّة بين الأمريكيين والروس في دير الزور

عربات أمريكية من داخل أحد مواقع التعزيزات - خاص عين المدينة

ضجّت الصفحات والمواقع الإعلامية في الآونة الأخيرة بأخبار القاعدة الأمريكية المزمع بناؤها شمالي نهر الفرات (الجزيرة) في ريف ديرالزور، واختلطت تلك الأخبار بالشائعات والتحليلات، قبل وصول خبر بناء القاعدة إلى الإعلام وبعده، وتدور الأحاديث حول تحشيد أو ضغط أمريكي لتسليم منطقة جنوب النهر (الشامية) لقوات محلية مدعومة من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، على أنّ تفحّص خطوط التماس بين قوات النظام المدعومة روسياَ والميليشيات المقاتلة إلى جانبه من جهة، و«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أمريكياَ من جهة أخرى، لا يزيد من ضبابية الخطوة التالية في المنطقة فقط، ولكن يدفع للشك في التفاهمات الروسية الأمريكية بشأنها.

لم تقف الأخبار الخيالية والشائعات عند قصف طيران التحالف لمنطقة الشامية، خاصة في البوكمال، ولكن تعدّته لتصل إلى حشْد القوات الأمريكية عناصر محلية بالقرب من التنف، وصلت بعض الشائعات بعدد تلك العناصر إلى 14 ألف مقاتل من ديرالزور. بينما ذهبت التحليلات إلى تسهيلات أو غض نظر من الطرف الأمريكي عن عودة تمدد تنظيم الدولة، وتحركات مجموعاته ضد قوات النظام والميليشيات المقربة منه في البادية، ضمن منطقة نفوذ الطيران الروسي أساساَ.

وبالتوازي مع ذلك ظهرت أخبار تُفيد بتقليص قوات النظام لعددها وعتادها في المدن جنوب نهر الفرات (الميادين والبوكمال والعشارة)، وزاد في تدفق تلك الأخبار والشائعات إلى الصفحات والمواقع الضربة التي وجهها طيران التحالف ضد قوات أمنية روسية تنتشر في المنطقة، خاصة في نقاط التماس بين القوتين المسيطرتين على ديرالزور، بالإضافة إلى تصريح ما يُسمى رئيس الاستخبارات العامة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» من خلال اجتماع جمعه ببعض وجهاء ريف ديرالزور الشرقي، معلناَ عن «معارك قريبة في مناطق سيطرة قوات الأسد وصولاَ إلى الضفة الأخرى من النهر».

تتمركز «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بالوجود الأمريكي العلني مؤخراَ في مناطق ريف ديرالزور الشرقي، من بلدة هجين وصولاَ إلى بلدة خشام، التي تتقاسمها مع قوات الأسد. وتبدأ سيطرة الأخيرة من تلك البلدة مروراَ بقرى الطابية ومراط ومظلوم والصالحية وحطلة والحسينية، التي تقع تحت إدارة مباشرة من الروس، باستثناء حطلة التي تديرها ميليشيات شيعية محلية وإيرانية ولبنانية تابعة لحزب الله، (أنظر: جيب علي بابا في يسار الفرات.. (3) آلاف لص وقاتل وقاطع طريق، من جنود النظام وأتباع إيران والروس -عين المدينة)، وينتشر خليط هذه القوات على تماس مباشر مع «قوات سوريا الديمقراطية»، الأمر الذي أدى إلى نشوب اشتباكات متكررة بين الطرفين، تصل أحياناَ إلى استهداف مدفعي متقطع.

مطلع شهر آذار الماضي بدأت القوات الأمريكية بإرسال تعزيزات عسكرية على شكل دفعات إلى محافظة دير الزور، تكوّنت من آليات عسكرية حديثة، وجسور حربية، وصواريخ «تُشاهد لأول مرة» تم نصبها على سيارات كبيرة نشرت في أماكن متفرقة، ومعدات إنشائية، إضافة إلى مئات الجنود، تمركز قسم منهم في حقل العمر النفطي، حيث بدأت أعمال إنشائية في محيط الحقل، تخص، على ما يبدو، القاعدة العسكرية التي تناولها تصريح المتحدث الرسمي باسم «قوات سوريا الديمقراطية» منذ أيام. بينما تمركز قسم من التعزيزات الأمريكية القادمة حديثاَ في حقل الجفرة النفطي بدون عمل واضح حتى الآن، وتمركزت باقي القوات في معمل غاز كونيكو ومحيطه. وحسب مصادر خاصة اتخذت القوات الأمريكية في محيط الحقل معسكر تدريب تلتحق فيه مجموعات من «قوات سوريا الديمقراطية» بإشراف ضباط أمريكيين، وتقيم فيه تدريبات مستمرة لعناصرها، بالإضافة إلى تدريبات منفصلة لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية».

في الجانب الآخر لايبدو من تحرّك القوات التابعة لروسيا أن المنطقة ذاهبة إلى انسحاب الأخيرة منها، فبعد الاستهداف الأمريكي لمجموعات المرتزقة الروس المعروفة ب «فرقة فاغنر»، شوهد عبور معدات وأسلحة روسية تحملها سيارات عسكرية، يصل عددها إلى عشرين سيارة في اليوم، من قرية المريعية القريبة من مطار ديرالزور العسكري في الشامية باتجاه قرية مظلوم على الضفة المقابلة من نهر الفرات ليلا، َعبر سفن نهرية كبيرة «عبّارات» مشابهة لتلك المستعملة محلياَ في المنطقة منذ سنوات. وللتمويه يرتدي المقاتلون الروس، الذين ينتمي معظمهم لـ«فرقة فاغنر»، اللباس العسكري الذي ترتديه قوات الأسد، قبل أن يُدفع بهم إلى المواقع الأمامية على خطوط التماس مع «قسد» خاصة بين بلدتي الطابية ومراط.