أسعار الكهرباء في ريف حلب .. بين الاحتكار والغضب الشعبي

احتجاجات شعبية في ريف حلب احتاجاً على ممارسات شركة الكهرباء - ناشطون

مضت أيام على انقطاع التيار الكهربائي عن بعض المدن والقرى ريف حلب التي تغذيها الشركة السورية/التركية للطاقة الكهربائية (STE) بحجة الصيانة، إلا أن الأهالي يعتبرونها "عقوبة جماعية" من قبل شركة خاصة تقدم خدماتها الكهربائية بعقود مبرمة مع المجالس المحلية.

وخلال الأيام القليلة الماضية ارتفعت وتيرة الاحتجاجات في مدن ريف حلب الشمالي والشرقي على خلفية رفع أسعار الكهرباء المنزلية، وزيادة ساعات التقنين اليومية الذي لم يكن مدرجاً ضمن التغذية الكهربائية عندما انطلقت أعمال شركات الكهرباء بالمنطقة خلال العام 2019.

وتوسعت رقعة الاحتجاجات التي انطلقت يوم الجمعة في مدن عفرين وجنديرس ومارع وصوران والباب بريف حلب الشرقي، إلى إضرام النار بمكاتب الشركة السورية/التركية للطاقة الكهربائية STE، العاملة في عفرين ومارع وصوران وجنديرس، بينما ردت السلطات المحلية على المحتجين بإطلاق الرصاص الحي عليهم ما تسبب بمقتل شخص في جنديرس وإصابة آخرين في عفرين.

وجاءت الاحتجاجات رداً على رفع شركة الكهرباء سعر شريحة المستهلك المنزلي بداية حزيران الجاري، مبررةً ذلك بارتفاع الكهرباء من المصدر التركي. وارتفع سقف مطالب المحتجين بعد قطع التيار بحجة الصيانة والتقنين، إلى رفض سياسة الشركات والمجالس المحلي، فاتهم المتظاهرون خلال احتجاجاتهم شركات الكهرباء العاملة شمال حلب والمجالس المحلية بـ "الفساد والاستغلال"، كما أحرق المحتجون في عفرين مقر المجلس المحلي لأنه "لم يستطيع تقديم توضيحات كافية عن أسباب رفع سعر الكهرباء وعدم الاستجابة لمطالبهم".

وسبق وشهدت المنطقة احتجاجات متصاعدة جراء ارتفاع أسعار الكهرباء خلال كانون الأول 2021، والتي وضعت المجالس المحلية في عجز عن الوصول إلى حل ينهي أزمة الكهرباء، مع استمرار الشركة في رفع الأسعار حتى الوقت الراهن.

وبينت الاحتجاجات المتكررة عجز المجالس المحلية التي تدير المنطقة بإشراف الولايات التركية الجنوبية، عن تقديم توضيحات مقنعة للأهالي حول تأرجح أسعار الكهرباء، ومدى قدرتها على تحقيق مطالب المحتجين في تخفيض أسعار الكهرباء، وعرض العقود المبرمة بين المجالس المحلية وشركات الكهرباء.

وحددت "الشركة السورية/التركية للطاقة الكهربائية STE"، مطلع حزيران الجاري أسعار الكهرباء وفق شريحتين، الأولى للمشتركين السكنيين الذين يستخدمون 40 كيلوواط شهرياً، بـ 2.45 ليرة تركية للكيلو واط الواحد، أما الشريحة الثانية للمشتركين السكنيين الذين يستخدمون أكثر من 40 كيلو واط بـ 4.5 ليرة تركية للكيلو واط الواحد، بينما بقيت تسعيرة الشركة السورية التركية (Ak Energy)، التي تغذي مدن الباب وأعزاز والراعي وجرابلس وفق تسعيرتها القديمة التي تبلغ 100 كيلو واط ضمن الشريحة الأولى بـ 2.45 ليرة تركية لكل كيلو واط، ما أثار غضب الأهالي جراء تباين الأسعار.

ويعتبر الحد الأدنى لاستهلاك الكهرباء المنزلية نحو 100 كيلو واط شهرياً، ما يعني شحن 40 كيلو واط بقيمة 100 ليرة تركية، و60 كيلو واط بقيمة 270 ليرة تركية، وتعتبر الكميات السابقة ضمن الحد الأدنى من احتياجات المستهلكين، في حين تستهلك غالبية العائلات شهرياً أكثر من 200 كيلو واط من الكهرباء.

وقال الشاب عبدالقادر ناصر أحد المشاركين في الاحتجاجات في مدينة مارع خلال حديثه لـ "عين المدينة"، إن "قرار شركات الكهرباء برفع أسعار الكهرباء المنزلية تعسفي، كونها (الأسعار) غير متناسبة مع متوسط الدخل لموظفي القطاعين العام والخاص الذي يبلغ نحو 1100 ليرة تركية، ما يعني أن الأسرة بحاجة إلى وضع نصف مدخولها الشهري للكهرباء".

