- Home
- مقالات
- رادار المدينة
لجان التعدين وممثلها مروان عبيد في داريا
على مدار السنوات الماضية، مثلت تجارة الخردة الناجمة عن تفكيك المنشآت والمرافق العامة ومعدات الحرب إضافة للمعادن المستخرجة من المباني المدمرة أو الآيلة للسقوط، إحدى أهم مصادر اقتصاد الحرب في سوريا.
ويبدو أن المكاسب المادية التي حققتها هذه التجارة ولا تزال، قادت إلى تشكيل شبكة كاملة تبدأ من عمال ترحيل الأنقاض، وصولاً إلى متنفذين في كل منطقة تشملها عمليات الترحيل، وانتهاء بلجان التعدين التابعة للفرقة الرابعة، الطرف العسكري المحلي الأبرز الذي يقود اقتصاد الحرب السورية.
يقود مروان عبيد رئيس بلدية مدينة داريا التي تعد إحدى أكبر المدن المدمرة بريف دمشق، جميع عمليات ترحيل الأنقاض بصفة شخصية.
يتقاضى عبيد عن كل بناء أو منزل مبلغاً مالياً يتراوح بين 150 ألف ليرة وحتى 300 ألفاً، وذلك لقاء عمليات ترحيل الأنقاض. وبالتوزاي يقوم عبيد بصفته رئيس البلدية بالتغطية على نشاطات عمال مخصصين لاستخراج الحديد أثناء عمليات ترحيل الأنقاض.
هذه العمليات التي لا تزال مستمرة حتى اليوم داخل المدينة، تعد -بحسب مصادر أهلية- فرصة سانحة لاستخراج الحديد بعد تحطيم إسمنت أسقف وأعمدة المباني، وهو بكثافة كبيرة داخل معظم الأبنية الطابقية التي تتصف بخرسانة إسمنتية مسلحة جيداً، فقد شهدت داريا خلال العقد الذي سبق الثورة السورية نشاطاً عقارياً كبيراً في قطاع البناء بجودة عالية، وتم تدمير معظم العقارات خلال معركة داريا بين عامي 2012 و2016.
يعد عبيد مثالاً عن المتنفذين الذين يديرون مدن التسويات بريف دمشق، والذين تمكنوا من الاستحواذ على مكاسب مادية كبيرة خلال انخراطهم في العمل لصالح ما يسمى ب "لجان التعدين" التي تنشط منذ سنوات في تجميع الحديد والخردة وبيعها للخارج من خلال عقود بيع لصالح شركات تابعة لأمراء الحرب.
ويفيد تقرير صادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (CSIS) بتورط مؤسسات الأمم المتحدة بالتعامل مع النظام السوري ورجال أعمال مدرجين على قوائم العقوبات الأميركية والأوربية، من خلال تقديم عقود مشتريات لمسؤولين نافذين وعلى رأسهم ماهر الأسد.
يستأثر ماهر الأسد وشريكه رجل الأعمال محمد حمشو، -بحسب التقرير- بعقود مشتريات أممية لنزع المعادن من المناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها وإعادة تدويرها قبل طرحها للبيع عبر شركة تابعة للحمشو الذي كسب ثروة كبيرة من عقود استخراج الحديد من المناطق المدمرة في حلب وريف دمشق وغيرها.
يؤكد مهند أبو الحسن مدير البيانات في "مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية" خلال حديث لعين المدينة، أن النشاطات التي تستهدف الاتجار بالخردة والحديد تدخل ضمن عملية تعفيش منظمة تشكل "جزءاً لا يتجزأ من حملة نظام الأسد لتدمير وجود وذكريات المدنيين من خلال نهب الممتلكات وإعادة بيعها".
ويضيف أبو الحسن أن تنظيم التعفيش تم "وفقاً لدورة أعمال تتكون من الحيازة والتوزيع والتسويق، واشتملت على تعاون بين الوكالات والجهات الفاعلة المختلفة: القوات شبه العسكرية أو القوات المختلطة أو وحدات النخبة والوسطاء من رجال الأعمال".
ويتابع أنه "في وقت مبكر من عام 2013، تم إنشاء لجان التعفيش الوطنية تحت مظلة قوات الدفاع الوطني للإشراف على العملية، وعينت الفرقة الرابعة ممثلين مدنيين في لجنة خاصة للإشراف على نهب الخردة المعدنية يطلق عليها لجان التعدين".
يشير أبو الحسن إلى تطور لافت حصل في تجارة الخردة في العام 2017 على خلفية تقدم النظام إلى مناطق عديدة مثل داريا وحلب، حيث أُعطي نهب الخردة المعدنية مظلة قانونية، فقد تم اعتباره مرحلة تحضيرية ضرورية لإعادة الإعمار. وعليه تم السماح للميليشيات الاقتصادية التابعة للفرقة الرابعة حصراً باقتحام الممتلكات الخاصة المهجورة والمدمرة لمصادرة المعادن الخردة.
لا تقتصر عمليات نزع الحديد من الأبنية المدمرة على مدن التسويات بريف دمشق أو حلب بعد تهجير مقاتلي المعارضة، بل تشمل المناطق التي لا تزال تخضع لإدارة المعارضة، حيث تم استخراج الحديد من بلدتي الفوعة وكفريا بريف إدلب خلال السنوات الماضية، من قبل عناصر تابعين لفصائل معارضة مثل "فيلق الشام" و"أحرار الشام" وبيعها لتجار الخردة، الذين يمتلكون خبرات واسعة في إجراء صفقات مع تجار ضمن مناطق النظام يرجح أنهم يتبعون للحمشو، تم توريد مخلفات الأنقاض والمعدات الحربية لهم على مدار السنوات التي سبقت معركة إدلب الأخيرة التي بدأت صيف العام 2019.