نقل جرعات لقاح فيروس كورونا إلى القامشلي في الحسكة من قبل منظمة الصحة العالمية - 3 أيار 2021 (منظمة الصحة العالمية)

منذ اعتمدت منظمة الصحة العالمية لقاحات خاصة بكوفيد 19 كان السؤال الذي يشغل بال السوريين عموماً، والمقيمين منهم في شمالي شرقي سوريا خصوصاً وتحديداً في مدينة دير الزور: "كيف ستؤمَّن احتياجات هذه المنطقة من اللقاحات؟". ويزيد قلقهم افتقار هذه المنطقة إلى الكثير من أساسيات التخديم الصحي والرعاية، فكيف بها إزاء عملية تطعيم تنوء حكومات ودول بأعباء تنظيمها وتأمين طواقمها واحتياجاتها اللوجستية؟

بقيت المنطقة بدون لقاحات حتى نهاية الموجة الثالثة من انتشار فيروس كوفيد 19 المستجد، فكانت أول مرة تصل إليها اللقاحات في أيار 2021، حين تلقت لجنة الصحة التابعة ل"الإدارة الذاتية" في شمالي شرقي سوريا من منظمة الصحة العالمية 46732 جرعة من لقاح اِسترازينيكا قسمت على الحسكة والرقة ودير الزور بواقع (25080-8832-12820) على التتالي، بالإضافة إلى 41000 جرعة سينوفارم الصيني اختصت بها محافظة الحسكة.

لم تترافق الحملة الأولى للتطعيم التي أطلقتها لجان الصحة في كافة مناطق شمالي شرقي سوريا (1 حزيران 2021) مع أية حملات توعية، حيث استهدفت العاملين في الحقل الطبي، فتلقى الجرعة الأولى من لقاح اِسترازينيكا 2400 شخصاً في محافظة الحسكة إضافة إلى 1130 من محافظة الرقة و800 من دير الزور، في حين لم يستخدم لقاح سينوفارم في الحملة الأولى على الإطلاق.

استهدفت الحملة الثانية (نهاية تموز 2021) أيضاً المسنين ممن تجاوزت أعمارهم الـ 65 عاماً، وترافقت مع حملة تشجيع على التطعيم من خلال المراكز الصحية والعاملين في المجال الصحي، وانتهت في محافظة الحسكة بتطعيم 3425 شخصاً بلقاح اِسترازينيكا كجرعة أولى و1122 كجرعة ثانية، إضافة إلى تطعيم 4100 بجرعة أولى من لقاح سينوفارم، بينما انتهت في محافظة الرقة بتطعيم 1816 بجرعة أولى من لقاح اِسترازينيكا و411 بجرعة ثانية، أما في دير الزور فانتهت بتطعيم 1964 بجرعة أولى من لقاح اِسترازينيكا و650 بجرعة ثانية.

ومع ذروة الموجة الرابعة المتمثلة بالمتحور دلتا وكثرة الإصابات ونسب الوفيات كثفت لجان الصحة الترويج للقاح، فأطلقت الحملة الثالثة بتاريخ 20 أيلول، وفيها طُعّم في محافظة الحسكة 4400 شخصاً بجرعة أولى و2300 بجرعة ثانية من لقاح اِسترازينيكا، بالإضافة إلى 3700 بجرعة أولى و 3800 بجرعة ثانية من لقاح سينوفارم، وفي محافظة الرقة طُعّم 2216 بجرعة أولى إضافة إلى 840 شخصاً بجرعة ثانية من لقاح اِسترازينيكا، وفي دير الزور طُعّم 2400 بجرعة أولى و 933 بجرعة ثانية من لقاح اِسترازينيكا.

وكانت الحملة الرابعة امتداداً للحملة الثالثة، فابتدأت في السادس من تشرين الأول، وانتهت في محافظة الحسكة بـتطعيم 4003 شخصاً بجرعة أولى و925 بجرعة ثانية من لقاح اِسترازينيكا، إضافة إلى 2647 بجرعة أولى و 2783 بجرعة ثانية من لقاح سينوفارم، أما في محافظة الرقة فانتهت بتطعيم 1331 بجرعة أولى و929 بجرعة ثانية من لقاح اِسترازينيكا، بينما في دير الزور طُعّم 1482 بجرعة أولى و523 شخصاً بجرعة ثانية من لقاح اِسترازينيكا.

  وكانت الإدارة الذاتية قد حددت 22 مركزاً لتلقي اللقاح في محافظة الحسكة و9 مراكز في محافظة الرقة و7 مراكز في محافظة دير الزور، لكن أعداد التطعيمات الواصلة إلى المنطقة لا تتناسب مع عدد السكان الكلي، وحتى هذا الوقت لم تؤمن لقاحات إضافية.

واجهت حملات التطعيم رفضاً مجتمعياً كبيراً، حيث انتشرت شائعات كثيرة منها ما يتعلق بآثار اللقاح الجانبية على الصحة والجسم، مثل تسببه بتجلطات في الأوعية الرئوية والقلبية، كذلك تسببه بضعف جنسي عند الرجال وتشوه في النطاف، وأيضاً أن اللقاح ذاته يسبب نسبة وفيات تفوق 2%، ولم تعمل هيئة الصحة على تفنيد هذه الشائعات بل اكتفت بالترويج للقاح وضرورته، ومن الشائعات التي ساهمت في رفض اللقاح أن من مكوناته مواد مأخوذة من الخنزير، ولم تصدر إزاء ذلك فتوى أو رأي من مشايخ موثوقين.

كذلك ساهم في رفض  التطعيم وجود كثير من الأقارب في دول أوروبية وتركيا ودول الخليج التي فرضت اللقاح، حيث أن نسبة كبيرة ممن تلقوا التطعيمات قد أصيبوا مرة أخرى بفيروس كورونا المستجد، مما شكل قناعة بأن اللقاح غير ذي فائدة، إضافة إلى الآثار الجانبية للتطعيمات التي تتمثل بألم أو تورم أو احمرار في موضع الحقن، وارتفاع درجة حرارة الجسم والشعور بالتعب والصداع، والقيء والإسهال، وآلام في المفاصل وآلام في العضلات.

مع انتشار هذه الشائعات وهذه القناعات ظهرت فئة من القيادات المجتمعية وبخاصة فئة من الأطباء تعمل على محاربة التطعيمات وتشكك بكل الدراسات السريرية وبكل النتائج الخاصة بالتطعيمات؛ واقع لا يساعد السكان على تلقي التطعيمات حيث حملات ترويج خجولة لا ترقى إلى حجم الكارثة، إضافة الى عدم قدرة هيئة الصحة على تأمين اللقاحات اللازمة للفئات المحتاجة.