- Home
- مقالات
- رادار المدينة
مهجّرو حلب الشرقيّة إلى مناطق سيطرة النظامبين التصفية والسجن والإلحاق بجبهات القتال
بعد أكثر من شهرين على خروج عددٍ يقدّر بـ90 ألفاً من أهالي أحياء حلب الشرقية نحو مناطق سيطرة نظام الأسد، نتيجة القصف الهمجيّ وإغلاق جميع أبواب النجاة؛ أخذ مصير الكثير من الشباب بين سنّ الثامنة عشر وحتى الأربعين يتكشف، من إلحاقٍ بثكنات الجيش إلى تصفياتٍ ميدانيةٍ أو تغييبٍ قسريّ.
تقول أم ماجد إن عائلها خرجت من حيّ طريق الباب في 2/12/2016 إلى مركز الإيواء في منطقة جبرين حيث احتجزت الهويات الشخصية للتفييش. وفي اليوم التالي أخذوا ماجد وابن أخته. وعند سؤالها عنهما، بعد أكثر من عشر ساعات، أجابوها: «تمت تصفيتهما، فقد تبين أنهما من الجيش الحرّ». تقول أم ماجد، التي وصلت إلى الريف الغربيّ مع من تبقى من عائلتها: «ما عطوني الجثث لأدفنن. يمكن عبيكذبوا عليّ، يمكن هنن معتقلين بس بدهون يحرقولنا قلوبنا».
بينما تؤكد زوجة عبد الله، التي قدمت بصحبته نحو مناطق النظام من معبر جسر السنديانة في 9/12/2016، أنهم قتلوه بمجرد وصوله، فقد تعرّف إليه أحد العناصر عند مرورنا على الحاجز، وهو ابن حارتنا الشعار، وقال له: «جيت على رجليك»!
على غرار عبد الله وماجد مئات المفقودين من أهالي المدينة، يذكر أقاربهم أن قوات النظام صفتهم أو اعتقلتهم على المعابر أو في حملات المداهمة على الأحياء الغربية من حلب بعد أن سكنوا فيها.
من بقوا في بيوتهم أيضاً
تقول زوجة جهاد (35 سنة من حيّ الهلك وله 5 أطفال): «عندما دخل الجيش لم نخرج. بقينا في البيت حوالي شهر، قاموا خلاله بتوزيع الإغاثة ولم يضايقنا أحد». وفي 3/1/2017 قامت عناصر من قوات النظام باقتحام بيت جهاد واصطحابه إلى جهةٍ مجهولة، ولم تفلح كل محاولات زوجته في العثور عليه.
ولم يكن حظ وليد (50 عاماً)، الذي يملك دكاناً في حيّ سيف الدولة، أفضل. بعد أن رفض الخروج مع أبنائه الثلاثة في الحافلات بعد سريان الاتفاق بإخراج المدنيين من حلب، وآثر البقاء في بيته ودكانه مع زوجته. يقول محمد، أحد أبنائه الذين نزحوا إلى الريف الغربيّ، أن والده قال لهم: «أنا كبير بالسنّ، وما عليّ شي. ما بدّي أترك بيتي ليسرقوه». ولكن لم يمض أسبوعٌ واحدٌ على دخول قوات الأسد حتى اعتقل الأب في 29/12/2016، وما زال مجهول المصير حتى الآن.
الشباب إلى الثكنات العسكرية
قالت السيدة فاطمة إنه خلال عبورها نحو مناطق النظام من معبر بستان القصر، بصحبة شقيقيها (25 و29 عاماً)، احتجزتهما قوّات النظام، لتفاجأ باتصال أحدهما بعد أسبوعٍ وإخبارها أنهما ألحقا بصفوف جيش الأسد. في حين حاول الشابان أحمد وعلي، اللذان سكنا في حيّ الأشرفية بعد قدومهما من حيّ الميسر، الهروب إلى الريف الشمالي ولكن حاجز الـpkk اعتقلهما وسلمهما لقوات الأسد التي ألحقتهما بإحدى الجبهات، حسبما يقول والدهما الذي يحاول جاهداً تدبير أمر انشقاقهما.
من جهته أكد لنا الحاج أبو محمد، الذي كان في مركز إيواء جبرين، أنه شاهد الكثير من الشبان متوسطي العمر يتم أخذهم من جبرين وإلحاقهم بالخدمة العسكرية. وأكد أن «العناصر كانوا دائماً يتوجهون إلينا بالحديث، في مركز الإيواء الذي قضيت فيه تسعة أيام، بأن على الشباب مساعدة الجيش والالتحاق بالثكنات العسكرية لتحرير المدينة من الإرهابيين على حد قولهم».
لم تسلم النساء
قالت السيدة سعاد (25 عاماً) لـ«عين المدينة» إنها احتجزت عند عودتها إلى بيتها في حيّ مساكن هنانو بعد أن نزحت إلى حيّ السريان حيث سكنت عند أقربائها. وعندما أرادت الاطمئنان على بيتها فوجئت عند وصولها إليه بأحد عناصر الجيش يطلب منها الذهاب معه إلى حاجزٍ في حيّ الزبدية. وفي قبو أحد المباني قام ضابط مخابراتٍ بالتحقيق معها: «سألوني عن زوجي وأخي، وأعطوني معلوماتٍ دقيقةً عنهما. استمرّ التحقيق لثلاث ساعات، بعدها أخلوا سبيلي وطلبوا مني العودة بعد يومين».
عادت سعاد لتفاجأ هذه المرّة بطلب المحقق منها التعرّف، من خلال الصور، على بعض المقاتلين الذين كانوا يقطنون في حيّها، وسؤالها عن أماكن وجودهم حالياً، وإن كانت تعرف أيّ معلوماتٍ توصل إليهم: «لم أستطع إنكار معرفتي ببعض أصحاب الصور. طلب المحقق مني أن أتصل إن رأيت أحدهم في حلب الغربية، كما عرض عليّ العمل معهم».
أخلوا سبيل سعاد ليطلبوا منها العودة بعد أسبوع، ولكنها اتخذت قرارها بالهرب إلى الريف الشماليّ حيث تسكن الآن في مدينة اعزاز: «لا أعرف كيف نجوت. كنت واثقةً أنهم سيعتقلونني إذا لم أصبح مخبرة».