- Home
- مقالات
- رادار المدينة
منهل الضحيك برعاية روسية في ريف حمص الشمالي .. من قيادي بارز في الجيش الحر إلى منفذ أعمال خيرية في حضن الأسد
يندرج اعتقال منهل الضحيك "ضفدع ريف حمص الشمالي الأول" في قائمة الاعتقالات التي طالت رؤوس المصالحات وعناصرها في المناطق التي خضعت لاتفاقات التسوية مع نظام الأسد، لكنه يخرج عنها لصالح الدعم الذي يتلقاه من أصدقائه الروس في مواجهة تغلغل حزب الله.
ينتمي منهل -المعروف باسم منهل الصلوح مواليد 1981 أب لثلاثة أطفال- إلى إحدى أكبر عائلات مدينة تلبيسة شمالي حمص، والتي عمل سائقًا على إحدى الشاحنات التي تملكها، وبسبب تورطه في أعمال غير أخلاقية وقتها وتخبطه الدائم اشتهر بلقب اللواص بين زملاء مهنته، اللقب الذي يناسب أعماله حتى ما بعد انخراطه في الثورة أو عودته إلى حضن الوطن.
بدأ الضحيك المشاركة في الثورة بعد اقتحام قوَّات النظام الثاني لمدينة تلبيسة خريف العام 2011، من بوابة العمل مع المجموعات الصغيرة التي حملت على عاتقها حماية المظاهرات، وضرب حواجز النظام المنتشرة في تلبيسة. انتسب بداية لمجموعة قريبه أبو حاتم الضحيك، وكان بمثابة لوجستي ينقل الذخيرة والطعام والشراب، وظلَّ مرافقًا له حتى تولى منصبه في القيادة.
عمل الضحيك خلال تلك المسيرة على إقصاء المنافسين له في تولي القيادة عبر "نسج المكائد والفتن" بينهم وبين أبو حاتم خلال قيادة الأخير لكتائب الفاروق؛ وقائمة المنافسين على القيادة حينها تشمل أسماء عديدةً مثل أحمد الكسوم وياسر المرعي، والكثير من الشخصيَّات العسكريَّة والمثقفة التي ابتعدت عن أبو حاتم بسبب دفاعه عن قريبه، حتى غدا الأخير الرجل الثاني بلا منازع، والمسيطر على مالية وذخيرة "لواء الإيمان بالله" (الذي شكّله أبو حاتم)، حتى لم يعد يضم هذا اللواء سوى أصحاب السمعة السيئة أمثال منهل.
ارتبط صعود منهل الضحيك بتحطيم الجميع في طريقه، حين لعب دوراً مهماً في "مرحلة التخوين" بين أبناء مدينة حمص وأبناء الريف خلال محاولات فك الحصار عن أحياء حمص، واستمر في ذلك الدور لما بعد مقتل أبو حاتم مع شقيقه وخمسة من قادة المجموعات أيلول 2014 بغارة جوِّية أثناء محاولتهم التصدي بالرشاش لطائرة كانت تستهدف تلبيسة بالغارات. عقد حينها قادة المجموعات اجتماعاً انتهى باستلام منهل لقيادة "لواء الإيمان بالله" وانشقاق عدة مجموعات عنه وانضمامها لألوية أخرى.
يعتبر أيار 2015 تاريخ توحيد الفصائل بمدينة تلبيسة تحت اسم "جيش التوحيد" بقيادة أبو مؤيد قيسون، هو تاريخ توقف الأعمال العسكريَّة ضد النظام بسبب الخلافات وعدم الثقة والتخوين المتبادل بين جيش التوحيد من جهة، وغرفة عمليات ريف حمص الشمالي من جهة أخرى، واقتصر الأمر منذ ذلك الوقت على حماية الجبهات، فيما تبيَّن لاحقاً أنَّ الهدف غير المعلن من تشكيل جيش التوحيد -الذي كان منهل أساسياً فيه- هو محاربة تنظيم الدولة "داعش" وليس محاربة النظام.
