«لقد خذلونا».. المدنيون في درعا ينتقدون المتمردين لتخليهم عن المحافظة

AFP

زهير الشمالي، هارون الأسود، شلوي بينويست
6 تموز  عن موقع The Middle East Eye
ترجمة مأمون حلبي

مع تساقط مناطق المحافظة الجنوبية في قبضة نظام دمشق يتهم السكان هناك المعارضة بأنها قد استسلمت بسهولة بالغة.

بينما يواصل معقل المعارضة في الإفلات من قبضة المتمردين، والانتقال إلى قبضة الحكومة السورية؛ يستشيط المدنيون في محافظة درعا غضباً من فشل المتمردين، وهم خائفون من عودة سيطرة الأسد. يقول عدنان الشامي، مدني مهجر قرب الحدود مع الأردن، لموقعنا: "كنا نأمل أن فصائل المعارضة ستكون أكثر تنظيماً، لكنها الفوضى. لم تكن توجد أية استعدادات للتصدي لأية هجمات محتملة".

درعا، المعروفة بأنها مهد الثورة، تتعرض منذ 19 حزيران لهجوم جوي وبري من قبل القوات الحكومية، المدعومة بالقوة الجوية الروسية. وحتى الآن، سقط قرابة 150 مدنياً في هذا الهجوم، بينما تقدر الأمم المتحدة أن 330 ألف مدني قد فروا من بيوتهم في المحافظة الجنوبية. هذا الفرار الجماعي ليس فقط من الاشتباكات والقصف، فكثيرٌ من المدنيين كانوا أيضاً يفرون من احتمال أن يقعوا تحت سيطرة النظام من جديد. لكن، ومع تسليم المتمردين لمساحات كبيرة، كانوا يسيطرون عليها لسنوات، أخذ السوريون يحاولون التكيف مع عودة حكم الأسد وفشل المعارضة في الدفاع عن مدنهم وقراهم. يقول سليم، سوريٌ يعيش في مدينة تم تسليمها مؤخراٌ للنظام، "المدنيون هم أكبر الخاسرين".

في يوم الجمعة قالت مصادر من المتمردين لوكالة رويترز، إن الجيوب المتبقية تحت سيطرة المتمردين قد توصلت إلى اتفاق مع الحكومة تسلم بموجبه أسلحتها من أجل وضع حد للهجوم على درعا.

خذلان وتخلي المتمردين

سلوك المتمردين أثناء الهجوم ترك كثيراً من المدنيين يلوكون خيبة مريرة ويوجهون انتقادات لاذعة للمجموعات التي تخلت طواعية عن مدنها وقراها. يقول عدنان الشامي: "كانت أي مقاومة فعلاً شعبياً. على فصائل المعارضة أن تتوحد وتنتظم. لديهم أسلحة ثقيلة وذخائر متنوعة، وبإمكانهم أن يستردوا زمام المبادرة". وينتقد سليم، وهو من أهالي قرية قرب مدينة إبطع، جماعات المتمردين لعدم استخدام كل قدراتها والقتال قبل التسليم للنظام". المعدات العسكرية التي سبق وشاهدناها أثناء الاستعراضات العسكرية لم نشاهدها في ميدان المعركة، وكثيرٌ من الفصائل لم تشارك في المعارك. لقد أغرتهم الأموال، وهاهم يسلمون أسلحتهم ليحصلوا على تنازلات من القوات الحكومية ومن روسيا".

في درعا، كما حصل في مناطق أخرى كثيرة في سوريا، عرضت الحكومة على المتمردين ما تسميه اتفاقات "المصالحة"، بشروط ليست نفسها دائماً، لكن هناك مطلب مشترك يلزم جميع الشبان، بالالتحاق بالجيش، سواء قاتلوا في صفوف المتمردين أم لم يقاتلوا. ففي حالات مثل حلب الشرقية والغوطة الشرقية في ريف دمشق، سُمح للمتمردين والمدنيين بالوصول إلى محافظة إدلب، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، بينما بعض المدن والقرى التي توصلت إلى اتفاق مع الحكومة السورية لم يتم ضمان تأمين الوصول إلى إدلب، أو إعطاء تطمينات بخصوص وضعية السكان.

يقول أيوب جمعة، مدني مهجر: "هناك سخط وامتعاض كبيران من فصائل الجيش السوري الحر في درعا، فكثيرٌ من القادة خضعوا للمفاوضات دون أن يأخذوا بالحسبان وضع المدنيين". ويبدو جلياً عدم الثقة في الحكومة السورية. يقول جمعة: "إن قبلت فصائل المعارضة المصالحة والتسوية مع قوات النظام، أتوقع حصول إعدامات ميدانية، وأن يتم أخذنا إلى زنازين أجهزة الاستخبارات".

ويقول محسن حمدو أنه سيضطر لترك أرضه إن سقطت بيد الحكومة: "لا خيارات لدي. لا أستطيع المخاطرة بحياتي وحياة أفراد أسرتي بناءً على وعود روسيا والحكومة بترك الناس وشأنهم وعدم اعتقال أي شخص، لأنهم لن ينفذوا التزاماتهم من الاتفاق. لقد قتلوا كثيراً من السوريين، وحتى الآن ما زالوا يقصفون مشافينا وبيوتنا. لماذا علينا القبول بديكتاتور من هذه الشاكلة؟"

يقول سليم، إنه يخشى أن يتم اعتقال الشبان أو سوقهم للخدمة العسكرية في ظل سيطرة الحكومة، متابعاً أن هذا ما كان مصير الناس في ريف دمشق بعد سقوط المعارضة هناك أيضاً، وأضاف أن قوات الجيش السوري  قد بدأت باستهداف متطوعي الدفاع المدني والصحفيين في المناطق التي استولت عليها.

حين سنعرف لاحقاً كيف سيُطبق الاتفاق الذي تم التفاوض حوله، فإنه من المرجح أن تأتي الأخبار كضربة لأولئك الذين أملوا أن يَثْبُت المتمردون. يقول سليم:" لقد خذلتنا المعارضة. لم يعد لدي ثقة في أي شخص".