- Home
- مقالات
- رادار المدينة
كاميرات المراقبة في مناطق الجيش الوطني .. سلطة (الضبط) الجديدة التي بدأت من السوق
عرضت عشرات الفيديوهات التي توثق لحظات وقوع أحداث مختلفة في معظم مناطق انتشار "الجيش الوطني"، تم تصويرها بكاميرات المراقبة التي باتت منتشرة بشكل كبير في معظم المحال التجارية على اختلاف أنواعها، وعلى الطرقات وعند مداخل الأبنية؛ الأمر الذي رآه البعض خطوة في طريق المزيد من الأمان، في حين عدّه البعض انتهاكاً للخصوصية وتهديداً للحميمية والانفراد بالجسد، بينما لم تظهر حتى الآن أصوات مناوئة لهذه "السلطة غير المتجسدة" التي تعمل على "الضبط" وأشياء أخرى مثل المساعدة في تكميم الأفواه.
ينظر البعض إلى المراقبة المسجلة كأمر إيجابي بسبب الخوف من دعاوى كيدية، فإثر انتشار فيديو يوثق براءة شاب من دعوى الاعتداء على إحدى النساء في جنديرس، قام محمد (صاحب محل تجاري في جنديرس) بتركيب أربع كاميرات مراقبة تغطي كل جوانب محله "تحسباً لأي طارئ"، ويقول: "ما تعرض له الشاب يمكن أن يتعرض له أي صاحب محل. الفيديو يعتبر دليل قاطع لا شك فيه في حال حدوث أي مشكلة، إضافة إلى مراقبة المحل بشكل دقيق منعاً للسرقة أو حدوث خطأ أثناء حساب الزبائن".
بينما يعتقد البعض أنها تساعد في إحلال الأمن، بسبب الخوف الذي قد تبثه في نفوس من يفكرون في ارتكاب الجرائم، إذ باتت كاميرات المراقبة منتشرة في كل مكان. عبد الله عبدو من سكان عزاز يرى أنها ساعدت في حل كثير من القضايا الأمنية والقبض على أشخاص قاموا بعمليات سرقة أو تفجيرات، ويستطرد "عندما يشعر مرتكبو هذه الجرائم أنهم تحت المراقبة فلن يجرؤوا على ارتكبها".
ومحلات الصرافة التي يمكن اعتبارها أهم الشرايين التي تغذي السوق، تعد أولى المحلات التي اعتمدت على أنظمة المراقبة لدواعٍ أمنية أو لمراقبة العاملين، يقول محمد (اسم مستعار لصاحب محل صرافة في عفرين): "مراقبة الصندوق من أهم مراحل العمل. وتؤمن كاميرات المراقبة رقابة دقيقة على الزبائن والعاملين في المحل".
في حين اعتبر خليل العامل في محل الصرافة ذاته، أن كاميرات المراقبة تجعل جو العمل منضبط ولا مجال للتلاعب في الحسابات. يوضح الشاب: "تساعد الكاميرات على تحديد موضع الخطأ، وأحياناً تحديد الأشخاص الذين قاموا بتصريف عملات مزورة لم نستطع اكتشافها مباشرة".
يُركب ميسر صاحب "شركة الياسمين" في جنديرس، كاميرات مراقبة لخمسة وعشرين محلاً -وسطياً- في الشهر، ويشرح حول عمله قائلاً: "وصول الكهرباء سهل عملية تركيب أنظمة المراقبة، إذ أنها تحتاج لإمداد مستمر بالتيار الكهربائي، وهي تعطي نوع من الرقابة المستمرة داخل المحال التجارية".
وهنالك نوعان رئيسيان يتم تركيبهما بحسب ميسر، الأول يعتمد على جهاز DVR (موزع يتم توصيل الكاميرات به عبر كابلات و تخزين الفيديو) يمكن توصيل من أربع إلى ثمان كاميرات عليه، ويمتلك سعة تخزين كبيرة عبر كرت ذاكرة تصل إلى واحد تيرا بايت، ويمكن منه أن يتم عرض مباشر للتصوير عبر شاشة عرض، ويمكن توصيله بالإنترنت لمراقبة الكاميرات عبر برنامج في الجوال بشكل مستمر في أي وقت، وتبلغ كلفة تركيب هذا النظام 300 دولار أمريكي وسطياً.
أما النوع الثاني فيتكون من كاميرا واحدة موصلة بالإنترنت بشكل مستمر وتوصل بالجوال عبر الواي فاي، لكنها لا تحوي كارت ذاكرة بل تعتمد على ذاكرة تخزين الجوال، وهي تعطي رقابة مستمرة للكاميرا من أي مكان عبر برنامج في الجوال، ولكنها تتوقف عن العمل في حال تم انقطاع الإنترنت، ويبلغ سعرها بين 40 دولاراً للكاميرا الداخلية و 60 دولاراً للكاميرا الخارجية.
صارت المراقبة المصورة والمحفوظة سلطة تفرض نفسها، وتتكيف مع وجودها أو تحاول توظيفها السلطات الأخرى، فلا حاجة لوجود موافقة من "السلطات الأمنية" لتركيب الكاميرات، إلا أن قائد شرطة جنديرس عبد الإله حمادين لفت في حديث ل "عين المدينة"، إلى بدء جهاز الشرطة بعملية إحصاء لكاميرات المراقبة الخاصة لحصر أماكن وجودها ومعرفة أصحابها والغاية من تركيبها، وفي حال حصول أي طارئ أمني أو جنائي قريب من مكان الكاميرا يسهل العودة إليها بشكل فوري وسريع.
من السوق انتشرت الكاميرات، وصارت تظهر عند مداخل ومخارج المدن والتقاطعات الرئيسية، حيث وضعها جهاز الشرطة كنوع من الإجراء الأمني والرقابة المسبقة في حال حدوث أي طارئ. كما بدأ أصحاب أو سكان المباني الطابقية يلجأون إلى تركيب أنظمة المراقبة على مداخل أبنيتهم تخوفاً من عمليات السرقة.
لم تتكون حتى الآن ردة فعل على انتشار المراقبة، لكن نساء كثيرات بدأن بالتململ. إذ تشعر فاطمة (مهجرة من دمشق تقيم في جنديرس) بالمراقبة المستمرة مع انتشار الكاميرات الكثيف، ما يجعلها تحسب حركتها قبل القيام بها كما توضح، لأنه "ليس هناك رقابة على نشر الفيديوهات المسجلة عبر تلك الكاميرات، ما قد يضع الشخص في حرج حال ظهوره في أحدها أثناء مروره وقت حدوث أمر ما".
قائد شرطة جنديرس علق على ذلك بأن "النشر يفترض أن يكون عن طريق الأجهزة الأمنية حصراً وبموافقة النيابة العامة، لكن لا يوجد ضبط لهذا الموضوع بالوقت الراهن".
وتتخوف كثير من النساء في المنطقة من أنظمة المراقبة عبر الكاميرات المنتشرة نتيجة الشعور بانتهاك الخصوصية المستمر، وخاصة في الأسواق التجارية ومحلات بيع الملابس النسائية، وترى أم محمد (مهجرة في عفرين) أن وجود الكاميرات داخل محلات بيع الألبسة النسائية يسبب مشكلة كبيرة، وتتابع "أخشى وجود كاميرات سرية (مخفية) داخل غرف تبديل الملابس. لا أسمح لبناتي بقياس الملابس الجديدة داخل تلك المحلات، لما تحمله من مخاطر عبر التجسس على خصوصية النساء أحياناً".