- Home
- مقالات
- رادار المدينة
في منطقة قسد بدير الزور.. منظمات تطلق مشروعاً لتمكين المجتمع المحلي وتعزيز دور الأهالي
تحت منظومة حكمٍ تعثرت في تقديم الخدمات للسكان في منطقة سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدير الزور، وعجزت عن إرساء السلم الأهلي والحد من ظواهر الانفلات الأمني المتفاقمة، تبرز محاولات أهلية وأخرى تطلقها بعض منظمات المجتمع المدني الناشطة في المنطقة، لسد الفراغ الذي يخلقه ضعف تلك المنظومة أو عجزها، ومن هذه المحاولات مشروع "بوابة دير الزور" الذي أطلقته في شهر كانون الثاني الماضي منظمة "الشعب يريد التغيير" مع 9 منظمات محلية، بهدف تعزيز قدرات المجتمعات المحلية على أخذ زمام المبادرة كلما أمكن لمواجهة الأزمات التي تمر بها المنطقة، ولا سيما في مجال الخدمات العامة والأمن والصحة والتعليم.
بدأ المشروع بعقد جلسات حوارية مع الأهالي في قرى وبلدات عدة، تناولت أبرز المشكلات والاحتياجات العامة في كل قرية وبلدة، وبدا أن المشكلات الأبرز التي يعاني منها السكان واحدة أو متشابهة، سواء في الريف الشرقي أو في الغربي أو في قرى حوض الخابور في الشمال، وفق ما يقول أحمد أحد المشاركين في تنظيم هذه الجلسات لعين المدينة. وأبرز تلك المشكلات "حالة الانفلات الأمني التي يؤكدها عدد الجرائم المرتفع كل شهر، غلاء الأسعار وضعف القدرة الشرائية للناس، وانقطاع مياه الشرب ومياه الري خاصة بالريف الشمالي وقرى الخابور، إضافة إلى مشكلات أخرى في قطاع الصحة وقطاع التعليم".
ويضيف أحمد بأن هذا المشروع يشجع الأهالي على المبادرة وضمناً لجان الصلح الأهلية، التي تمكنت فعلاً من حل مشكلة انقطاع مياه الشرب في قريتي الصعوة بالريف الغربي، وإخراج مجموعة لقسد من مدرسة في بلدة الصور في الريف الشمالي تمهيداً لإعادة تأهيلها لاستقبال الطلاب.
لكن ثمة العديد من العقبات التي واجهها المشروع، في مقدمتها تراجع ثقة السكان بهذه المحاولات ومشاعر اليأس والإحباط لديهم من جدواها، يقابلها ضعف استجابة مسؤولي بعض اللجان أو القطاعات الخدمية المتفرعة عن مجلس دير الزور المدني التابع ل"الإدارة الذاتية"، الحال الذي دفع المنظمات المنخرطة بالمشروع لصيانة شبكة مياه في قرية جديد بكارة في الريف الشرقي، بعد أن تقاعست لجنة الخدمات التابعة لمجلس دير الزور المدني عن القيام بذلك.
يؤكد النشطاء المنخرطون ب"بوابة دير الزور" على استقلاليتهم كلياً عن السلطة القائمة، وبأن مشروعهم ينطلق من المجتمع المحلي، ويرتكز على دور الوجهاء والمتعلمين والنشطاء الاجتماعيين في كل قرية وبلدة، إذ "يمكن من خلال هؤلاء الحد من النزاعات الأهلية مثل النزاعات المرتبطة بالثأر" كما يقول حسين أحد المشرفين على المشروع الذي تركز بعض برامجه على حالة الانفلات الأمني التي تعاني منها المنطقة كما يثبت ذلك العدد المرتفع للجرائم المسجلة في كل شهر.
ويضيف حسين لعين المدينة، أنه يمكن لجهود الأهالي أن تنجح مثلاً في منع إطلاق النار في الأعراس، لما تسبب به ذلك من سقوط العديد من الضحايا في الأشهر الماضية، وآخرهم طفلة في قرية الصعوة في الريف الغربي، وقبلها امرأة في قرية الحصان. كما يمكن لبعض الأشخاص في كل قرية أن يساهموا في نجاح بعض حملات التوعية في المجال الصحي، للوقاية من الكوليرا وكورونا مثلاً، أو لتعزيز الوعي العام بأهمية اللقاحات.
ويشير مشرف آخر من مشرفي المشروع ويدعى أيمن، إلى أهمية هذا الدور بالتصدي لظاهرة تعاطي المخدرات، إذ يخطط القائمون على مشروع "بوابة دير الزور" على تنظيم حملات واسعة للتعريف بمخاطر هذه الظاهرة وآثارها الاجتماعية والصحية والأمنية المدمرة، ويأملون أن يشارك فيها إن أمكن خطباء الجوامع إلى جانب الفاعلين الاجتماعيين الآخرين.
قد يحقق المشروع بعض أهدافه كما يتمنى القائمون عليه، لكن نجاحاته حتى الآن نسبية، لأن منظمات المجتمع المدني والأهالي وحدهم لا يمكن أن يحققوا التغيير المطلوب، وفق من تحدثت إليهم عين المدينة من العاملين في المشروع. ويرى هؤلاء ومصادر محلية أخرى أن العوامل أو المسببات الأساسية للأزمات الاقتصادية والخدمية والأمنية التي تمر بها المنطقة، ترتبط إما بضعف نموذج الحوكمة مجسداً بمجلس دير الزور المدني وما ينبثق عنه من لجان وإدارات ومكاتب تعاني من محدودية القدرات والكفاءات البشرية في صفوفها، ومن الفساد والواسطة والمحسوبيات، أو بمخلفات الحرب والصراعات المتعددة التي مرت بها دير الزور وفي مقدمتها الخلايا الأمنية التابعة لتنظيم داعش، أو النزاعات بين بعض العوائل والمجموعات العشائرية، وأخيراً ما يخلقه أو يصدرّه النظام من المنطقة التي يسيطر عليها في محافظة دير الزور، من مشكلات اقتصادية وأمنية على وجه الخصوص.