بعد نحو شهرين من ذلك قرَّرت "المحكمة القضائية العليا لحمص" مطالبة قيادة جيش التوحيد بتجريد الضحيك من كافة وظائفه ومهامه وأعماله في الجيش، والتبرؤ من أعماله وتسليمه للمحكمة القضائية العليا لحمص فورًا، ومطالبة كافة الفصائل الموقعة على بيان المحكمة بإلقاء القبض عليه أينما وجد وتسليمه للمحكمة، لكن لم يُنفذ شيئاً من هذه المطالب التي استندت إلى عدة تهم منها: "الاشتباه بتهريب رئيس شبكة التخابر والتعامل مع النظام المدعو محمود العلي (الحنيفة)، الامتناع عن تسليم المدعو رافد طه إلى قيادة جيش التوحيد لصالح المحكمة القضائية، منع تنفيذ أحكام المحكمة واستباحة الهيئة الشرعية في تلبيسة بالهجوم عليها".
بعد تدخل روسيا عبر الجوّ، بدأت مرحلة استغلال الوضع المعيشي الصعب، ثم بدأ النظام بفتح أبواب التفاوض عن "طريق خط 400"، وفي حين رفض قسم وازن من الأهالي التفاوض مع النظام لإدراكهم أن التفاوض كان خدعة منه، سيقوم منهل وجماعته بتخوين الرافضين للتفاوض، عبر بث إشاعة أن رافضي التفاوض "يرفضون مجيء الكهرباء لكسب مادي خاص لهم". ولشرعنة التفاوض مع النظام أسسوا ما يُسمّى "مجلس العوائل" الذي وكّل رغدان الضحيك (عم منهل) وعيسى الضاهر للتفاوض مع النظام لفتح خط 400.
يتناقل الأهالي أنَّ منهل كان على تواصل مع الروس منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأنَّه اجتمع مع النظام والروس في فندق سفير حمص عدَّة مرَّات، ووقّع مندوبوه اتفاقاً في القاهرة لتسليم المنطقة مطلع آب 2017، ولذلك انتشر في منطقته لقبه عرّاب المصالحات، خاصة بعد ظهوره في مقطع مصور يحض الناس فيه على عدم الهجرة. ثم -وبعد تسليم المنطقة للنظام في أيار 2018 - انضم الضحيك إلى صفوف "الدفاع الوطني".
قبل فترة من اعتقاله الأخير منذ شهر، أقام الضحيك وليمة للمدعو جعفر جعفر رجل نوح زعيتر التابع لجماعة حزب الله اللبناني. تكمل الحكاية أنه وأثناء اعتقاله من قبل عناصر الحزب كان على موعد مع جعفر ذاته تحت جسر تلبيسة على طريق حمص- حماة، وقد تم ضربه عندها وإهانته وتكسير سيَّارته، ما دفع التحليل باتجاه رد الاعتقال إلى خلاف في أحد شؤون تجارة المخدرات. وبغض النظر عن السبب فإن اعتقاله جعل من مساره لا ينفصل عن مسار مسلحين كثر في المنطقة مثل بدر حوجك أحدَ أبرزِ عرّابي المصالحة في منطقة الحولة والمسيطر السابق على معبر بعرين، والقيادي في حركة أحرار الشام عامر الخضر وكان يتزعم معبر أكراد إبراهيم، والاثنان اعتقلهما النظام العام الفائت.
لكن تدخل الروس للإفراج عن الضحيك بعد أسبوع، يدفع للاعتقاد أن الاعتقال نتيجة خلافات بين الجماعات المنتمية إلى كل من إيران وروسيا التي تربطه برجالاتها في حمص علاقة وثيقة، الأمر الذي قد يدفع بالضحيك إلى مزيد من التورط، وهو ما يظهر من قيام "مركز قيادة المصالحة للأطراف المتحاربة" بتسليمه بطاقة ثناء، لاشتراكه في "تحضير وتنفيذ العمليات الخيرية" على "الأراضي المحررة من المسلحين"