بعد كورونا: أكثر من 4.5 مليون دولار لمشاريع متأخرة ولا تنفع السكان

خلال عامين تقريباً من الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا، كانت استجابة المنظمات الدولية العاملة في سوريا بطيئة إلى حد كبير، ما جعل تدخلها في كثير من الحالات بلا جدوى فعلية، وبعضها جاء متأخراً جداً وبعد أن بدأت معظم البلدان وبما فيها سوريا، تطوي صفحة الجائحة.

منذ شهر نيسان الماضي، وبتمويل من جهات وهيئات متعددة مثل "صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا"، ومنظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة "

RELIEF INTERNATIONAL"، انطلقت العديد من المشاريع الخاصة بالاستجابة لجائحة كورونا، في كل من مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة الإدارة الذاتية ومناطق سيطرة المعارضة، تبدو هذه المشاريع التي تنتهي في شهر آب القادم في غير وقتها، لأن عدد الإصابات وفي مختلف المناطق قد انخفض إلى حد أصبحت فيه كورونا لا تشكل تهديداً ذي أهمية على الصحة العامة، كما يشير إلغاء معظم الدول الإجراءات الاحترازية التي كانت قد اتخذتها لمواجهة الجائحة.

وأما في البلدان الفقيرة أو المضطربة والضعيفة مثل سوريا، فلم تكن استجابتها للجائحة من ناحية التدابير والقدرات التي تتمتع بها المنظومات الصحية، ترقى إلى مستوى التحدي الذي شكلتها كورونا، ولا سيما في ذروات وموجات انتشارها خلال العامين 2020 و2021.

بلغت قيمة المشاريع الأخيرة التي جاءت تحت بند الاستجابة للجائحة، 4 ملايين و600 ألف دولار، وزعت كما يلي: 1.6 مليون دولار للمشاريع المفترض تنفيذها في مناطق سيطرة النظام، 0.9 مليون دولار لمناطق الإدارة الذاتية، 2.1 مليون دولار للمناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في محافظتي حلب وإدلب.

وتتضمن بنود هذه المشاريع دعم المراكز الصحية المختصة باختبارات الكشف عن الإصابة، وتجهيز 140 سريراً لرعاية المصابين، 30 سريراً في مدينة دمشق و9 في اللاذقية، 25 في القامشلي و16 في الرقة، 30 في حلب و30 في إدلب. يضاف إليها مشروع إنشاء منظومة تبريد خاصة باللقاحات في الجزء الواقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية من محافظة دير الزور. كما تتضمن بنود المشاريع حملات توعية وتوزيع مستلزمات وقاية في المناطق المختلفة.

فضلاً عن تأخرها، تبدد جدوى هذه المشاريع الوقائع المرتبطة بالجائحة، حيث انحسرت أو ألغيت معظم الإجراءات والاستعدادات الضعيفة أصلاً التي اتخذتها السلطات المحلية، وكذلك تضاءل اهتمام السكان بهذا الشأن، حيث أغلقت العديد من المراكز الخاصة بكورونا أو توقفت عن تقديم الخدمات المرتبطة بمواجهة الجائحة، كما يعاني العاملون في هذه المشاريع من صعوبة إقناع السكان بالمشاركة في الأنشطة المتفرعة عن هذه المشاريع مثل حملات التوعية التي يراها السكان بلا فائدة بعد تبدد خطر الجائحة، ويطالبون بمستلزمات نافعة بالنسبة إليهم بدل مستلزمات الوقاية من كورونا التي توزعها الفرق التابعة للمشاريع الأخيرة، ما يعيق المنظمات المحلية المنفذة عن تنفيذ الأنشطة والأعمال المطلوبة.

دفعت هذه العوائق ببعض المنظمات المحلية إلى مطالبة شركائها الممولين في المنظمات الدولية بتعديل بعض الأعمال والأنشطة لتلائم الوقائع الراهنة، لكن رد الممولين بأن "المشاريع غير قابلة للتعديل" والتحذير بفض الشراكة في حال التغيير. ففي محافظة الرقة التي شملت المنحة المخصصة لها، دعمت ثلاثة مراكز خاصة بجائحة كورونا، أحدها كان قد أغلق في وقت سابق، طالبت المنظمة المحلية المانحين بتعديل يراعي التغيرات، ويشمل أنشطة وأعمال صحية بديلة عن الأعمال المتعلقة بالمركز المغلق، فجاء الرد بحسم المبلغ المخصص لدعم هذا المركز من قيمة المنحة. وفي مناطق سيطرة المعارضة وتكيفاً مع إصرار المانحين على التنفيذ الحرفي لبنود المشاريع، اضطرت المنظمات المنفذة إلى التقيد بشروط التنفيذ ومن دون اهتمام بمدى استفادة السكان المحليين. وأما في مناطق سيطرة النظام فلم ينفذ أي مشروع وأكتفت وزارة الصحة والأطراف الأخرى المشاركة نظرياً في تنفيذ هذه المشاريع، بإرسال وثائق زائفة تثبت فيها التزامها بالتنفيذ.