- Home
- مقالات
- رادار المدينة
مواقف نجوم الفتوة من الثورةعمر السومة في طريقه إلى حضن النظام
يعد نادي الفتوة، المؤسس في ثلاثينات القرن الماضي باسم نادي غازي، وهو من أعرق الأندية السورية ومن أكثرها فوزاً ومشاركة بالبطولات؛ مثالاً للتغيير الذي لحق بالوسط الرياضي بعد الثورة، فقد انقسم أعضاؤه بين من انخرط فيها وضحى في سبيلها وبين من وقف ضدها وأيد النظام.
الكابتن عدنان الجاسم أحد لاعبي العصر الذهبي للفتوة، وحقق معه الكثير من البطولات المحلية، من مواليد 1962، لعب لكل الفئات العمرية في النادي، الكابتن أبو الدولة كما سماه جمهور الفتوة تحبباً، يحمل جميلاً كبيراً لهذا الجمهور لأنه «صانع انتصارات الفتوة في عصره الذهبي» كما يقول متحدثاً عن «بيته الثاني»، ويجعل من انضمامه إلى الثورة والمشاركة فيها وجهاً من أوجه الوفاء له، وجزءاً من دين يحاول رده للناس الذين جعلوا الفتوة واحداً من تعريفاتهم وجزءاً لا يتجزأ من هوية الدير، فالوقوف «مع ثورة دير الزور في وجه النظام المجرم واجب أخلاقي قبل أن أي شيء آخر».
اعتقل أبو الدولة وعذب مع أبنائه ثلاث مرات، حتى مات أحدهم تحت التعذيب في السجن. ولم تقف معاناته هنا بل عانى من اللجوء والغربة، فهو يعيش اليوم في خيمة متواضعة في أحد مخيمات ولاية أورفا التركية، ويقاسي مثل معظم اللاجئين ظروفاً معيشية صعبة. كان يستطيع أن يحذو حذو من وقفوا مع النظام أو التزموا الحياد ليجنب نفسه وعائلته هذه الظروف لكنه يقول: «المبادئ لا تتجزأ، فالرياضي الخلوق هو نفسه الذي يشعر بمعاناة إخوته والجماهير التي تحبه وتشجعه». ومن ساحات المخيم حيث يقيم يحاول أن يزرع حب الفتوة في قلوب الفتية والصغار القادمين من دير الزور، بتنشيط الحركة الرياضية هناك، وتدريب الناشئة على لعب الكرة وفق ما يتاح له من إمكانات، لأنه يحلم بوقت تعود الحياة فيها إلى الدير ويعود النادي محتاجاً إلى كوادر شابة ترفد صفوفه، بعد أن تنقضي هذه المرحلة التي يبدو فيها الفتوة أسيراً بأيدي من جعلوا أنفسهم ألعوبة بيد النظام وحولوه إلى منبر وأداة لتمجيده.
ومثل أبو الدولة وقف إلى جانب الثورة وانخرط فيها عشرات من لاعبي الفتوة بفئاته العمرية المختلفة، في مقدمتهم نجومه السابقون مثل وليد مهيدي وبسام النوري ومقداد سوادي وهشام خلف وماهر وخالد وأكثم الهمشري وإبراهيم الدخيل وجاسم النويجي وأسامة الغضب واحمد الفندي وغيرهم. فيما استشهد بعض لاعبي النادي؛ ومنهم زياد محيميد الذي قنصته قوات النظام، وسعد الطه الذي قضى في المعتقلات، وخليل البورداني قائد الكتيبة الذي قضى في قصف بالطائرات.
حول نظام الأسد المؤسسات الرياضية وإداراتها إلى دوائر تابعة له، وصارت بعض المنشآت الرياضية سجوناً ومعتقلات. ومن بقي في إدارة نادي الفتوة حالياً، أو انتقل إلى نواد أخرى تلعب في دوري النظام، هم عناصر يخدمون غاياته السياسية والأمنية والاجتماعية، وهم جزء من جيش مؤيديه الفعليين حتى لو أضمروا مواقف سرية مناهضة. يتذرع هؤلاء بأعذار واهية مثل أن الرياضة شأن منفصل عما يجري، وبأنها وجه من وجوه الحياة يجب أن يستمر رغم كل شيء، متناسين ما طال أحياء دير الزور -وبيوت كثير منهم فيها- من خراب وتدمير بآلات حرب النظام. بلا شك قدم هؤلاء مصالحهم الشخصية وسلامتهم على مصالح أهلهم وناسهم، مهما التمسوا لأنفسهم من أعذار، ويبدو أن عد أنفسهم في شريحة النخب فعل فعله في اصطفافهم.
أنور عبد القادر وجمال سعيد ومحمود حبش وفاتح العمر ووليد عواد وعيسى ومحمد شريدة وهاني نوارة وضرار رداوي وطارق الغضب وإسماعيل السهو وغيرهم، وقفوا في النهاية مع النظام لأنهم ظلوا في فضائه ومؤسساته الرياضية، رغم تباين مواقفهم وقت اندلاع الثورة.
والأهم من هؤلاء، اليوم، ما يصدر عن عمر السومة نجم الفتوة ثم القادسية الكويتي ثم الأهلي السعودي، من مواقف رجراجة تغازل الاتحاد الرياضي، على أمل عودته إلى منتخب الأسد، مرتداً عن موقفه الأول في تأييد الثورة ورفع علمها في حادثة شهيرة عام 2012. رفض السومة أن يجيب عن أسئلتنا لتفسير ما أصدره من تصريحات، ويبدو أنه عائد بالفعل إلى حضن النظام في تصرف غير مبرر وهو من يعيش وأهله في نعيم ناديه السعودي.