وأضاف: "تجاهل المجالس المحلية المسؤولة عن المنطقة إدارياً وخدمياً فاقم الاحتجاجات الحالية، واستمرار الاحتجاجات دليل فشل المجالس المحلية في اتخاذ القرار المناسب. شركة الكهرباء تتعامل مع كل مجلس محلي كأنه دولة بحد ذاته، ما أثر على تباين الأسعار بين منطقة وأخرى، علماً أن المجالس لم تفسح مجالاً للشركات المنافسة كي تستورد الكهرباء إلى المنطقة".

وأصدرت لجنة مشكلة من فاعلين في عفرين يوم أمس الإثنين 6 حزيران، بياناً قالت فيه أن اجتماعاً جرى بين اللجنة وممثلين عن شركة الكهرباء اتفقوا فيه على أن تقدم الشركة اعتذاراً لسكان المنطقة، إضافة إلى إعادة التيار الكهربائي وضبط أسعاره بما يتناسب مع الدخل، تعويض الأهالي عن فترة انقطاع الكهرباء وإطلاعهم على العقود المبرمة بين الشركة والمجالس.

وكانت تسعيرة الكهرباء تبلغ 85 قرشاً تركياً للكيلو واط المنزلي، وفقاً للعقود المبرمة مع المجالس المحلية عندما بدأت شركات الكهرباء العمل في ريف حلب الشمالي والشرقي في العام 2019. وبعد فترة قصيرة بدأ تأرجح الأسعار ورفعها التدريجي، لكن مع كانون الأول 2021 رفعت شركات الكهرباء تسعيرة الكيلو واط المنزلي إلى 1.85 ليرة تركية ثم تراجعت إلى 1.15 ليرة بعد احتجاجات تدخل على إثرها المسؤولون الأتراك والمجالس المحلية التي تخلت عن نسبتها من الأرباح وفق مطلعين ومقربين من المجالس.

لم تدم تلك التسعيرة لفترة طويلة حتى رفعت شركة (STE) أسعار الكيلو واط في شباط 2022 بينما حافظت شركة (Ak Energy) على أسعارها السابقة.

وتورد الكهرباء إلى ريفي حلب الشمالي والشرقي شركتان سوريتان/تركيتان الأولى (Ak Energy) انطلقت أعمالها خلال العام 2018 في مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي، بعد اتفاق أبرمته الشركة مع المجلس المحلي لتغذية المدينة باستطاعة 30 ميجاواطاً، وفي الوقت الحالي تغذي الشركة مناطق أعزاز والباب والراعي وبزاعة وقباسين وجرابلس وتل أبيض بالتيار الكهربائي من ولاية كيلس التركية.

بينما بدأت شركة (STE) التي تتخذ من مدينة عفرين مركزاً لها، أعمالها في الشمال السوري بشكل منظم بعد توقيع عقد مع المجلس المحلي لمدينة صوران في نيسان 2019، وفعلياً بدأت تغذي مدن عفرين وجنديرس وصوران وأخترين ومارع بريف حلب بالكهرباء من مدينة الريحانية التركية.

مصدر خاص مقرب من الشركتين قال لـ "عين المدينة" أن شركة (Ak Energy) يملكها سوريون وأتراك أبرزهم خليل محمد إبراهيم ومحمد تتر وياسين يوجيل ورجب شوبان، بينما "تقتصر شراكة قادة الفصائل من الصف الثاني أو مقربين منهم على نسبة من الأرباح مقابل تأمين الحماية لعمل الشركة في المنطقة".

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه "يملك شركة (STE) أربعة أشخاص خم مؤيد علي حميدي وضياء مصطفى قدور ومحمود أحمد قدور وأحمد نجار، وهم رجال أعمال وأصحاب شركات إنترنت ومقاولات".

وتعمل الشركات ضمن عقود مع كل مجلس محلي تغذي مناطق إدارته بالكهرباء، وتمتلك الشركتان رخصة توريد للطاقة (Tedarik Lisansı)، بحسب هيئة تنظيم سوق الطاقة التركية (EPDK)، والتي منحت شركة (Ak Energy) رخصة توريد الكهرباء لمدة 20 عاماً، وأيضاً منحت الهيئة شركة (STE) رخصة توريد الكهرباء مدة 20 عاماً.

Ak Energy

STE Energy

التاريخ

رفع أسعار واحتجاج

0.85

-----

2018

انطلاق الشركة الأولى

0.85

0.68

2019

شركتان في الشمال السوري

0.85

0.85

نهاية 2019

استقر السعر بعد رفع التسعيرة إلى 1.10، واحتجاجات في مدينة أعزاز

1.10

1.10

2020

استمر السعرة لفترة جيدة

1.10

1.10

2021

تأرجح وعدم استقرار السعر

1.15

1.15

نهاية 2021

شهدت المنطقة احتجاجات واستقرت تسعيرة الشريحة الأولى 100 كيلوواط على 1.15 بعد  رفع الشركة التسعيرة إلى 1.85

2.45

2.45

شباط 2022

للشريحة الأولى 100 كيلوواط، بينما الشريحة الثانية 3.5

2.45

2.45

حزيران 2022

للشريحة الأولى 40 كيلوواط، والشريحة الثانية 4.5 للكيلوواط

2.45

2.45

حزيران 2022

استقرار التسعيرة مع انقطاع التيار الكهربائي واحتقان شعبي