- Home
- مقالات
- رادار المدينة
مدارس الإدارة الذاتيّة في دير الزور: اكتظاظ.. ومنهاج يرفضه السكان
تحاول الإدارة الذاتيّة فرض منهاجها التعليمي في المنطقة الواقعة تحت سيطرتها في دير الزور، لكنها تبدو حذرة من إثارة غضب السكان المعترضين على مضمون بعض المواد، وتحديداً الجينولوجيا والجغرافيا والتربية الدينية. وخشية من حدوث اضطرابات كما يحدث منذ شهر تقريباً في منبج، أوقفت هيئة التعليم التابعة للإدارة الذاتية، توزيع كتب هذه المواد على المدارس في دير الزور، بعدما انطلقت فيها دعوة إلى اضراب عام احتجاجاً على المنهاج.
تشرح مادة الجينولوجيا غير المعتمدة إلا في منهاج الإدارة الذاتية، العلاقات الاجتماعية وفق رؤية مؤسس حزب العمال الكردستاني (pkk) عبد الله أوجلان، وترسم مادة الجغرافيا خريطة جديدة للمنطقة، في حين تشرح مادة التربية الدينية الإسلام وفق ما تراه الإدارة الذاتية مناسباً لتوجهاتها الفكرية. ولذلك يُصر المعلمون ومعهم ذوي الطلاب على رفض تدريس هذه المواد التي تناقض الثوابت الدينية والقيم الاجتماعية والثقافية السائدة. وعلى مدى الأعوام الدراسية الثلاث أو الأربع الماضية، جوبهت محاولات الإدارة لفرض منهاجها بالرفض، ويكون البديل هو المنهاج المدرسي الرسمي في مناطق النظام، بعد تنقيحه وحذف ما يتصل بحزب البعث ونظام الأسد من كتبه في المراحل التعليمية الثلاث. وكانت منظمة اليونيسيف تتولى طباعة الكتب وتوزيعها على المدارس في دير الزور.
ليس المنهاج هو المشكلة الوحيدة في المنظومة التعليمية للإدارة الذاتية، حيث تعاني هذه المنظومة من مشكلات أخرى كبيرة، فالشهادات التي تمنحها غير معترف بها خارج مناطق سيطرة الإدارة ما يعني حرمانهم من فرص الالتحاق بجامعات ومعاهد متوسطة معترف بها، ولذلك يلجأ المئات من أبناء دير الزور في الصفين الثالث الإعدادي والثالث الثانوي إلى تقديم امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في منطقة سيطرة النظام في كل عام، وذلك بعد التحاقهم في معاهد تعليمية خاصة تدرس منهاج الشهادتين في محلات اقاماتهم في منطقة الإدارة.
يفتقر الكثير من المعلمين في مدارس الإدارة الذاتية في دير الزور إلى التأهيل العلمي المطلوب، إذ سهل تفشي المحسوبية والفساد في أوساط مسؤولي الإدارة المحليين، تعيين أشخاص غير مؤهلين كمعلمين في المدارس، بعد تقديمهم شهادات مزورة على مستوى الجامعات والمعاهد المتوسطة. ومن جهة أخرى لا يشجع متوسط رواتب المعلمين الذي يبلغ 60 دولار تقريبًا في الشهر، الأشخاص المؤهلين على العمل في مدارس الإدارة الذاتية، وكان انخفاض الأجر مقارنة بالحد الأدنى لتكاليف العيش التي تقدر ب 300 دولار لأسرة مؤلفة من 5 أشخاص، سبباً لاستقالة كثير من المعلمين. حيث استقال في الأسابيع الأولى من العام الدراسي الحالي 80 معلماً تقريباً من أصل 600 معلم في مجمع غرانيج التربوي.
ويعاني الطلاب والمعلمون من مشكلة الاكتظاظ في الغرف الصفية، فعلى سبيل المثال وصل عدد طلاب الصف الأول في بعض مدارس مدينة البصيرة إلى 60 طالباً في الغرفة الصفية الواحدة، ما يؤثر سلباً على أداء المعلمين وقدرة الطلاب على الاستيعاب. وفق إحصائية هيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية للعام الدراسي 2022-2023، بلغ عدد الطلاب في دير الزور 300 ألف طالب، يتوزعون على 739 مدرسة. وبلغ عدد المدارس المدمرة كلياً بسبب الحرب التي شهدتها المنطقة 86 مدرسة، وعدد المدارس المدمرة جزئياً 165 مدرسة. وخلال العام الماضي ألحقت بعض المدارس بالخدمة بعد إعادة تأهيلها لكن ذلك لم يخفف من حالة الاكتظاظ بسبب تزايد عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس. ومع تلكؤ الإدارة الذاتية في إعادة تأهيل المدارس المدمرة أو بناء مدارس جديدة، تظهر مبادرات أهلية لتقديم بدائل، ففي الأسبوعين الماضيين، أطلق الأهالي في بلدة الطيانة حملة تبرعات لبناء مدرستين إعدادية وثانوية في جوار بناء مدرسي قديم. وفي مدينة هجين بادر الأهالي إلى جمع التبرعات لحفر بئر ماء في مدرسة بنات، وتجهيز المدرسة بخزان وبراد ماء وجهاز مكبر للصوت.
رغم أهمية هذه المبادرات التي تؤكد اهتمام السكان بالتعليم وحرصهم على إرسال أبنائهم إلى المدارس، إلا أنها لا تكفي لسدّ الثغرات الكبيرة ولمعالجة القصور الواضح في مسيرة العملية التعليمية في دير الزور.