- Home
- مقالات
- رادار المدينة
لبيعها كحطب تدفئة.. قوات النظام تقطع أشجار الزيتون في ريف إدلب
بعد سيطرة قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي بداية السنة الجارية، يعمل اليوم عناصر من جيشه والميليشيات على قطع أشجار الزيتون في تلك المنطقة، ومن ثم بيعها كحطب تدفئة. في حين يراقب مالكو هذه الأراضي ما يجري بحزن وعجز.
زار سامر نجار (اسم مستعار) وهو موظف حكومي، بلدته مؤخراً لتفقد منزله وأراضيه الزراعية، بعد انتظار لعدة أشهر رفض خلالها جيش النظام إعطاءه "إذن عسكري" لزيارة المنطقة، بحجة أنها ما زالت منطقة عسكرية وهناك خطر على حياته فيها.
في وقت سابق حُرقت أجزاء واسعة من أرض سامر والأراضي المجاورة المزروعة بالزيتون، وقطعت الأشجار منها. "قالولنا العساكر إنهم حرقوا القش وانحرق معه الشجر، وبعدها قصوا الشجر المحروق، بس في كتير من الأراضي مي محروقة بس مقصوص شجرها".
يعتبر سامر نجار أن قطع الأشجار عملية ممنهجة، إذ سمع خلال زيارته البلدة صوت المناشير الآلية في مختلف أرجاء المنطقة، ويعتقد أن المقاتلين في جيش النظام والميليشيات المرافقة له، يقومون بتعبئة الحطب في أكياس ونقله في سيارات إلى مناطق سيطرة النظام لبيعه، لأنه مصدر دخل مرتفع نتيجة ارتفاع أسعار الحطب مع دخول فصل الشتاء وارتفاع أسعار المحروقات الكبير، إذ يقدر سعر الطن الواحد من حطب الزيتون ما بين ٨٠ و١٢٠ دولاراً.
تندرج عملية قطع الأشجار ضمن عملية تعفيش واسعة وممنهجة مارسها أو رعاها جيش النظام برفقة الميليشيات المقربة منه في المناطق التي سيطر عليها في ريف إدلب الجنوبي، بدأت منذ أكثر من تسعة أشهر بأثاث المنازل مروراً بالأبواب والشبابيك، وشملت حتى الأسقف التي جرى تحطيمها لاستخراج مادة الحديد منها.
حسين المحمد مزارع مهجر من ريف إدلب الجنوبي، يقول إنه يشعر بالاختناق كلما تذكر الأمر، وهو ذات الشعور الذي عاينه عند سماع خبر قطع أشجار الزيتون، الذي انتشر منذ أكثر من شهر بعد تداول فيديوهات صورها موالون من المنطقة زاروا أراضيهم بموافقة من النظام.. "ما قدرت نام طول الليل. شجر الزيتون متل ولادي ربيتهن بأيدي أكثر من ٣٠ سنة من التعب والعرق، حتى يقطعوهن بيوم وليلة". ويضيف: "ما بحسن أتصور حالي أرجع عالضيعة وما يكون عندي أرض فيها شجر زيتون، لأن من يوم خلقت ما اشتريت زيت زيتون وكنت وزع للناس، وبعدها رح صير اشتري! والله أصعب من التهجير".
ويقدر عدد أشجار الزيتون في مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمالي بالملايين، ويعد أحد أهم مصادر المعيشة لسكان المنطقة، الذين يعتمدون على بيع زيت الزيتون في كل موسم، بينما لم يتمكن الكثير منهم من قطاف موسمهم بسبب سيطرة جيش النظام على هذه المناطق.
يقول مجد سليم وهو ناشط من ريف إدلب الجنوبي، إن عملية الاستيلاء على الأراضي الزراعية ومواسمها لم تقتصر على الزيتون فحسب، إنما شملت الفستق الحلبي الذي طاله قطاف ثماره وقطع أشجاره في مناطق ريف حماة الشمالي الغنية بهذه الأشجار، وخصوصاً مناطق خان شيخون ومورك وكفرزيتا.
يذهب سليم إلى أن الحل يقتصر على الرد العسكري. "الحل الأمثل لوقف عمليات قطع الأشجار هو تكثيف عمليات الفصائل ضد جيش النظام في المنطقة، من خلال استهداف جنود النظام والورشات التي يجلبها لمنعه من تهديد الثروة الزراعية في هذه المناطق".
بينما يتابع المهجرون متحسرين، أوضاع بيوتهم وأراضيهم من خلال برنامج الخرائط الأمريكي (attack)، الذي يمنح مستخدميه ميزة تصوير المواقع بدقة عالية وتحديث مستمر، أو عبر طائرات درون التي أظهرت احتراق عدد من الأراضي الزراعية في المنطقة.