- Home
- مقالات
- رادار المدينة
مراكز التعلم الذاتي في إدلب
وقف الوضع الأمني السيىء وعمليات التهجير التي اتبعها نظام الأسد بحق السوريين حجر عثرة أمام عدد كبير من الأطفال ومنعتهم من متابعة تعليمهم، لذلك يرى القائمون والمتفاعلون مع "مراكز التعلم الذاتي" بصيص أمل لإعادة الأطفال المنقطعين والمتسربين إلى مقاعد الدراسة، ليكونوا قادرين على تعليم أنفسهم بأنفسهم تحت إشراف معلمين ومرشدين نفسيين.
يواجه قطاع التعليم في إدلب تحديات كثيرة في ظل الحرب السورية التي حرمت الكثير من الأطفال من حقهم في التعليم، ما دعى إلى افتتاح مراكز التعلم الذاتي في ريف إدلب، وذلك بهدف إعادة الأطفال المنقطعين عن التعليم إلى المدارس، ومساعدة الأطفال المتأخرين في تحصيلهم الدراسي وتأهيلهم للحاق بأقرانهم خلال فترة لا تتجاوز أربعة أشهر، كما يطمح القائمون عليها.
تقف منظمة "غصن الزيتون" وراء مشروع مراكز التعلم، ويتحدث مدير مكتبها في إدلب لمجلة عين المدينة عن أسباب افتتاحها بقوله: "بدأنا بتنفيذ المشروع في تشرين الثاني من العام 2018، حيث قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم مع مديرية التربية الحرة في إدلب، ومذكرات تفاهم مع المجالس المحلية في المناطق التي سيتم تنفيذ المشروع فيها، ثم بدأنا بتنفيذ المشروع على مرحلتين، وتمكنا خلالهما من تغطية 16 بلدة بريف إدلب منها معرتمصرين، تفتناز، احسم، معرتحرمة، كفرنبل، كفروما، حيش." و على الرغم من التمدد الذي حققته هيئة تحرير الشام مؤخراً في مناطق تنشط فيها المراكز إلا أن "مشروع المنظمة ما زال قائماً حتى الآن" كما أفاد للمجلة مدير مكتب غصن الزيتون في إدلب باقتضاب ودون إضافة أي تفاصيل.
ويضيف الشاب: "يستهدف المشروع الأطفال من سن 7 حتى 17 عاماً من الأطفال الذين لا يتمكنون من الالتحاق بالمدرسة بشكل يومي، أو المتأثرين باضطراب الدوام في مدارسهم، إضافة إلى الأطفال المحتاجين لدعم إضافي في مجال التعلم لتحسين قدراتهم، حيث بدأت المراكز باستقبال الطلاب، ليتم بعدها سبر وتحديد مستوى التلاميذ، وتوزيعهم على الصفوف من الأول حتى السادس بحسب مستوى تحصيلهم العلمي."
ويبين بأنه تم اختيار الأطفال الأكثر حاجة لهذا النوع من التعليم، بحيث تكون الأولوية للطلاب المنقطعين عن المدارس منذ أشهر أو سنوات، ويتم التركيز على المواد الدراسية الأساسية في كل صف (اللغة العربية والرياضيات واللغة الانكليزية والعلوم)، وذلك وفق "منهج ميسّر ومناسب للأطفال يتم عرضه بطريقة سهلة وممتعة"، ويوزع مجاناً للطلاب المستفيدين، كما يتم تطبيق منهاج متكامل في الدعم النفسي للأطفال. أما الدوام بحسب مدير المكتب فيكون خلال يومين في الأسبوع فقط، يحصل في كل منهما الطلاب على حصتين تدريسيتين وجلسة دعم نفسي، علماً أن المراكز تكون مفتوحة كافة أيام الأسبوع لتناسب جميع الأوقات التي يتمكن فيها الأطفال من زيارتها، ويؤكد في النهاية أن مديرية التربية تعترف بشكل رسمي بالمراحل التي يتجاوزها الطالب في مراكز التعلم الذاتي، وتستقبله لاحقاً في صفه الجديد .
ترى المعلمة في مركز التعليم الذاتي في بلدتها حيش أهمية للأطفال في المنطقة على المستوى الجماعي وعلى المستوى الفردي، وعن ذلك تتحدث قائلة: "يعتمد التعلم الذاتي على الدوافع الذاتية للمتعلمين بشكل كلي، وقد ظهرت الحاجة إليه في ظل تأخر التعليم والصعوبات التي رافقت العملية التربوية والتعليمية في سوريا، واتساع الفروق الفردية بين الطلبة الناتجة عن انقطاع التعليم أو التسرب الدراسي، وما سببته ظروف الحرب والنزوح من انقطاع الأطفال عن التحصيل الدراسي."
وتضيف العبود متحدثة عن أسباب انتشار ظاهرة تسرب أعداد كبيرة من الأطفال من مدارس إدلب وريفها بالقول: "ازدادت نسبة المتسربين خلال سنوات الحرب بسبب استهداف المدارس بالقصف وتضرر عدد كبير منها، وانتشار الفقر وتدني مستوى المعيشة، إضافة إلى تراجع التعليم والنقص الحاد في مستلزمات العملية التعليمية."
تساعد المراكز في ضم الأطفال إلى أقرانهم في المناطق التي نزحوا إليها، بالإضافة إلى هدفها الرئيسي في ترميم أو إعادة بناء قدراتهم في التعلم والتحصيل المدرسي، يلمس ذلك الطفل وائل النازح من بلدة جرجناز في ريف إدلب وقد انضم مركز التعلم الذاتي القريب من بيته الحالي، وعن ذلك يول: "كنت متفوقاً في دراستي، ولكن النزوح المستمر أدى إلى تراجع مستوى تحصيلي الدراسي، لذلك انضممت لمركز كفرومة -حيث أسكن الآن- لتعويض ما فاتني من تعلم، ومواكبة ما وصل إليه أقراني."
أما أم حسن التي نزحت من ريف حماة الشرقي فتتحدث لعين المدينة عن انضمام أطفالها إلى مركز حيش للتعلم الذاتي فتقول: "أطفالي انقطعوا عن الدراسة منذ سنتين بسبب الفقر، وعدم قدرتي على شراء مستلزماتهم المدرسية، وبعد انضمامهم لمراكز التعلم الذاتي تكفل بلوازمهم المدرسية."
لكن يبقى الواقع أبعد ما يكون عن الأهداف، فبحسب تقديرات سابقة للحكومة المؤقتة فإن 40% من الأطفال في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة خارج المدارس، ما يعني أن عدد المنقطعين منهم عن الدراسة قد يصل إلى نصف مليون طفل في إدلب ومحيطها فقط.