- Home
- مقالات
- صياد المدينة
مجمّع الرسول الأعظم وثانويات رامي مخلوف الشرعية
منذ أسابيع افتتحت جمعية البستان الخيرية، الممولة من رامي مخلوف، ثانويتين شرعيتين للبنين والبنات في كلٍّ من ناحية البهلولية وقرية الدالية في ريف اللاذقية. وقالت إعلانات الافتتاح إن كل طالبٍ/طالبةٍ مسجلٍ في إحدى هاتين الثانويتين سيحصل على مبلغ خمسة آلاف ليرةٍ كل شهر.
إضافةً إلى الراتب الشهريّ، ذكّر القائمون على المدرستين بالمرسوم الجمهوريّ رقم (36) الذي أصدره حافظ الأسد عام 1973، وهو المرسوم الذي جعل شهادة الثانوية الشرعية معادلةً لشهادة الثانوية العامة (الفرع الأدبي)، ليتمتع حامل الشرعية بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها حامل الثانوية الأدبية، بالتوظيف في مؤسّسات الدولة وبالقبول في الجامعات. وحددت إعلانات المدرستين طبيعة المنهاج التعليميّ بأنه على مذهب الإمام جعفر الصادق، وقالت صفحات الفيسبوك المحلية إن الكادر التعليميّ والإداريّ في المدرستين سوريٌّ بشكلٍ كامل.
وبالرغم من الحفاوة الأهلية بافتتاح مدارس توزع أموالاً على الطلاب، وحفاوة آخرين من المتعصبين للطائفة بأن شرعية البهلولية هي أول مدرسةٍ علويةٍ في سورية؛ ظهرت بعض الأصوات القلقة من احتمال أن يعادي الطلاب تقاليد وأسلوب عيش ذويهم، وكان شرط الحجاب على البنات أول العوامل الباعثة على القلق في أنفس الخائفين من أثر هذا النمط التعليميّ الجديد. فالجنسية السورية، والانتماء الطائفيّ العلويّ الأصليّ للمعلمين والإداريين في مدرستي البستان الدينيتين؛ لم يشكلا ضمانةً كافيةً بأن يحافظ الطلاب على هويتهم. بل إن انتماء المشايخ المسؤولين عن هاتين المدرستين صار موضع تساؤل، فهم لا يفوّتون فرصةً للقاء أيّ زائرٍ إيرانيٍّ إلى اللاذقية، ولا يضيّعون ذكرى ميلادٍ أو وفاةٍ أو استشهادٍ أو أربعينيةٍ من بين الذكريات المتواصلة على شكل احتفالٍ شبه مفتوحٍ في الحوزة الرئيسية في اللاذقية والمسمّاة بمجمّع الرسول الأعظم.
على الجانب الآخر، لا يبدو أن الثانويات الشرعية التابعة لهذا المجمّع، المتوزّعة في كلٍّ من مدينة اللاذقية وريفها، في القرداحة وعين شقاق وسطامو وراس العين وكرسانة وغيرها؛ في حاجةٍ إلى الصبغة الرسمية الشكلية بتبعيتها لوزارة الأوقاف. فوظائف خرّيجيها مضمونةٌ في مؤسّسات وأفرع المجمع المتنامية، وكذلك قبولهم (الجامعيّ) في حوزات إيران والعراق أو في حوزة اللاذقية المسماة بمعهد الشام العالي أو كلية الدراسات الاسلامية في المجمع ذاته.
قبل عشر سنواتٍ تقريباً استؤنفت حركة التشيع في محافظة اللاذقية بقيادة أيمن زيتون، ابن بلدة الفوعة في إدلب، القادم لتوّه آنذاك من مدينة قم في إيران بعد سنواتٍ طويلةٍ من الدراسة في حوزاتها الدينية. تولى زيتون الإمامة والخطابة في جامع الرسول الأعظم المؤسّس حديثاً قبل أن تلحق به مدرسةٌ وكليةٌ دينية. وبعد الثورة امتد نشاط المجمّع إلى معظم ريف اللاذقية وإلى طرطوس، فافتتحت سلسلة جوامع تحمل الاسم ذاته، وكذلك ثانوياتٌ شرعيةٌ وهيئاتٌ نسائيةٌ وكشفيةٌ وخيريةٌ تعنى بشؤون عائلات القتلى من قوات الأسد وتقدم لهم مساعداتٍ ماديةً وعينيةً كان لها الدور الأكبر في اجتذاب الآلاف -وربما أكثر- من المتشيعين الجدد.