خطط الهرب من الساحل السوري دون مهرب

شاطئ جبلة ـ فيسبوك ـ صورة تعبيرية

نشرت إذاعة “شام FM” المحلية الموالية للنظام، خبراً عن إلقاء القبض على 74 شخصاً في ميناء جبلة بعد إبحارهم لبضعة أمتار في البحر بهدف الهرب من سوريا، وجاء ذلك بعد أن "لفت تجمعهم الأنظار"، إذ أن "معظمهم من الشباب"، وجاء في الخبر أن "قوات الأمن ستقوم بإطلاق سراحهم في حال لم يكونوا مطلوبين للدولة" بحسب الإذاعة. يأتي هذا الخبر في ظل ازدياد الحديث عن محاولات الأهالي الهجرة أو الهرب من مدن الساحل السوري التي تخضع لسيطرة النظام وذلك عبر طرق ووسائل متنوعة.

جاء خبر اعتقال الشبان بعد أيام من انتشار خبر عن هجرة شاب بطريقة غريبة بالبحر؛ إذ نقلت الصفحات المحلية الموالية على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن شاب من اللاذقية وصل إلى تركيا عبر البحر باستخدام موتور بحري مستأجر، على الرغم من محاولة حرس الحدود التركي والتابع للنظام منعه بإطلاق النار. وأشارت الصفحات إلى أنَّ التهريب من مناطق النظام إلى تركيا يكلف ملايين الليرات، إلا أنَّ الشاب دفع فقط 150 ألف ليرة سورية كأجرة لصاحب الموتور في منطقة البسيط.

لم يتوقف التهريب من مدن الساحل خلال السنوات السابقة، لكنه لفت النظر خلال الأشهر الماضية بسبب ارتفاع وتيرته وعدم بقائه سرياً كما كان خلال السنوات الماضية. ويلعب اليوم الوضع الصعب الذي يمر به الأهالي دوراً كبيراً في تفاقمه، فبحسب عدد من أهالي اللاذقية تكلمت معهم عين المدينة، هناك "دعوات واضحة وصريحة للخروج" عبر تخلي الدولة عن مهامها أو عجزها وغياب الدور الحكومي في تحسين الوضع المعيشي. "كل شيء يذهب نحو الأسوأ، تزداد ساعات التقنين الكهربائي، وتغيب المحروقات والماء والخبز، إضافة إلى موضوع البطالة وانتشار الفقر".

ورأى أحدهم أن "الأوضاع ليس لها نهاية، لذلك هناك رغبة كبيرة بالخلاص والهرب والبحث عن أماكن جيدة للعيش، لاسيما بين فئة الشباب الذين يعانون من مخاطر التجنيد الإجباري أو الاعتقال، ولديهم القدرة على بدء حياة جديدة وتأمين فرص للعمل أو الدراسة" ولخص آخر "ما يمنع معظم الناس من الهرب هو عدم امتلاك أموال لدفعها للمهربين".

بات تهريب الناس عبر البحر من مدن الساحل مهنة للعديد من الموجودين فيها، يحصلون بالمقابل على مبالغ تصل إلى 3 آلاف دولار عن الشخص الواحد. ويتم الانطلاق بالراغبين بالهرب -كما رصدت عين المدينة- من شواطئ مدينة طرطوس عبر نقطتين، الأولى من شواطىء المدينة ذاتها، والثانية عند شواطئ مدينة بانياس في ريف طرطوس، بينما تشير أحاديث أهلية عن "افتتاح خط تهريب جديد بطريق مضمون" وهذا ما زاد عدد الواصلين من طرطوس إلى قبرص بشكل كبير مؤخراً.

تغيب مناطق المعارضة عن قائمة وجهات الهاربين بسبب الخوف من أن تكون المواقف السياسية أو الدينية المتباينة سبباً في جلب المتاعب لهم، بينما تشكل قبرص إحدى الوجهات الثلاث الرئيسية للهاربين (تركيا واليونان)، والتي يفصلها عن الساحل السوري مسافة لا تتعدى 160 كيلو متراً، ما يدفع قسماً كبيراً من الهاربين إلى التوجه إليها دون مساعدة المهربين، وذلك عبر قوارب مصنوعة يدوياً لا يحتاج راكبوها إلى أكثر من ساعتين للوصول بها إلى قبالة الشواطئ القبرصية، ومن ثم يلقون بأنفسهم في البحر ويقطعون ما تبقى منه عبر السباحة.

تصنع القوارب من خشب شجر السرو غالباً، الذي يحصل عليه الراغبون بالهرب من الجبال القريبة والمحيطة بالمدينة، كما علمت عين المدينة من مصادر أهلية، وبمهارة بسيطة يتمتع بها الكثير من أهالي المنطقة، يتشارك عدة شبان بصناعة القارب الذي لا يتجاوز طوله 3 أمتار، ويتسع لعدة أشخاص يمكن أن يبحروا فيه لمسافات قصيرة، وبعد تركيب محرك آلي للقارب يصبح جاهزاً للتحرك، بكلفة لا تتجاوز 500 ألف ليرة سورية يتشارك في تدبرها الأشخاص الراغبون بالعبور فيه.

وقبل أسابيع كانت قد ناشدت قبرص الاتحاد الأوروبي لمساعدتها في استيعاب المهاجرين السوريين الذين "أغرقوا" مراكز الاستقبال لديها، ونقلت وكالة "فرانس برس" عن وزير الداخلية القبرصي نيكوس نوريس قوله إنّ "قبرص شهدت الأسبوع الجاري موجة يومية من المهاجرين الواصلين إليها بحراً من ميناء طرطوس السوري".

وحسب معلومات حصلت عليها عين المدينة من بعض السوريين الذين يعملون في جزيرة قبرص، فالمهاجرون السوريون بعد الإمساك بهم من قبل حرس الحدود في الجزيرة أو بعد تسليم أنفسهم، يتم نقلهم إلى "كامبات" مجهزة في الجزيرة، ويصلون كأي مهاجر هارب من الموت في حالة صعبة، لا يملكون أي شيء، على أمل الحصول على أوراق مستقبلاً أو الخروج نحو دول أوروبا.