- Home
- مقالات
- رادار المدينة
كورونا: آلاف المصابين بالمتحور دلتا في منطقة قسد بدير الزور
منذ تسجيل أولى الإصابات بالمتحور المسمى دلتا من فيروس كورونا (كوفيد 19)، في نهاية شهر آب الماضي بمنطقة سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" في دير الزور، يتزايد عدد الإصابات بوتيرة مرتفعة تجعل من هذه الموجة من الجائحة -وهي الرابعة- أشد خطراً من الموجات السابقة، فيما تبدو منظومة الرعاية الصحية القائمة في تلك المنطقة ضعيفة جداً أو عاجزة عن الحد من انتشار الفيروس وتقديم الرعاية اللازمة للمصابين.
حتى يوم 31 تشرين الأول، أعلنت لجنة الصحة التابعة ل"الإدارة الذاتية" في دير الزور عن تسجيل 765 إصابة مؤكدة بناء على مسحة pcr، ضمن الموجة الرابعة من الجائحة، في حين يقدر عاملون بالقطاع الطبي عدد الإصابات ب 10 آلاف إصابة في منطقة قسد بدير الزور التي يقدر عدد السكان فيها ب 700 ألف نسمة. وتستند هذه التقديرات على الفحوصات الأولية مثل الفحوص الدموية والصور الشعاعية، فضلاً عن الأعراض المرضية لمراجعي المراكز الصحية والعيادات والمستشفيات الخاصة.
ويظهر التباين ذاته بين الإعلان الرسمي والتقديرات الجدية عن عدد الوفيات، إذ أعلنت لجنة الصحة عن وفاة 45 مصاباً، في حين يقدر عاملون في القطاع الطبي العدد ب 620 حالة وفاة. ونظراً لافتقار المنظومة الصحية القائمة إلى القدرات اللازمة بخصوص التعامل مع الجائحة، لا يمكن الاستناد إلى الأرقام الرسمية، ما يجعل التقديرات المستمدة من الفحوصات الأولية أقرب إلى الواقع.
استناداً إلى هذه التقديرات تبدو الموجة الرابعة أوسع انتشاراً وأشد خطورة بالمقارنة مع الموجات السابقة، ففي الموجة الأولى (بين نيسان وحزيران 2020) نجحت قرارات الإغلاق في الحد من الانتشار، ولم يتجاوز العدد التقديري للوفيات (15-20) حالة وفاة. وفي الموجة الثانية (الأشهر الأخيرة من 2020) قدر عدد الوفيات ب (22-25) وفاة. وفي الثالثة (بين آذار وأيار 2021) قدر العدد ب(31-35) وفاة.
وبمعزل عن جائحة كورونا، تفتقر منظومة الخدمات الصحية القائمة في منطقة قسد بدير الزور إلى القدرة والكفاءة، من ناحيتي: التجهيزات اللازمة في المستشفيات والمراكز الطبية العامة المفتتحة، وعدد العاملين الطبيين المؤهلين، أطباء وفنيين وممرضين. وكشفت الجائحة ولا سيما في الموجة الرابعة، عن حالة الضعف التي تعاني منها تلك المنظومة، فضلاً عن ضآلة تأثير الإجراءات المتخذة للحد من أعداد المصابين وفي تقديم الرعاية المطلوبة لهم؛ إذ تفتقر دير الزور إلى مركز متخصص بإجراء فحوصات PCR، وتنقل المسحات المأخوذة من المرضى المحتملين إلى مدينة القامشلي، حيث يوجد مركز واحد بجهاز واحد لفحص المسحات القادمة من دير الزور ومن الرقة، إضافة إلى محافظة الحسكة، ما يزيد الضغط على هذا المركز ويؤخر الحصول على النتائج ويزيد من احتمال وقوع الأخطاء.
وعلى صعيد الخدمات العلاجية تبدو التجهيزات المتوافرة في منطقة قسد بدير الزور ضئيلة جداً أمام ارتفاع عدد المصابين. إذ بلغ عدد أسرة العناية المركزة 10 فقط في مستشفى المدينة (افتتحت تشرين أول 2020 في منطقة 7 كم شمال مدينة دير الزور، بتمويل صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا) يضاف إليها 30 سريراً في هذه المستشفى، و 12 سريراً في مستشفى الشحيل لاستقبال حالات الإصابة المتوسطة والخفيفة. في حين تفتقد خمس مستشفيات أخرى (هجين، أبو حمام، البصيرة، الصور، جديد بكارة) لأي تجهيزات خاصة، ومن أي شكل للتعامل مع مصابي (كوفيد 19).
وعلى صعيد الوقاية تبدو الإجراءات المتنوعة التي اتخذتها الإدارة في دير الزور غير مؤثرة في الحد من انتشار الجائحة. إذ تراجع تأثير قرارات الإغلاق، وتراجعت استجابة السكان لإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها المنطقة. وعلى صعيد اللقاح ما يزال عدد الأشخاص الذين تلقوا جرعات اللقاح منخفضاً جداً، ولا يتجاوز حتى نهاية شهر تشرين الأول 7 آلاف شخص، يتوزعون على فئات العاملين في القطاع الطبي والمصابين بأمراض مزمنة والمسنين فوق 65 عاماً.
الأعراض
تختلف الموجة الرابعة عن الموجات السابقة بأنها سريعة الانتشار، وتستهدف الشباب والأطفال بكثرة، إذ تشير التقديرات أن الزيادة في نسبة إصابة الأطفال تبلغ 9% والشباب تبلغ 13 %، وتتركز الأعراض المرافقة للإصابة بالمتحور دلتا خلال الأيام الأولى من الإصابة بالأعراض الهضمية، مثل الإسهال والإمساك والمغص، قبل أن تظهر الأعراض المرتبطة بالجهاز التنفسي.
لدى المصابين الذين يعانون من انخفاض المناعة إما بسبب مرض مزمن أو نتيجة لاستخدام الكورتيزون في العلاج خلال الأيام الأولى من الإصابة، قد تحدث انتكاسة مفاجئة تترافق أحياناً مع الإصابة بذات رئة تصل إلى مرحلة تليف رئوي ما قد يتسبب بالوفاة. إضافة إلى حدوث تشوش لدى الكوادر الطبية بسبب كون الأعراض خادعة، إذ يدخل المريض الى المستشفى بإصابة متوسطة وبعد خروجه من المستشفى بيومين تنهار اعضائه ويؤدي ذلك إلى الوفاة، كما أن انهيار المناعة يتيح الفرصة للإصابة بأنواع مختلفة من الفطور، أهمها ما يسمى بالفطر الأسود او فطر الغشاء المخاطي، الذي يتركز في الجيوب الأنفية والرئتين، وفي حال لم يعالج يصل الدماغ، ويكون إنذاره سيئاً عند مرضى السكري والفشل الكلوي، إضافة إلى مبار السن ممن تجاوزوا ال 65 عام. وفي دير الزور تم تأكيد أربع حالات إصابة بالفطر الأسود، ثلاثة منها تطورت إلى الوفاة، والرابعة شفيت لكن بعد استئصال عين المصاب وجزء من الجيوب والأغشية المخاطية في الأنف.
بعدسة الكاتب