- Home
- مقالات
- رادار المدينة
ميليشيا الدفاع الوطني في الحسكة تغير ولاءها عبر سرايا الخراساني العراقية
كانت معركة حي طي بين مليشيات "الدفاع الوطني" و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في نهاية شهر نيسان لعام 2021 نقطة تحولٍ هامة لمليشيات "الدفاع الوطني" في الحسكة؛ ظهر جلياً تخلي قوات النظام عنهم في المعركة، وكذلك القوات الروسية الموجودة في مطار القامشلي الدولي الذي لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن الحي، واقتصر دور الأخيرة على الوساطة للهدنة ومن ثم إنهاء الاشتباكات، في حين وقفت قوات النظام موقف المتفرج، حيث لم تحرك مفرزة الأمن العسكري في الحي ساكناً، وتضمنت التسوية بقاءها مع نحو 50 عنصراً من قوات النظام.
بعد هذا الخذلان الذي تعرضت له مليشيات الوطني، بدأت تبحث عن حلفاء جدد لها لتعزيز فرص بقائها في المحافظة. ومع بداية الحرب الروسية الأوكرانية مطلع العام الجاري، بدأ يزداد النفوذ الإيراني عبر أذرعها في ميليشيات الحشد الشعبي وحزب الله في المحافظة من خلال تكثيف وجودها العسكري والاجتماعي، إن كان عن طريق دعم الدفاع الوطني، أو عبر استقطاب عدد من وجهاء وشيوخ العشائر العربية في المحافظة.
حاولت إيران منذ بداية العام الجاري تشكيل قوات عشائرية تابعة لها في المنطقة، حيث التقى في نيسان الماضي وفد إيراني وضباط من النظام السوري في مطار القامشلي لتشكيل مجلس عسكري تموله طهران، كان من المرجح أنه سيتألف من أبناء القبائل والعشائر في المحافظة، إلا إنه لم يرَ النور بسبب رفض قسد المدعومة من التحالف الدولي.
ونظراً لتقاطع المصالح بين المليشيات الشيعية العاملة في سوريا والدفاع الوطني الخارجة مؤخراً من هزيمة حي طي، تمكنت الأولى من استقطاب قادة مجموعات من الثانية بعد دعمهم مالياً وعسكرياً مقابل ولائهم لها.
من المعروف أن مليشيات الدفاع الوطني تنتشر في مدينتي القامشلي والحسكة، لذلك عملت إيران منذ البداية على استمالة كل مجموعة على حدة؛ ففي الحسكة تواصلت مع قائد مليشيا الدفاع الوطني في الحسكة وريفها عبد القادر حمو عن طريق قادة في ميليشيا "سرايا الخراساني" العراقية يعملون في سوريا، وفق مصدر مقرب من الحمو. وأفاد المصدر أن الخراساني عينت عنصراً سابقاً بالأمن العسكري يعتنق المذهب الشيعي مساعداً للحمو.
استطاعت سرايا الخراساني ضمان ولاء الحمو مقابل تأمين رواتب عناصره الذين لا يتجاوز عددهم 60 عنصراً حسب تقديرات المصدر، يتوزعون على مقرين أحدهما في المربع الأمني والثاني في مقر البراد الآلي، الذي تعمل مليشيات الخرساني على تحصينه بعد أن نشرت على جدرانه صور لأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق وبعض قادة الميليشيا في العراق.
وتابع المصدر بأن الأمور بدأت بشكل سري، ولكن سرعان ما كشفت مجموعة الحمو عن تبعيتها الجديدة عبر تبني شعارات شيعية معروفة. فمنذ قرابة الشهرين بدأ الحمو وعناصره بنشر توجههم علانية من خلال منشوراتهم على صفحاتهم في فيسبوك، بينما راح عناصر الحمو الذين صاروا يتلقون رواتب منتظمة تصل إلى 250 ألف ليرة سورية، يطلقون عليه لقب "السيد أبو أحمد الحسيني".
ينتمي الحمو المقيم في الحسكة (من مواليد 1979) إلى قبيلة العفادلة في مدينة الطبقة، وتعتمد مجموعته قبل دعم الخراساني على تجارة المخدرات وحبوب الكبتاغون إلى جانب فرض الإتاوات على التجار في تمويلها بسبب تخلي النظام عن دعمهم، الأمر الذي يمكّن بعض عناصر الدفاع الوطني من الخروج من المربع الأمني في الحسكة إلى مناطق سيطرة قسد، بالمقابل يدخل بعض عناصر قسد إلى المربع الأمني لتبادل التجارة وقضاء الشؤون الخاصة.
يتولى في القامشلي مهمة استقطاب قادة الدفاع الوطني ميليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري، اللتين استطاعتا خلال فترة قصيرة كسب ولاء كل قادة الدفاع وأبرزهم فيصل العازل.
يعمل العازل أساساً مدرس لغة عربية، وشغل إدارة ثانوية العروبة إضافة إلى عمله السابق مسؤولاً في شعبة القامشلي لحزب البعث. وبحسب ما ينشر على صفحته في فيسبوك يعمل حالياً مديراً لمعهد الثقافة الشعبية في المدينة.
يعتبر العازل من عشيرة المعامرة من مؤسسي الدفاع الوطني في القامشلي، وظل مقرباً من القوات الروسية في مطار القامشلي إلى أن توج هذا التقارب بإرسال مقاتلين إلى ليبيا مع مرتزقة فاغنر ثم حضوره مؤتمر سوتشي 2018. لكنه غيّر ولاءه إلى حزب الله اللبناني والحرس الثوري، واستأنف بعد ذلك سلسلة زياراته إيران التي بدأت مع العام 2012، حيث تلقى منها دعماً مالياً وتوجيهات بخصوص التجنيد لصالح النظام والموالاة لإيران، الأمر الذي بدا جلياً في تأسيس وقيادة الميليشيا.
لم يقف التغير في ميليشيا الدفاع عند تحول ولاء قادة المجموعات، وتنقل مصادر خاصة عن عناصر فيها أن التغير لصالح إيران طال قائد مركز الدفاع الوطني في محافظة الحسكة، إذ جرى تعيين حسن سلومي قائداً له بدلاً من العقيد أحمد الحسن المعروف بقربه من القوات الروسية في مطار القامشلي.
وحسن حمزة سلومي (1973) من قرية حامو جنوب القامشلي وينتمي لعشيرة الغنامة، خريج كلية تربية وعضو في مجلس الشعب للدورة الثانية على التوالي منذ عام 2016.
عمل مدرساً، ومع بداية الثورة وتشكيل الدفاع الوطني ترأس مجموعة قريته حامو، ومن بعدها تسلم قيادة مركز الدفاع الوطني في القامشلي. سبق أن عيّن قائداً للدفاع الوطني في محافظة الحسكة نهاية 2020 إلا أنه أقيل بعد سيطرة قسد على حي طي. وفي شهر آب الفائت صدر قرار "الأمانة العامة للدفاع الوطني" الذي نشرته صفحة الدفاع الوطني على فيسبوك، بتعيينه قائداً لمركز الدفاع الوطني في محافظة الحسكة بدلاً من العقيد الحسن.