- Home
- مقالات
- رادار المدينة
مريضات سرطان الثدي في إدلب.. اليأس أو رحلة العلاج الشاقة مركز وحيد يستقبل 40 مريضة سرطان في الشهر
تعاني مريضات سرطان الثدي في إدلب وريفها من تحديات وصعوبات كبيرة تتمثل في انقطاع الأدوية وغلائها وصعوبة الحصول عليها إن وُجدتْ، فضلاً عن نقص الإمكانيات الطبية واقتصار العلاج على مركز واحد فقط، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى المستشفيات التركية جراء إغلاق المعابر وإجراءات الدخول المعقدة.
أم حسن (48 عاماً) نازحة من معرة النعمان وتقيم حالياً في مخيمات أطمة الحدودية، شُخصت الكتلة التي ظهرت في ثدي ابنتها نور (18 عاماً) بسرطان الثدي، تقول لـ“عين المدينة“ واصفة معاناتها: "أقف عاجزة عن فعل أي شيء لإنقاذ حياتها. فقر الحال منعني من تأمين العلاج الجيد لغلاء ثمنه". تعيل أم حسن بناتها الأربع منذ أن فقدت زوجها في الحرب، وكل ما تستطيع فعله لابنتها البكر هو أن تصطحبها بين الحين والآخر إلى المستشفيات المجانية في مدينة إدلب للحصول على المسكنات وبعض الجرعات الكيماوية التي "تسهم بإيقاف المرض لفترات معينة" تقول الأم.
يحول إغلاق المعابر الحدودية أمام المرضى سوى بعض الحالات القليلة مع صعوبة الإجراءات المتعلقة بالدخول، دون إمكانية إدخال الشابة نور إلى تركيا من أجل الحصول على العلاج في مستشفياتها، وما فاقم من وضع الشابة الصحي والنفسي كما تقول والدتها، انفصال خطيبها عنها ما إن علم بطبيعة مرضها، الأمر الذي ترك أم حسن عاجزة، مع استمرار تدهور صحة ابنتها.
سميرة أربعينية من معرة مصرين اكتشفت أنها مصابة بسرطان الثدي، أخبرها الأطباء بأن عليها السفر إما إلى مناطق النظام أو إلى تركيا للحصول على العلاج كونه غير متوفر في المناطق المحررة، فاختارت تركيا خوفاً من المرور بحواجز النظام لأن زوجها معتقل.
حالف الحظ سميرة بعد عدة أشهر من الانتظار، فدخلت إلى تركيا دون مرافق معها، وهناك بدأت إجراءات استخراج الكملك وإذن السفر من أجل السماح لها بالوصول إلى المستشفى الذي تم تحويلها إليه للعلاج، وبعد عناء كبير ومشقة تمكنت أخيراً من تلقي العلاج اللازم، وعادت إلى سوريا بعد استقرار حالتها وفق ما أكده لها الأطباء، لكن ذلك لم يسكن خوفها، لأنها تعتقد أنها لن تستطيع الدخول إلى تركيا ثانية بسبب إجراءات وتعقيدات الدخول "القاسية"، خاصة مع تفشي فيروس كورونا، وذلك في حال ظهور علامات جديدة لانتشار الورم.
وعن ذلك تقول: "في السابق كانت الأمور أكثر بساطة، ولم يكن الأطباء الأتراك في المعبر يرفضون دخول مرضى السرطان الذين كان لهم الأولوية، وبأعداد كبيرة تجاوزت في كثير من الأحيان المئة حالة يومياً، غير أن العدد انخفض إلى أقل من خمس حالات يومياً، وهو ما أدى إلى حرمان الكثيرين من المرضى من فرصة العلاج في وقت مبكر".
أما منال (٣٨عاماً من ريف إدلب الشرقي) فتعاني من سرطان الثدي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهي الآن لا تستطيع فعل شيء سوى العيش على المسكنات. تقول يائسة: "أعلم أن مرضي نهايته الموت المحتم، خاصة وأنني أرى صحتي تتراجع يوماً بعد يوم. لم أحاول السفر إلى أي مكان للعلاج، في هذه الظروف المريرة.. العلاج مكلف جداً وزوجي بالكاد يستطيع تأمين قوت العائلة، وجسدي الهزيل من شدة المرض لم يعد يقوى على السفر (لتلقي العلاج)".
تساهم الحالة النفسية لمريضة السرطان في نجاح العلاج، إذ تشكل إرادة الشفاء بداخل المريضة عاملاً رئيسياً في تحفيز جهازها المناعي. هذا ما تؤكده الثلاثينية أم يزن من مدينة إدلب التي أصيبت بسرطان الثدي وشفيت منه بشكل تام، وعن تجربتها تقول: "سارعت لإجراء التحاليل ما إن شعرت بظهور كتلة صغيرة في صدري، وفعلاً تبين بأنها ورم سرطاني. لم أسمح لليأس والإحباط بالتسلل إلى داخلي، فباشرت بالعلاج فوراً، وترددت على المركز المختص بعلاج مرضى السرطان في مدينتي. استمر علاجي لمدة عامين كاملين وبعدها شفيت تماماً من المرض ولله الحمد".
تحرص أم يزن على بث الأمل لدى مريضات السرطان، وتنصحهن بالتسلح "بالقوة والإرادة والثقة بالله دائماً وعدم اليأس ثم متابعة العلاج وعدم إيقافه".
تعتمد المنطقة في هذا الشأن على مركز طبي في إدلب مخصص لمعالجة أورام الثدي واللمفوما، افتتح في مستشفى إدلب المركزي بالتعاون مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية سامز في تشرين الثاني 2018، ليقدم العلاج الكيماوي فقط، إضافة لتقديم استشارات طبية لمرضى الأورام الخبيثة، لكنه يبقى غير كاف لحاجة المرضى المصابين بكتل سرطانية إلى العلاج الإشعاعي والمناعي الأكثر فاعلية ولكنه غير متوفر في المركز، الذي يقتصر عمله في كثير من الحالات على الكشف المبكر عنها وتحويلها للعلاج إلى تركيا.
وعن عدد الحالات التي يستقبلها المركز، يتحدث الطبيب ملهم خليل أخصائي دم وأورام لـ“عين المدينة“ بالقول: "المركز هو الوحيد المختص بمعالجة السرطان في المنطقة، وهو يستقبل شهرياً أكثر من ٤٠ مريضة سرطان، عشرون بالمائة منهن مريضات سرطان ثدي، والبقية تتنوع بين سرطانات الرحم والمبيض والقولون واللمفوما والدم".
وأشار خليل إلى وجود نسب شفاء تامة من مرض السرطان بعد الاستفادة الكبيرة من الجرعات الكيماوية والعلاج الهرموني والجراحة التي يقدمها المركز لمريضات السرطان، ويعتمد الأمر بالدرجة الأولى على طبيعة الكشف المبكر عن المرض، إذ كلما كانت مرحلة الكشف عن المرض أبكر كلما كانت الاستفادة أكبر، على حد تعبيره.