- Home
- مقالات
- رادار المدينة
لا حجج مُقنعة لدى «الإدارة الذاتية» بعد إزالة الصور والإعلام
لا صور لـ "القائد" ولا رموز للأحزاب في شوارع مدن شمال شرق سوريا بعد القرار الذي أصدرته (الإدارة الذاتية) في المنطقة بمنع رفع رموزها وصور قتلى في وحداتها العسكرية وصور عبد الله أوجلان المُعتقل في تركيا.
القرار جاء، بحسب ما أعلنت وسائل إعلام سورية، تمهيداً لعودة قوات وسلطات النظام السوري إلى مدن شمال شرق سوريا، بعد أن انسحبت الأخيرة من المنطقة منتصف عام 2012 بدون أي معارك تُذكر. وعلى الرغم من أن مسؤولي الإدارة فسّروا القرار بأنه يدعم (ناحية جمالية)، ولكنه، وإن اختلف الأطراف بسبب توقيت إصداره ونظام الأسد يُحاول مدّ نفوذه على مساحات سورية جديدة؛ فقد فتح ملفات كثيرة ربما كان أهمها ما كتبه الباحث الدكتور فريد سعدون عبر صفحته الشخصية على فيسبوك حول فعلية سيطرة الإدارة الذاتية على المنطقة.
حيث كتب بأنه "في هذه الأيام كثر اللّغط حول التفاوض على تسليم المناطق التي تحت سيطرة ب ي د (PYD حزب الاتحاد الديمقراطي) للنظام، بل ذهب البعض ومنها مواقع إعلامية إلى أن التسليم قد تم بالفعل، وذكر بعضهم أن ب ي د سلّمت المساجين والمعتقلين للنظام وغير ذلك من الأخبار المستعجلة. أولاً: لا شيء بالمطلق تم تسليمه للنظام. ثانياً: ليس هناك أي اتفاقية أبرمت بين الطرفين. ثالثاً: لم تبدأ (المفاوضات السياسية) الرسمية بين الطرفين بل هي لقاءات واقتراحات ورؤى لـ (الحلّ السياسي) رابعاً: مؤسسات الدولة كانت وما زالت بحوزة الدولة، وما زالت معظمها تؤدي مهامها".
ثم عدّد السعدون ما أسلف ووصفه باستمرار (مهام مؤسسات الدولة) ومنها بحسب المنشور (التجنيد في كامل المحافظة، النفوس (السّجلات المدنية)، المحاكم والسجل العقاري، مؤسسة الكهرباء (يقصد الشركة العامة) بما فيها من سدود ومحطات توليد، مؤسسة المياه ومؤسسة النقل والمواصلات (الاتصالات) السلكية واللاسلكية)، بالإضافة إلى (الجامعة والمدارس التي أغلقتها الحزب في مناطقه، وبذلك حرم غير الكورد من التعليم، المطار والقطعات العسكرية، الأفران والمشفى الوطني، النفط والغاز، البنوك والمصارف ومؤسسة الحبوب التي مازالت تشتري المحاصيل من الفلاحين وتدفع ثمنها بشكل رسميّ عبر البنوك، بالإضافة إلى رواتب الموظفين وتدخّل أفرع الأمن في فصل أي موظف).
ثم يختم المنشور بما يشبه السخرية "بعد كل هذا نريد القول إن كل الأخبار التي تدّعي أن هناك استلام وتسليم هي عبارة عن إشاعات لا قيمة لها".
بينما فتح القرار المجال أمام الرأي العام ليُناقش ملفات كثيرة عالقة منذ تولي الإدارة الذاتية شؤون المنطقة، كان الأولى حلّها قبل البدء بأي (ناحية جمالية)، وتأتي في مقدمة تلك الملفات احتكارها الحياة السياسية ومنع عمل الأحزاب المختلفة. فعمدت الإدارة إلى منع المجلس الوطني الكردي من القيام بنشاطاته وتوصلت إلى إغلاق مقراته بشكل نهائي منذ آذار 2017 واعتقال أعضائه ومُناصريه مراراً، لاعتباره أهم معارضي سياسة (الإدارة) وشمل المجلس أكثر من 15حزباً سياسياً إضافة إلى مستقلين.
الاعتقال المتكرر بات حالة طبيعية بالنسبة إلى السياسيين والنشطاء في شمال شرق سوريا، وعلى رأس قائمة الاعتقالات المتكررة الشخصيات التي لم يتم الكشف عن مصيرها، وتتهم الإدارة بتسليمها للنظام في صفقات تبادل للمعتقلين. وتُعدّ الأكثر غموضاً وإثارة للتساؤل، قضية الضباط الأكراد الثمانية الذين انشقوا عن النظام السوري واعتقلتهم الإدارة منتصف العام 2013ولا يزال مصيرهم مجهولاً. الاعتقالات تلك ختمتها سلطات الإدارة بالقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عبد الرحمن أبو في عفرين، والذي يتهمها ذووه بتسليمه للنظام قبيل انسحابها من المدينة.
وحول هذه النقاط تحدث الصحفي زارا سيدا لـ عين المدينة بأن "مسؤولي الإدارة الذاتية لا يمتلكون الشجاعة الكافية للوقوف على أخطائهم المتكررة، إذا لم نأخذ بالحسبان أن تلك (الأخطاء) هي ممارسات ممنهجة، وهم بفعل ذلك يُوسعون الشّرخ والهوّة بين أنفسهم كجهة حاكمة وبين الشعب الذي يعاني من نتائج ذلك. من هنا يمكن الإشارة إلى أن المبررات التي تسوقها الإدارة لإزالة صور وأعلام رموز حزبية مرتبطة بها، حجج واهية، فهي لا يمكنها إقناع (قاعدتها الجماهيرية) المُشبعة بالولاء لما أُزيل، فكيف بمن يقف في الصف الآخر!".
وبعيداً عن السياسة والعمل المدني وتواجد النظام في المنطقة، يتساءل مدنيون عن الوعود التي طرحتها الإدارة الذاتية في تعويض المتضررين من حربها مع تنظيم داعش، ففي مدينة عين العرب (كوباني) لوحدها تفوق نسبة الدمار 70 % من المدينة، ولم يتمّ تعويض أحد من السكان، وكذلك الحال بالنسبة إلى عدم تعويض أصحاب العقارات الواقعة ضمن (متحف المقاومة) الذي أعلنته (الإدارة) في المدينة، وشمل مساحات واسعة مدمرة. بينما اقتصر تحقيق الوعود على إنشاء 16 كتلة سكنية ضمت 138 شقة لتعويض ذوي قتلى الوحدات العسكرية!.