عدنان أفيوني الذي توسط للإفراج عني و صدّق أنني عميل لإسرائيل

من الإنترنت لعدنان الأفيوني مع بشار الأسد

كتبت هذه المادة  عن الشيخ محمد عدنان أفيوني في شهر أيار من العام 2018 ولم تنشر حينها بناء على رغبة الكاتب زيد مستو ابن مدينة قدسيا وأحد التلامذة السابقين -قبل الثورة- للشيخ الأفيوني الذي قتل بتفجير في قدسيا أمس.

لم يكن مفاجئاً أن يخطب الشيخ محمد عدنان أفيوني لصلاة عيد الأضحى في حضرة "رئيسه" بشار الأسد وهو الذي سبق وأن فعلها ، بقدر ما كان مؤلما مكان الخطبة (داريا) ومغزاها وتلك الكلمات التي استعملها من قبيل "الجيش السوري الباسل" و"سيدي الرئيس" و"الانتصارات" . بعد أيام قليلة من اندلاع الثورة، استدعاني الشيخ إلى مكتبه في مجمع أحمد كفتارو، طالبا مني كـ"مثقف" أن أقف في وجه "الفتنة التي أوقظت بالبلد" وأقنع العائلة بعدم المشاركة في المظاهرات، وذلك بعد أن أشيع بأن عائلة مستو ستحرك مظاهرات متضامنة مع أهالي درعا الذين كانوا تحت نيران الجيش السوري في ذلك الحين.  لقد كانت صدمة حين بدا الرجل الذي لطالما اعتبرته مثالي الأعلى في الحياة مقتنعاً كلياً بأنها مؤامرة تحركها دول أجنبية تهدف إلى النيل من سوريا كما نالت من مصر وليبيا، مستشهدا ببريد إلكتروني وصله، يقول بأن وائل غنيم الذي أشعل ثورة مصر هو يهودي بحكم العصابة الحمراء التي يضعها على يديه كما ممثلين عالميين وسياسيين. منهيا حديثه بأن الأمن لن يتردد في قتل المتظاهرين، وبالتالي فإنهم عرضة للقتل وهذا "فتنة". بالإضافة إلى أن الأسد بحسب رأيه شخص موثوق شخصيا بالنسبة له، ويعمل على إصلاح البلد.

حقاً! قلت في داخلي وأنا لا أكاد أصدق، هل كوّن هذا "العلامة" قناعته من واحدة من تلك الرسائل الالكترونية؟ قلت له بعد محاضرة طويلة اضطررت لسماعها دون إعطائي فرصة للرد: لكن أنت تعرف وضع البلد وخبرت الأمن وطريقة تعامله. قلتها له كبديهة لا يستطيع دحضها، فالأمن كان يرعبه ويرعب آخرين، لكثرة المضايقات التي كان يفتعلها بحق "معاهد الأسد لتحفيظ القرآن" لدرجة أننا كنا نتحايل على رجال الأمن للحصول على ترخيص "شبيبة الثورة أو طلائع البعث" للذهاب بطلبة المعهد في نزهة. وكم من مرة استدعي هو أو غيره لمراكز الأمن بعد الرحلات للتحقيق.

كان ذلك آخر لقاء لي به، سمعت لاحقا بتعيينه مفتياُ لدمشق وريفها، وهو الذي كان دائما يسعى للسلطة، لا حبا بها، ولكن من مبدأ أكاد أقول إنه نظرية في الفقه الصوفي، بأن الوقوف مع السلطة يسهل مهمة الداعي لتغيير المجتمع وبالمحصلة تغيير السلطة نفسها، أي بمعنى آخر الغاية تبرر الوسيلة.

ولد الشيخ محمد عدنان الأفيوني عام ١٩٥٤م في القابون بمدينة دمشق، ودرس فيها التجارة لينتهي به الحال موظفا في أحد البنوك، قبل أن يتفرغ للدراسة والعمل في المجال الديني، حيث حصل على الماجستير بمساعدة من طلبته الذين كتبوا له الرسالة، ومن ثم الدكتوراة في وقت لاحق.  تركز  نشاط الأفيوني في قدسيا التي كون فيها حلقة بسيطة من الطلبة بمعهد العرفان، وشيئا فشيئاً أصبح مدرّساً يحضره أكثر من ألف شخص أسبوعيا وفي أكثر من منطقة بريف دمشق.

لم يخطب الأفيوني  ضد النظام يوماً ولكن لطالما اشتكى من مضايقاتها، في الوقت الذي يحاول التقرب إليه تماماً كما فعل شيخه رجب ديب وشيخ شيخه أحمد كفتارو . بتقديري لم يكن وقوف الأفيوني إلى جانب النظام حباً به، ولا سوء نية مقصودة أو فساداً، بقدر ما كان قناعة مبنية على جهل وسطحية، لدرجة أنه صدّق رجال الأمن بأنني أتعامل مع إسرائيل، عند توسطه لإخراجي من المعتقل خلال الأشهر الأولى من الاحتجاجات.

بمرور الوقت وانقسام السوريين بين المعارضة والنظام، اختار أن يقف إلى جانب  السلطة وتبرير كل ما تقوم به، حتى بأهالي المدينة التي احتضنته. وهو يعرف أكثر مني ما قام به الجيش السوري حين اقتحم مدينة قدسيا عام ٢٠١٢. عرّت خطبة العيد في داريا حقيقة هذا الشخص وعلاقته الحقيقية بالسلطة وخلقت أسئلة عن طبيعة نواياه، أيَّاً تكن قناعته لا يمكن أن يجد مبرراً في أن يخطب بأحد مساجد المدينة إثر تهجير أهلها، وبعد أن ارتكب جيش النظام مجازر عدة اعتبرها الشيخ "انتصاراً" للجيش.

ربما وجد من يصدقه حين حاضر في الجزائر أو الشيشان على أن الثورة مؤامرة، لكن هل لايزال مقتنعاً بذلك وهو يعرف أن معظم المتظاهرين الأوائل – وقضى معظمهم في وقت لاحق - في قدسيا، كانوا من تلامذته في معهد تحفيظ القرآن