- Home
- مقالات
- رادار المدينة
كورونا: استجابة محدودة للمنظمات في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية
بعد عامين من انتشار فيروس كورونا في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" بمحافظات دير الزور والحسكة والرقة، ما تزال استجابة المنظمات غير الحكومية المحلية والأجنبية نحو الوباء محدودة في المنطقة التي تعاني منظومة الخدمات الصحية فيها من تدهور كبير.
فحتى منتصف شهر آذار الجاري، لم تستطع منظمة الصحة العالمية تأمين سوى 162 ألف جرعة لقاح لمناطق "الإدارة الذاتية"، توزعت وفق ما يلي: 118 ألف جرعة لمحافظة الحسكة، 33 ألف جرعة لدير الزور، 21 ألف جرعة للرقة، في حين بلغ عدد الحالات ذات الأولوية لتلقي اللقاح وفق معايير منظمة الصحة العالمية 312 ألف حالة، من أصل 1.5 مليون شخص فوق 18 عاماً من سكان المنطقة.
على مستوى الوقاية جاءت الاستجابة عشوائية، ففي البداية أطلقت المنظمات المحلية حملات توعية بمخاطر الفيروس وأهمية التباعد الاجتماعي والتعقيم والتنظيف، لكن الحملات لم تحقق هدفها إما لسوء إدارتها أو عدم توفر مواد الوقاية وغلاء أسعارها التي تعتبر فوق احتمال غالبية السكان.
افتقرت حملات التوعية التي أطلقتها المنظمات للاستراتيجية والمنهجية وعملت بتخبط يعد انعكاساً لتخبط منظمة الصحة العالمية في بداية الجائحة وإصدارها تعليمات متضاربة، إضافة إلى عمل المنظمات من دون تنسيق، فجاء التدخل في بعض المناطق من أكثر من خمس فرق توعية، بينما لم تصل الفرق إلى مناطق أخرى، ولم يتنبه العاملون في المنظمات إلى دور توزيع الملصقات والبروشورات في نقل العدوى من خلال التلامس، إلا بعد ثلاثة أشهر من الحملات.
في السياق ذاته عملت منظمة لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) ومنظمة (CARE International) ومنظمة (olidaritiess) ومنظمة (Mercy Corps) على استهداف بعض العوائل بسلات النظافة لمرة واحدة، وتركز غالبيتها في محافظة الحسكة، بينما استهدفت منظمات محلية في دير الزور والرقة بعض العوائل بسلات النظافة، لكن مجمل ما تم توزيعه لمرة واحدة لم يشكل سوى 1% من حاجة سكان المنطقة.
لم تستطع الإدارة الذاتية أو أي من المنظمات غير الحكومية تأمين جهاز فحص عينات المسحات حتى نهاية شهر حزيران 2020، التاريخ الذي قدمت فيه حكومة إقليم شمال العراق جهازاً واحداً ليغطي احتياجات المنطقة التي يقدر العدد الكلي للسكان فيها ب 4 ملايين نسمة.
بعد ذلك مرت عملية فحص المسحات بعقبات متنوعة، تسببت في انخفاضها إلى الحد الأدنى أو توقفها في بعض المرات، إذ تأخر تدريب العاملين على استخدام الجهاز مدة 3 أشهر، وظل توريد المستلزمات الضرورية لعملية الفحص متقطعاً وبالحد الأدنى، بسبب بطء استجابة الإدارة الفرعية لمنظمة الصحة العالمية في دمشق، والتعقيدات المرتبطة بالمعبر الحدودي مع إقليم شمال العراق. فمع بداية انتشار فيروس كورونا في شمال شرق سوريا، كانت المنطقة قد تلقت ضربة موجعة من مجلس الأمن في كانون الثاني 2020 من خلال القرار الذي يقضى بسحب إذنه بنقل إمدادات المعونة الأممية (الإمدادات الصحية من ضمنها) من العراق إلى شمال شرق سوريا، وأن هذه المناطق سوف يتم الاستجابة لها من خلال المنظمات الأممية في دمشق.
لم تستجب منظمة الصحة العالمية لاحتياجات تشمل تجهيز مراكز الصحة الأولية والمستشفيات بوحدات خاصة بكوفيد، بسبب تعقيدات قرار وقف المساعدات الإنسانية عبر الحدود وعدم وصول المساعدات من دمشق، ولعبت منظمة الصحة العالمية دور نشر التقارير والتنسيق مع الإدارة الذاتية من خلال مكتبها في القامشلي التابع لمكتب دمشق، الذي يقوم عليه موظفون معروفون بولائهم لحكومة النظام وعملوا على عرقلة الكثير من المشاريع في المنطقة، إضافة إلى عدم وجود طرق تساعد في نقل المساعدات العينية إلى شمال شرق سوريا.
بدأت المنظمات الدولية بالتدخل الفعلي تموز 2020، حين قام صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا بدراسة مشروع يدعم من خلاله مراكز حجر في محافظات دير الزور الرقة والحسكة. استغرقت الدراسة ثلاثة أشهر، ولم تفتتح المراكز الثلاثة حتى تشرين الأول 2020، وجاءت باستطاعة بلغت 120 سريراً فيها مجتمعة، إلى جانب دعم الصندوق 10 عيادات نقالة، لكن العيادات لم تكن مخصصة لاستجابة كورونا. وفي الشهر ذاته تلقى الهلال الأحمر الكردي دعماً من منظمة (UPP) الإيطالية لتشغيل مراكز صحية خاصة باستجابة كورونا في مخيمي الهول وواشوكاني.
مع بداية عام 2021 بدأت منظمتا (IRC) و(Relief international) أعمالهما في الحسكة، عبر دعم أربعة مراكز صحية ومن ضمنها أقسام خاصة بكوفيد، كما دعمت منظمة أطباء بلا حدود (MSF) قسم الكوفيد في المستشفى الوطني في محافظة الرقة، بينما بقيت دير الزور خارج خطط الداعمين باستثناء دعم صندوق الائتمان.
وفي آذار 2021 دعمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) مشروعاً لإنتاج أسطوانات الأوكسجين، بعد تسجيل كثير من حوادث الوفاة بسبب عدم وجود الأوكسجين. و حتى نهاية عام 2021 بقي التدخل مقتصراً على تقديم دعم لبعض المستشفيات والمراكز الصحية، وكان عدد المستشفيات المدعومة 6 مستشفيات مدعومة ب 5 وحدات للعناية المركزة، إلى جانب 14 مركزاً صحياً. في حين أعلنت "لجنة الصحة" التابعة للمجلس المدني في دير الزور التابع للإدارة الذاتية منتصف آذار 2022، أنها تلقت دعماً من الوكالة الأمريكية للتنمية يقضي بتزويدها بغرف تبريد تعمل بالطاقة الشمسية لحفظ اللقاحات، إضافة إلى تزويد لجنة الصحة ب 500 أسطوانة أوكسجين.