- Home
- مقالات
- رادار المدينة
هيئة تحرير الشام على منابر إدلب .. إبعاد المخالفين وتلقين الخطباء واستعمال سياسي
خلال الأسابيع الماضية عملت "هيئة تحرير الشام" في المناطق التي تسيطر عليها، على ترويج التعامل والتوحد مع فصائل المعارضة في مناطق "نبع السلام" و"درع الفرات"، وكان أحد أهم أدواتها في ذلك منابر المساجد، التي لطالما اعتمدت عليها في الإعلان والترويج لسياساتها من خلال الخطب الجاهزة الموزعة على الخطباء من عناصرها أو المستقلين.
تراجع في الفترة الأخيرة تعيين خطباء من الفتيان المنتسبين للهيئة، لاعتماد الأخيرة على متبني أفكارها من الخريجين الجدد من كلية الشريعة في جامعة إدلب، في تعيين الخطباء الذين تتولى "حكومة الإنقاذ" عبر مديرية الأوقاف متابعة شؤونهم، وتقوم بتوزيعهم حسب كفاءتهم وحجم المسجد والمنطقة التي يقع فيها. لكن الأمر لم يكن دائماً على هذا النحو.
درجت الهيئة في السابق على "فرز" الخطباء من المنتسبين الجدد إليها، وهؤلاء عادة ما يكونون في مقتبل العمر تجاوزوا للتو سن الطفولة، تخضعهم الهيئة لحضور "دورات شرعية" في معسكراتها الخاصة، حيث يتلقون فيها دروساً "مكثفة" في القرآن والحديث والسيرة النبوية، وفي نهايتها يمرون عبو فحص لسبر المعلومات والإمكانيات الخاصة، مثل الاستعداد والذاكرة الجيدة والجرأة والصوت والثقة بالنفس، ليتأهل قسم منهم للدخول إلى "دورة" أخرى تستمر لأسبوعين أو ثلاثة، ليستطيعوا بعدها ممارسة الخطابة.
ورأى عرابي عرابي الباحث في الشؤون الجهادية، أنه يتم ترشيح الخطباء الذين يلتزمون برؤية هيئة تحرير الشام لتسلم شؤون المساجد، وخاصة إذا كان الخطيب صاحب خبرة سابقة ومتمكن من الخطابة، إذ يتم إرساله إلى "المساجد المهمة". وأضاف في حديث لعين المدينة، أن هيئة تحرير الشام "لديها خطاب عام تطلب من الخطباء الالتزام به. من لا يلتزم بالورقة (الخطبة الجاهزة) والأفكار المقدمة له يُقصى لاحقاً".
الشيخ عمار أحد الخطباء في ريف إدلب الشمالي استبدلته الهيئة بعد أن رفض فكرة إلقاء "الخطب الموجهة" كما يسميها، والتي تحض المصلين على دعم الهيئة منذ تشكيلها من عدة فصائل أبرزها "جبهة النصرة". أوضح أن بداية خلافه معهم كانت عند دخول الجيش التركي، إذ أرسلت الهيئة حينها توجيهات بضرورة الحض على رفض التعامل مع تركيا باعتبارها حليف للناتو، وتنوي القيام بعمليات ضد الفصائل الجهادية.
وتابع: "خلال وقت قصير، وبعد بدء تعامل الهيئة مع تركيا، أرسلت خطيباً ألقى خطبة تجيز التدخل التركي لمساعدة المسلمين"، الأمر الذي جعل الشيخ عمار يرفض الانصياع للخطب الموجهة، لذلك عزلته الهيئة عن الخطابة في المساجد الكبرى، بينما تغض النظر عن عمله اليوم في أحد مساجد المخيمات الصغيرة في ريف إدلب الشمالي.
وخلال شهر آب من العام الجاري، اجتمع "معاون وزير الأوقاف والدعوة والإرشاد" إياد المصري بخطباء مساجد مدينة إدلب في مبنى ثانوية سفيان الثوري الشرعية، بحضور نائب عميد كلية الشريعة والحقوق في جامعة إدلب الدكتور ياسين علوش ومدير الثانوية الأستاذ عبدالله شيخ سليم بهدف "مناقشة موضوع الخطابة". وشدد المصري خلال الاجتماع على "أهمية دور العلماء في نشر الوعي وتشجيع أولياء الأمور لإرسال أبنائهم للمدارس الشرعية" كما نقل بعض الحضور.
من جهته اعتبر الشيخ محمد أيوب خريج كلية الشريعة في جامعة دمشق، أن تحرير الشام قامت بمحاربة المتصوفة من أجل فرض رأيها وفكرها، من خلال عزلهم عن الخطابة في المساجد، وتعيين "خطباء حضروا دورة شرعية لمدة 15 يوماً".
وأشار إلى أن "بداية نشر أفكارها كانت من خلال منع التشويق (الابتهالات الدينية)، واعتقال بعض الأئمة بعد السماح لهم بالتشويق، علماً أن غالبية المجتمع في إدلب يميل للطريقة الصوفية".
ورأى أيوب أن تحرير الشام تعمل على نشر توجهاتها السياسية وتسويق نفسها أكثر مما تعمل على الجانب الديني، خاصة أنها باتت تتسامح في الفترة الأخيرة مع الكثير من الأمور التي كانت تتشدد فيها سابقاً.